- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
الفريق عماد الزهيري يكتب: الرد العراقي بين ردود الأفعال والتخطيط الاستراتيجي
الفريق عماد الزهيري يكتب: الرد العراقي بين ردود الأفعال والتخطيط الاستراتيجي
- 12 يناير 2024, 4:17:49 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
(1)
عانى العراق من الغزو للكويت عام 1990 وليومنا هذا، من آثار القرارات الخاصة بمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، أي ما يقارب 32 عاما.
وبالرغم من تغيير النظام السياسي لصدام، ولكن لازال العراق يعاني من تأثير تلك القرارات والتي تنعكس سلبا على استقلاله وإراداته وسيادته، ولاسيما موارده المالية وصفقات تسليح وتجهيز جيشه، والحديث طويل ومزعج في هذا المجال.
(2)
كانت -ولازالت- الرؤية ضبابية في رأي العراقيين بوجود الأمريكان وقوات التحالف بعد عام 2003 إلى يومنا هذا. حيث تشتت تلك الرؤية وأدت إلى انقسامات واضحة بين الطبقات السياسية والقيادات العسكرية والأمنية، بين مؤيد ومعارض.
فمنهم من يرى مبررا لوجودهم، ومنهم من يرى غير ذلك، وتعامل الجميع -مع الأسف- بآراء ومصالح مرحلية، وليست مصالح العراق وشعبه كدولة تأسست منذ 103 أعوام. إن مرور الوقت على هكذا وضع شاذ سيؤدي إلى موت بطئ لأمننا القومي والوطني.
(3)
عندما تقرأ التاريخ تجد أن ما يجري في العراق من تحديات ومعاضل وأزمات مفتعلة ومصائب، كأنها تدور علينا فرض طبيعي كالفصول الأربعة.
ولا تسمح تلك الدوائر المتربصة بالعراق، من داخله وخارجه، أن يخرج من هذه الدورة التي أنهكت موارده وقدراته، وأفقدته الكثير مما أفاء الله عليه من موارد طبيعية وثروات معدنية وبشرية وموقع جيوسياسي.
ولازلنا نتعامل معها بردود الأفعال، وليست خطط ومشاريع استراتيجية، مع عدم الإيمان بروح العمل الجماعي وعقدة النقص والنقابية المقيتة.
(4)
أخطر ما يواجهنا، كمجتمع عراقي، بعد الحروب الكارثية منذ أربعين عاما، هو التفكك الاجتماعي الذي أضعف الزخم والوعي والإدراك والحس الوطني الداعم لوحدة العراق واستقلاله وكرامته وعزته وقراره؛ بسبب ضياع برامج التعليم الوطني، وانقسام المجتمع إلى (عرب وأكراد وتركمان وأقليات) وانقسامهم إلى شيعة وسنة وإلى مسلمين ومسيحين.
فأصبحت مصالحنا الفئوية هي الأساس في صناعة قرارتنا وبناء المزاج والرأي العام الداعم قرارتهم ومصالحهم الشخصية.
(5)
الخروقات العسكرية والأمنية منذ عام 2003، وبعد الانسحاب الأمريكي، كثيرة ومثيرة للجدل من أغلب الدول المجاورة للعراق وأمريكا وإسرائيل. ولكنها جميعا تم التعامل معها بميوعة عالية ولا مبالاة.
وأصبحت ردود الأفعال إعلامية لامتصاص غضب وزخم المنتقدين والممتعضين، وبروز ظاهرة التسقيط والتشهير وتحييد والتصدي لكل قائد وطني وعسكري يريد أن يبني موارد وقدرات القوات المسلحة العراقية.
حيث تم تعطيل الكثير من صفقات الأسلحة في سلاح القوة الجوية والدفاع الجوي، تحت حجج وأسباب متعددة، مما أفقد العراق قدرته على حماية سماءه. كما أن الإهمال الكبير لسلاح البحرية، جعل من المنشآت النفطية البحرية الخاصة بالتصدير مصدر قلق، مع عدم مشاكل الصيد والصيادين مع دول الجوار البحري.
ويبقى تطوير وتحديث ورفع جاهزية سلاح طيران الجيش، ودوره المحوري في محاربة الإرهاب وبسط الأمن الداخلي، هو الفيصل في فحص نوايا أصحاب القرار وصناعه من رفع جاهزيته. مع مراعاة أن الجيش العراقي منفتح ومنتشر لمحاربة ومواجهة الإرهاب وعمليات الأمن الداخلي منذ 19 عاما، بحرب مباشرة وغير مباشرة، مع حالة استنزاف لموارده.
(6)
يواجه العراق تحديات كبيرة في مصادر السلاح، وخاصة العقوبات المالية المفروض على روسيا، ومنع نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة من بعض الدول، لرفع قدرات الجيش.
مع وجود معاضل في إيجاد التمويل اللازم لصفقات مهمة للقوة الجوية والدفاع الجوي، وبناء البنى التحتية لمسارح العمليات الخاصة بالدولة العراقية، من إعادة تأهيل المطارات العسكرية، وسكك الحديد والمخازن والمستودعات، ومصادر المياه والوقود والمستشفيات والمدن الصناعية العسكرية الحربية.
(7)
مما تقدم، علينا الاستعانة بالقادة الوطنيين الشجعان، وأصحاب المواقف والحكمة والخبرة والدراية، لبناء منظومة عسكرية وطنية متكاملة، وإخراج الجيش من المحاصصة بجميع أنواعها، وتخصيص ميزانية سرية غير معلنة، مع اعتماد تنويع مصادر التسليح والتجهيز، وتشجيع التصنيع الحربي وبناء قدرات الردع الصاروخية ودون تردد، وإعادة النظر في تنظيم الجيش والقوات الأمنية، وتوحيد منظومة القيادة والسيطرة، وتقسيم ساحات العمل وتوزيع الصلاحيات، وإعادة مسك الحدود الوطنية.
(8)
إن وجود معايير دقيقة لاختيار منتسبي الجيش، ضباطا ومراتب، مع منظومة تدرج للضباط والمراتب، وتشريع قانون الخدمة الإلزامية، وقانون وزارة الدفاع، وإعادة النظر بالانفتاح والانتشار وبناء الاحتياط العزوم، للتعامل مع هذه الأزمات والخروقات على العراق وسيادته وأمنه القومي وإعادة النظر بالتحالفات والعلاقات الدفاعية، هو خطوة أولى بالاتجاه الصحيح لتعديل وتصحيح الأخطاء التي وقعنا فيها.
وحفظ الله العراق وشعبه ووحدته وجيشه، ورحم الله الشهداء، وحفظ الله الشرفاء والمخلصين من المؤمنين.