- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
الولايات المتحدة توجه أنظارها لثلاث انتخابات مهمة في المنطقة
الولايات المتحدة توجه أنظارها لثلاث انتخابات مهمة في المنطقة
- 30 مارس 2021, 2:38:15 م
- 1033
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قال عضو معهد السياسات بجامعة جون هوبكنز حافظ الغويل في مقال له على موقع " أوراسيا ريفيو"، الولايات المتحدة ان توجه أنظارها إلى انتخابات إسرائيل وفلسطين وإيران، في سياق عزمها على إعادة الانخراط بقوة في العالم، حيث ستؤثر نتائج هذه الانتخابات بشدة على ملف الشرق الأوسط، وستكون مؤشرًا على المواقف المحلية تجاه الديناميكيات المتغيرة.
وبالنسبة لفلسطين، فإن المواطنين الذين يذهبون إلى صناديق الاقتراع للمرة الأولى منذ 15 عاما، يسعون لتجديد انخراطهم السياسي في سياق إقليمي ودولي غير مبشر فيما يتعلق بالتسوية النهائية للقضية الفلسطينية.
ومن ناحية أخرى، فإن الانتخابات الإسرائيلية الأسبوع الماضي عمقت الأزمة السياسية بدلا من أن تقدم استفتاء حاسمًا بشأن رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، مما يعكس عمق المستنقع السياسي الذي يتسم به المشهد المحلي الإسرائيلي.
أما في إيران، فمن المحتمل ألا ينجو المعسكر الإصلاحي في الانتخابات مع فشل تخفيف العقوبات وتعمق الأزمة الاقتصادية، مما يصب في مصلحة المتشددين.
وتؤدي جميع السياقات الثلاثة لتعقيد الانسداد السياسي في هذه المجتمعات التي يضربها الاستقطاب بعمق، والتي يسعى فيها أحد الجانبين إلى الحفاظ على الوضع الراهن، في حين يطالب الآخر بالتحولات التي تشتد الحاجة إليها، مستعينا بالشرائح الغاضبة من الظروف المؤسفة.
استعصاءات سياسية متوقعة
وإذا كانت هناك علامة في نتائج الانتخابات الإسرائيلية لما ينتظر فلسطين أو إيران بعد الانتخابات، فربما سيستمر الانسداد السياسي فيهما حتى لو هيمنت الوجوه الجديدة على المناصب القيادية الرئيسية.
وفي الوقت نفسه، فإن إسرائيل ينتظرها نفس الانسداد السياسي الذي أنتج 4 انتخابات في عامين فقط، حيث سيتم تقديم نتائج انتخابات الأسبوع الماضي إلى الرئيس "روفين ريفلين"، الذي يجب أن يتشاور الآن رسميًا مع قادة الأحزاب السياسية الـ13 المنتخبة قبل أن يطلب إما من "نتنياهو" أو زعيم المعارضة "يائير لبيد" تشكيل ائتلاف.
لكن أي تحالف ينبثق من هذه الجولة الأخيرة من الانتخابات سيكون هشا ومحفوفا بالانقسامات التي تقلل من احتمالات نجاته.
أما بالنسبة لفلسطين، فإن دعوات الرئيس "محمود عباس" للانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو/أيار ويوليو/تموز هي تطور موضع ترحيب بعد الركود والانقسامات السياسية بفعل الخلافات بين السلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة و"حماس" التي تحكم غزة بعد صدع عام 2007، مما أحبط الهدف المشترك بالتحرر الوطني لدى 13 مليون فلسطيني في جميع أنحاء العالم.
ومن المأمول أن تحفز الانتخابات تغييرات مهمة، بما في ذلك الإصلاح المؤسسي الواسع، ليس فقط لمنظمة التحرير الفلسطينية الميتة إكلينيكيًا، وإنما أيضًا لمفهوم الحكم الذاتي الفلسطيني.
ولكن مساعي الفلسطينيين نحو الحكم الذاتي، لم تؤدِّ حتى الآن إلا إلى عصر مضطرب من التجاذب بين حكومة "عباس" و"حماس"، مما أثار الشكوك حول ما إذا كانت الانتخابات ستؤدي في الواقع إلى إصلاح ديمقراطي، أم ستكون جسرًا لاستمرار الوضع الراهن.
ووما يثير القلق أن مرسوم "عباس" للانتخابات تبعه مزيد من المناورات عبر الاعتقالات ذات الدوافع السياسية المصممة لتقويض المرشحين المتنافسين وحتى استقلال القضاء، بالنظر إلى دور الحكم القضائي في المسائل الانتخابية المتنازع عليها.
ولا يعتبر هذا النوع من التدخل جديدا ولن يكون الأخير، ومع ذلك فإن الانتخابات هي فرصة الفلسطينيين المحبطين من الانقسام السياسي والآفاق الاقتصادية القاتمة.
ومما يعزز احتمالات انعقاد الانتخابات حاجة "عباس" لإحياء وضعه السياسي داخل فلسطين وأمام المجتمع الدولي، ولا سيما إدارة "بايدن"، التي تأمل بدورها في إعادة الانخراط فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية في إطار السياسة الخارجية الجديدة للولايات المتحدة.
أما بالنسبة لـ"حماس"، فيمكن أن تؤدي نتائج مواتية لها بعد الانتخابات إلى زيادة شرعيتها وتأمين أدوار دائمة في القيادة الفلسطينية.
ولكن لسوء الحظ، من المحتمل أن تكون كل من "فتح" و"حماس" بصدد انسداد سياسي آخر، حيث ستتواصل الخلافات على القرارات، كما ستواصل "حماس" رفض المطالب بالتخلي عن أسلحتها.
إصلاحيو إيران بلا أمل
بالنسبة لإيران، فإن فرصة المعسكر الإصلاحي ضئيلة في الحصول على تخفيف العقوبات من إدارة "بايدن"، ويبدو أن معظم الإيرانيين غير مقتنعين بإعطاء المعتدلين فرصة ثانية وسط انكماش اقتصادي يقدر بـ5%، مع انهيار صادرات النفط وعجز تجاري بأكثر من 4 مليارات دولار.
أما ما يجعل تأثير حملة "أقصى ضغط" ملحوظًا بشكل خاص، هو أنه بعد توقيع طهران لخطة العمل الشاملة المشتركة، نما الاقتصاد الإيراني بنسبة 12.5% وتحقق فائض تجاري بأكثر من 6 مليارات دولار، وبالتالي فإن مقارنة ذلك بالوضع الحالي البائس الذي يتضمن ارتفاع معدلات البطالة والتضخم وانهيار العملة وتفاقم العجز المالي، يقلص فرص بقاء المعتدلين في السلطة.
وسيحاول المعسكر الإصلاحي إلقاء اللوم في الركود والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية على العقوبات الأمريكية، في حين أن المتشددين سيوجهون انتقاداتهم الشعبوية إلى الحكومة الإصلاحية وسيتهمونها بعدم الكفاءة.
لذلك، لم تظهر أي أسماء إصلاحية كبيرة في المرشحين القادمين المحتملين، بالنظر إلى تضاؤل فرص الفوز وعدم وجود فريق قادر على التوصل إلى صفقة نووية جديدة وتأمين تخفيف العقوبات.
ومع ذلك، فإن هناك مناقشات تشير إلى أن "محسن هاشمي"، ابن الرئيس الراحل "هاشمي رفسنجاني"، و"علي لاريجاني"، رئيس البرلمان السابق، قد يكونان مرشحين في الانتخابات المقبلة.
ولكن لسوء الحظ، حتى لو اختاروا الدخول في السباق الرئاسي، فلن يتمكنوا من جذب الدعم الوطني الكافي، ناهيك عن موافقة مجلس صيانة الدستور أو المرشد الأعلى "علي خامنئي" نفسه.
وليس من المستغرب إذن أن كفة التوقعات تميل لصالح المتشددين مثل "إبراهيم رئيسي"، رئيس السلطة القضائية والحليف الوثيق لـ"خامنئي"، و"سعيد جليلي"، ممثل "خامنئي" في المجلس الأعلى للأمن القومي.
وتشمل الشخصيات الأخرى المعروفة، رئيس البرلمان "محمد باقر قاليباف"، والجنرال "سعيد محمد"، وهو قائد في فيلق الحرس الثوري المسؤول عن قاعدة "خاتم الأنبياء"، ويبدو أن هذا الأخير يستوفي كل شروط المرشح الذي حث "خامنئي" الإيرانيين على انتخابه، فهو شاب وتكنوقراط و"ثوري"، أي أنه يجعل المحافظة والتشدد أكثر جاذبية للشباب الإيراني الساخط.
مؤشرات مهمة لواشنطن
ستهتم واشنطن بالتأكيد بنتائج كل هذه الانتخابات، ففي إسرائيل، كانت الانتخابات مؤشرًا على موقف الجمهور الإسرائيلي من استمرار "نتنياهو" رغم محاكمته بالفساد، بالإضافة إلى أن الانتخابات تعتبر استفتاء على التطبيع ومستقبل العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، وهي أمور يوليها البيت الأبيض اهتمامًا كبيرًا.
أما في فلسطين، فقد لا تنجح الانتخابات في إصلاح الانقسامات القائمة ولكن يمكنها فتح الطريق أمام تلقي المزيد من مساعدات المانحين مع إعادة القضية الفلسطينية للمداولات الإقليمية والدولية.
أما بالنسبة لإيران، فبالرغم من مخاوف فوز رئيس متشدد، إلا أن واشنطن لا تزال مصرة على عدم تخفيف العقوبات قبل المفاوضات، لذلك فحتى إذا فاز مرشح "خامنئي" المفضل بناء على وعوده بالصرامة تجاه أمريكا، فسوف تجبره الضغوط الاجتماعية والاقتصادية الداخلية على إعادة التفاوض بشأن اتفاقية العمل الشاملة المشتركة.