الموت (١)

profile
عبود مصطفى عبود كاتب وناشر
  • clock 2 أبريل 2021, 9:38:34 م
  • eye 985
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

إلى كل من فقد حبيبا أو عزيزا

إلى الأحياء الذين جرحت قلوبهم وتوجعت بعد مغادرة الأحبة أو رفاق العمر أو الأصحاب.

إلى كل هؤلاء لا تحزنوا ولا تبتئسوا لرحيل الأعزاء.. وتعالوا معا نتعرف على الموت، فربما المعرفة تخفف عنا ولو قليلا، ربما تحول أسانا على من رحل، إلى حبور وسرور بالنعيم الذي ينتظره، فتتحول أحزاننا إلى طاقة جبارة من الدعاء له، فيرحمه أرحم الراحمين ويتجاوز عن سيئاته، ويبدلها إلى حسنات.

أنا شخصيا بدأت علاقتي المباشرة بالموت عام ١٩٩٢ وكنت آنذاك طالبا في الثانوية العامة، في هذا العام فقدت أختي الأقرب إلى نفسي، وتوجعت وحزنت ورأيت الدنيا سوداء لا تساوي شيئا، وبمرور الأيام تعافيت وعدت إلى حياتي الطبيعية، لكن شغفي بمعرفة كنه الموت، وحال الموتى بعد الرحيل، زاد حتى استولى على كل تفكيري، فطفت أسأل الأكبر سنا، والمشايخ عن ماهية الموت، لكن لم يجبني أحد إجابة وافية، كل ما قالوه لا يزيد عن الموت علينا حق، وأنه البوابة إلى الدار الآخرة، وعذاب القبر والليلة الأولى فيه وكيفية الاستعداد لها.

ورغم أهمية كل ما سبق، لم أشعر أنه كافي أو قرب من نفسي وعقلي وشعوري معنى الموت كما أحسه أو كما أريد أن أحسه، فبدأت رحلة البحث عن ماهيته في الكتب، فقرأت لغز الموت للدكتور مصطفى محمود، وكان مجموعة خواطر فلسفية حول الموت والحياة، رائعة وأضافت لي الكثير، لكن الشغف ما زال والظمأ المعرفي لم يرتوي، فوصلت لكتاب قلق الموت من سلسلة عالم المعرفة، للدكتور محمد أحمد عبد الخالق، لكنه كان يحلل ويفسر ظاهرة القلق من الموت أي يتحدث عن مرحلة ما قبل الموت وليس عن الموت نفسه أو مرحلة ما بعده، ثم قرأت كتاب التذكرة بأحوال الموتى والآخرة للقرطبي، وأهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور لابن رجب الحنبلي، والحياة والموت للشعراوي، وأيضا لم أشعر بداخلي أنني صاحبت الموت أو عرفته أو أقتربت منه بما يكفي أو بما يجعلني لا أخافه ولا أشعر بالفجيعة إذا ما زار أحدا من أحبتي.

وهنا فكرت في البحث عنه في مسار آخر، في كتب الأدب والفلسفة، فقرأت رأي ابن رشد والفارابي، وذكي نجيب محمود، ثم قرأت نائب عزرائيل ليوسف السباعي، والسماء السابعة لنجيب محفوظ، وتعمقت أكثر فقرأت رسالة الغفران للمعري، والفردوس المفقود لملتون، والكوميديا الآلهية لدانتي، وشيئا فشيئا، وجدت الألفة بيني وبينه بدأت في النمو، وبدأت أخبار مغادرة الأحبة لا تزعجني بقدر ما تثير في نفسي الخيال، عن حياتهم بعد الموت وماذا قالوا ا لمن سبقوهم من أخبار وكيف تم استقبالهم... لكن عفوا.. لحظة، ليس هذا ما أريد قوله لكم، ولكني أردت أن تتعايشوا معي في رحلتي لمعرفة الموت ومصاحبته، وغدا أحكي لكم عن الموت مباشرة، وأدخل في صلب الموضوع.

للحديث بقية

التعليقات (0)