- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
تأميم الإعلام.. كيف فقدت مصر قوتها الناعمة تحت الحكم العسكري؟
تأميم الإعلام.. كيف فقدت مصر قوتها الناعمة تحت الحكم العسكري؟
- 9 أبريل 2021, 5:34:16 م
- 734
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تم إعدام "هشام عشماوي" مرتين، ففي مارس/آذار 2020، وبعيدا عن الأنظار، تم إعدام "عشماوي"، وهو ضابط جيش تحول إلى جهادي وبات على رأس قائمة المطلوبين في مصر. وبعد شهرين من ذلك، شاهد ملايين المصريين "إعدام" أحد الممثلين الذي يؤدي دور "عشماوي" في "الاختيار" ، وهو مسلسل تليفزيوني يتناول قضية الإرهاب، أنتجته المخابرات المصرية.
وللترويج للمسلسل، سربت المخابرات مقاطع فيديو لعملية إعدام "عشماوي" الحقيقية، وكان مسلسل "الاختيار" ضمن الأعمال الدرامية الأكثر مشاهدة خلال شهر رمضان من العام الماضي، وهو موسم الذروة بالنسبة للتليفزيون المصري.
لطالما كانت صناعة التليفزيون والسينما في مصر موضع حسد في العالم العربي، فخلال القرن العشرين، كانت الأفلام المصرية من بين أكبر صادرات البلاد. ومن الرباط إلى بغداد، تعلم العرب اللهجة المصرية المميزة من خلال الأغاني والكوميديا. كما منحت هذه الصناعة الفنية مصر نفوذا ثقافيا، وكانت بمثابة ماكينة دعاية في أيدي حكامها.
فعندما انطلقت دور السينما بمصر في ثلاثينات القرن الماضي، وضع الملك "فؤاد" مقاطع تروج لشخصه قبل العروض السينمائية. وحرص الرئيس "جمال عبدالناصر" بدوره على التأكد من تصوير الأفلام للنظام الملكي الذي أطاح به على أنه فاسد وشرير.
لكن هوس "عبدالفتاح السيسي" بالسيطرة على الترفيه شديد حتى بالمعايير المصرية.
فبعد عامين من قيامه وضباط عسكريين آخرين بالإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطيا للبلاد (محمد مرسي) عام 2013، حذر "السيسي" نجوم الفن من أنهم "سيُحاسبون" إذا لم يعكس عملهم النظرة الإيجابية للدولة.
لقد قام "السيسي"، الذي بات رئيسا الآن، بتأميم وسائل الإعلام كلها، وإن لم يكن ذلك بشكل رسمي، وترك رجاله يتحكمون في البرامج التي يتم بثها.
في عام 2016، بدأت شركة مملوكة لمخابرات الدولة بشراء أكبر القنوات التلفزيونية الخاصة في مصر. ومنذ عام 2018، أنتجت إحدى الشركات التابعة لها، وهي "سينرجي للإنتاج الفني" (منتج مسلسل الاختيار)، معظم العروض الكبيرة التي يتم بثها خلال رمضان. يقول أحد المخرجين: "إنه احتكار".
لطالما كان هناك رقابة على الأعمال الفنية في مصر، ومع ذلك، سُمح في عهد "حسني مبارك"، الذي تولى الحكم بين عامي 1981 و2011، للأفلام بتصوير وحشية الشرطة والفساد وحتى المثلية الجنسية.
يقول المنتجون إن الأفلام التي علقت بالأذهان من تلك الحقبة سيتم حظرها اليوم، التلميحات الجنسية التي كانت شائعة في السابق باتت محظورة.
قد لا يتم تقديم الفقر المدقع؛ خشية أن يعتقد أحد أن مصر تعاني اقتصاديا، في حين يجب تصوير عناصر الأجهزة الأمنية على أنهم "أخيار"
يعتقد النظام اليوم أن الأفلام القديمة التي تظهر رجال شرطة قذرين غذت الاحتجاجات ضد الشرطة خلال الربيع العربي لعام 2011.
يقول "عزالدين فشير"، الدبلوماسي السابق في عهد "مبارك": "النظام يرى ما حدث قبل 10 سنوات فشلا ثقافيا".
تحظى أفلام الحرب المدعومة من الدولة والدراما البوليسية البطولية بشعبية كافية، لكن التليفزيون المصري بات أقل إثارة بكثير مما كان عليه قبل الانقلاب. كما تواجه الدراما المصرية منافسة متزايدة.
فلسنوات طويلة، تنافست الدراما السورية والتركية، التي تبث عبر الأقمار الصناعية، مع المسلسلات المحلية على وقت المشاهد المصري.
والآن، هناك مراكز إنتاج جديدة للدراما في الأردن والسعودية والإمارات.
كما تمنح منصات البث مثل "نيتفلكس" و"شاهد" (المملوكة لمجموعة إم بي سي السعودية) المزيد من الخيارات للمشاهدين.
إحدى الدلائل على تراجع القوة الناعمة لمصر هي أن جيل الألفية العربي عادة ما يكون أسوأ في فهم اللهجة المصرية من آبائهم.
لكن نظام "السيسي" يركز على التأثير على المصريين. ويروج مسلسل "الاختيار" لمزاعم مشكوك فيها حول جماعة "الإخوان المسلمين"، التي وصلت إلى السلطة قبل "السيسي".
أما فيلم "السرب"، وهو من إنتاج "سينرجي" أيضا، فيمجد الضربة الجوية المصرية التي قتلت 40 جهاديا و7 مدنيين في ليبيا.
يقول أحد المخرجين في القاهرة إنهم "يستخدمون مواهب أفضل وميزانيات أكبر ونجوم ألمع؛ لذا حتى لو كانت دعاية، فمن الواضح أن الجودة تتحسن".
وسيغطي الموسم الثاني من مسلسل "الاختيار"، الذي يُذاع هذا الشهر، مذبحة رابعة العدوية، عندما قُتل مئات المتظاهرين من جماعة "الإخوان المسلمين" على يد قوات الأمن (تحت قيادة السيسي) عام 2013.
وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الحقوقية الدولية، الحدث باعتباره "أحد أكبر عملية قتل المتظاهرين في العالم في يوم واحد في التاريخ الحديث". لكن العرض، بطبيعة الحال، يُقدم من منظور قوات الأمن والشرطة البطولية.