- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
الراية البيضا.. مسلسل مصري سبق عصره وتنبأ بالمستقبل 3-3
الراية البيضا.. مسلسل مصري سبق عصره وتنبأ بالمستقبل 3-3
- 4 مارس 2021, 2:36:59 ص
- 1318
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
توقع هدم قيم الجمال والتراث والحضارة والرقي .. وتطابق مشهد البلدوزر في هدم مقابر المماليك .. وإزالة فيلا الدكتور مفيد أبو الغار
فمن يوقف بلدوزر العسكر عن هدم آثار مصر ..ودهان التماثيل الأثرية بالدوكو والورنيش
نستكمل في الجزء الثالث من التقرير المطول رؤية تحليلية لمسلسل الراية البيضا الذي سبق الواقع وانتقد تغلب القوة والقبح والفساد والسوقية على الرقي والجمال والتراث والاصالة والعراقة .
على الجانب الآخر أو بالأصح المواجه للدكتور مفيد أبوالغار رمز الجمالة والرقي والتحضر توجد فضة المعداوي التي تمثل قيم القبح والاستغلال فتقسوا على "نونو وحمو "، صبيانها وتطردهما عندما يخطىء النونو ويتضامن معه حمو ، ثم تحتاج إليهما فتلجأ إلى حيلة رخيصة بأن تتفق مع حنفي البحر" د.سيد عبد الكريم "، بأن يوحي إليهما بأنه يريد لهما الخير وسيسعى لدى فضة ويرجوها أن تعيدهما وبالفعل تنجح الحيلة .
ورغم ذلك لم يظهر الكاتب فضة كوحش مجرد من المشاعر ولكنه أظهرها في شكل من قست الظروف عليه فشكلت شخصيته وصنعت طباعه فدفعته لأن يدوس على قلبه ويغلب رغباته ومصالحه على عواطفه ومشاعره ، وظل بها بقايا لشهامة ابن البلد، فترفض مثلاً في اللحظة الاخيرة ان تزوج سمحة لصبيها نونو لعدم رغبتهافيه ولتدني مستواه عنها ، وهذه الشهامة استثرمها محامي د.أبو الغار أكثر من مرة للنجاة من مكائد أبو طالب محامي فضة .
يتجلى القبح في أبهى صوره في تعامل سمحة ابنة فضة مع شقيقيها الأكبر منها سنا، واستغلالها نقاط ضعفهما لتحقيق مصالحها وتنفيذ رغباتها ومآربها .
وفي الثنايا مواقف طريفة كادعاء نونو الثقافة والتفسير الغريب للشعر والأمثال العربية .
وتستمر المعركة ولكل فريق أدواته فيحشد د.ابو الغار الإعلام معه من خلال السعي مع امل للعودة للصحافةـ حتى تنجح في نشر تقارير عن المعركة حول الفيلا، والإشارة إلى فساد جهل فضة فضة وسيطرتها، ونجاحها عن طريق الرشاوى للعاملين في المحليات في استخراج أمر هدم للفيلا بغير حق لعدم غلمام فضة للقيمة التاريخية للفيلا .. فيرد فريق فضة برشوة الصحيفة بحملة إعلانات ضخمة ، يدفع القائمين على الجريدة لوقف حملة أمل ، وردوا على جهل فضة بتنظيم حملة رعاية لقصر الثقافة الذي يعقد مؤتمراً تتحدث فيه فضة كراعية الثقافة في مدينة الثغر، ويقوم نونو بدور "الملقن " لها بطريقة مضحكة وكوميدية.
ويتفوق محامي فضة على محامي د.أبو الغار في نهاية الرحلة بأن يورطون أهم عنصرين في حملته " ذراعه الإعلامية ممثلاً في أمل والفنان الذي يحشد المثقفين " هشام انيس ، ويكملون مؤامراتهم المنافية للشرف والمروءة بتدبير مكيدة بأن يخدعوا هشام أنيس ويخبروه كذباً بأن والده مريض ، فيذهب هشام على عجل برفقة الصحفية أمل للاطمئنان على الوالد، فيقعون في فخ نصبه محامي فضة بأن استدرجهما إلى إحدى شقق الدعارة ليتم تخديرهما، وتحرير محضر ضدهما بارتكاب أعمال منافية للآداب ، وتكون هذه ورقة الضغط التي يستغلها محامي وفضة وفريقهم لكسب المعركة وإجبار د.مفيد على بيع الفيلا لهم وهو ما يحدث بالفعل، حيث يغلب د.أبو الغار قيم الشرف والمروءة على اغلى وأعز ما يملك " وهي الفيلا"، و بالفعل يذهب د.أبو الغار حاملاً راية بيضاء من قميص أبيض يمتلكه ويرفعه فوق غصن شجرة ليصنع "الراية البيضا"، ويوقع مرغماً ومجبراً ومستسلماً عقد بيع للفيلا ، ليخرج بعدها هشام وامل ويجمعان فريقهما من طلبة الجامعة الذين جمعتهم خطيبة سيد العربي وابنة شقيق زوج فضة، وكذلك الفنانون الذين يجمعهم هشام أنيس، وأبناء الإسكندرية الشرفاء الذين ساهم سيد العربي ونونو "سيد زيان" أحد صبيان فضة الذي يكتشف أن احد ابناء فضة مهندس يعمل في تهريب المخدرات والذي أجبر وأغرى والد نونو بأن يتحمل قضية تهريب مخدرات بدلاً من نجل فضة ..فينحاز حينها إلى جانب الحق والجمال والرقي .
وتتقدم فضة حملة الإزالة للفيلا فيقف لها اعضاء فريق أبو الغار ليكونوا حائلاً دون هدم التراث والجمال والحضارة ويجلسون أمام البلدوزر ، فتحمل فضة الميكروفون وتهدد بأنها ستدهس من يقف في طريقها، فيطلق فريق أبو الغار نداءه الأخير " الجالسون على الرصيف حول فيلا د.أبو الغار بالإسكندرية ينادونكم للجلوس معهم، حتى لا يُضطر د. مفيد أبو الغار وفريقه إلى رفع الراية البيضا ).
ويتبقى لنا التقييم العام للممثلين الذي كان رائعاً ومقنعاً في كل المشاهد تقريبا ، وهذا الدور للفنانة سناء جميل يختلف عن كل أدوارها ولذلك ترددت كثيراً في قبوله ولكنها لعبته باحترافية شديدة، وايضاً الأداء العام الجيد لجميل راتب الذي خفف كثيراً من الكز أو الضغط على أسنانه، كما كان يفعل في معظم أعماله الأخرى، أما هشام سليم فكان كعادته لا يمثل ولكنه يعيش الدور ، وقد رسم المؤلف شخصيته بالمتصالح مع ذاته ومع تاريخه فلم يكن فناناً متغرباً أوبوهيمياً ولكنه رسام وفنان ويصلي الفجر في وقته مع والده.
وتجلى سيد زيان في دوره للمثقف المدعي، أما عن الإخراج فكالعادة كان محمد فاضل رائعاً في قيادة فريق العمل باحتراف ووجه باقي عناصر العمل كالإضاءة والصوت وغيرها بحرفة جيدة ، واستخدم أسلوبه المشهور عنه في التصوير بكثرة استخدام "الزوم" في التصوير بالكاميرا على الحدث المقصود أو على جزء المعني من جسد الممثل كاليد أو العين، وإن كان ينقص العمل وجود تحف ولوحات فنية قيمة في فيلا الدكتور وعدم ظهور الجدار المرسوم عليه كله "لوحة الجص" التاريخية، كما ذكر على ألسنة العديد من الممثلين في العمل .
فمن يطلق النداء لنظام الحكم في مصر لوقف هدم أو إزالة قيم الجمال والرقي والحضارة ... وأين فريق د. مفيد أبوالغار الذي يشكل بأجساده حائط صد للبلدوزر الذي يهدم التراث .. أم أن النظام الحاكم في مصر يسعد ويتشفى برؤية الطرف الآخر وهو يرفع "الراية البيضا" .