- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
بين الصين وتايوان.. "مضيق أزمات"
مضيق لا يتعدى عرضه 130 كيلومترا في أضيق نقاطه لكنه يشكل، منذ أكثر من 7 عقود، نقطة توتر جيوسياسية بين الصين وتايوان.
فمنذ انفصال الصين الشيوعية وتايوان في نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949، تحول المضيق الفاصل بينهما إلى عنوان عريض للأزمات.
والمضيق عبارة عن قناة دولية رئيسية لشحن البضائع وكل ما يفصل بين تايوان ذات الحكم الذاتي وجارتها العملاقة.
واليوم السبت، بدأت بكين تدريبات عسكرية تستمر ثلاثة أيام ردا على زيارة رئيسة تايوان تساي إينغ وين للولايات المتحدة، حيث التقت رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي في لوس أنجلوس.
ووصفت الصين التدريبات بأنها "تحذير شديد" لـ"القوى الانفصالية" التي تريد استقلال تايوان بالتواطؤ مع قوى أجنبية.
وبحسب التلفزيون الرسمي الصيني، تجري التدريبات على "تطويق كامل" للجزيرة.
وأوردت شبكة "سي سي تي في" أن "التدريبات اليوم تركز على القدرة على السيطرة على البحر والمجال الجوي والإعلام (...) لإحداث قوة رادعة وتطويق كامل" لتايوان.
تصعيد يشكل الحلقة قبل الأخيرة من تجليات غضب بكين منذ تجدد أزمتها مع تايوان عقب زيارة أجرتها الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة.
وإجمالا، يلخص المؤرخون أزمات مضيق تايوان في 3 نقاط:
الأزمة الأولى
في نهاية الحرب الأهلية الصينية، تمكنت قوات ماو تسي تونغ الشيوعية من طرد قوميي تشانغ كاي تشك الذين انتقلوا إلى تايوان.
واستقر الطرفان المتنافسان على جانبي المضيق: جمهورية الصين الشعبية في البر الرئيسي وجمهورية الصين في تايوان.
اندلعت أزمة المضيق الأولى في أغسطس/ آب 1954 عندما أرسل القوميون آلاف الجنود إلى جزيرتي كينمين وماتسو الصغيرتين الخاضعتين لحكم تايوان، على بعد كيلومترات قليلة عن البر الرئيسي.
وردت الصين الشيوعية بقصف مدفعي للجزيرتين ونجحت في الاستيلاء على جزر ييجيانغشان، على بعد 400 كلم شمال تايبيه.
وأُخمدت شرارة الأزمة في نهاية المطاف لكنها كادت أن تضع الصين والولايات المتحدة على شفير نزاع مباشر.
الأزمة الثانية
اندلع القتال مجددا في 1958 عندما قصفت قوات ماو بكثافة جزيرتي كينمين وماتسو في مسعى جديد لطرد القوات القومية المتمركزة هناك.
وخشية أن تؤدي خسارة الجزيرتين إلى انهيار القوميين وبالتالي سيطرة بكين على تايوان، أمر الرئيس الأمريكي حينها دوايت دي آيزنهاور قواته بمواكبة حلفائهم التايوانيين وتزويدهم بالإمدادات.
وفي مرحلة ما، فكرت الولايات المتحدة لفترة وجيزة في نشر أسلحة نووية ضد الصين.
وأعلنت بكين وقفا لإطلاق النار بسبب عجزها عن الاستيلاء على الجزر وفشل عمليات القصف في إخضاع القوميين، ومع ذلك استمرت قوات ماو في قصف كينمين بشكل متقطع حتى عام 1979 بموازاة حالة من الجمود.
الأزمة الثالثة
بعد 37 عاما على الأزمة الثانية جاءت الثالثة، ففي العقود الفاصلة، تغيرت كل من الصين وتايوان بشكل كبير.
وعقب وفاة ماو، بقيت الصين تحت سيطرة الحزب الشيوعي لكنها باشرت فترة إصلاح وانفتاح على العالم.
من ناحيتها بدأت تايوان في التخلص من سنوات حكم تشانغ كاي تشيك، بينما اعتنق كثيرون هوية تايوانية مميزة وليست صينية.
اشتعل التوتر مجددا في 1995 عندما بدأت الصين تجارب إطلاق صواريخ في المياه المحيطة بتايوان احتجاجا على زيارة الرئيس التايواني لي تين هوي إلى الجامعة التي تخرج فيها بالولايات المتحدة.
وأجريت مزيد من التجارب الصاروخية بعد عام، بينما نظمت تايوان أول انتخابات رئاسية مباشرة.
لكن الخطوات جاءت بنتائج عكسية، فقد أرسلت الولايات المتحدة مجموعتين من حاملات الطائرات لدفع الصين للتراجع، بينما فاز لي في الانتخابات بهامش كبير.
وبعد عام أصبح، نيوت غينغريتش أول رئيس لمجلس النواب الأمريكي يزور تايوان في خطوة غير مسبوقة، وتبعته بيلوسي بعد 25 عاما.