- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
الدكتور حسن مرهج يكتب: مصافحة السيسي وأردوغان والتحولات الإستراتيجية.
الدكتور حسن مرهج يكتب: مصافحة السيسي وأردوغان والتحولات الإستراتيجية.
- 3 ديسمبر 2022, 12:45:37 م
- 450
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بات واضحاً أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومن خلال متابعة سياساته، أنه يعتمد على ما يُمكن وصفه، بالتحولات المفاجئة والالتفاف على المتغيرات الإقليمية والدولية. دليل ذلك، تصريحاته التي أدلى بها، سواء تُجاه سوريا، أو تلك التصريحات التي خص بها مصر، ليعقبها مصافحة حميمية بينه وبين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال انطلاق كأس العالم في قطر، وربطاً بذلك، ومع تصريحات أردوغان لجهة بدء العمليات العسكرية في شمال شرق سوريا، فقد كشف أردوغان عن عملية تطبيع العلاقات مع مصر في سياسته الخارجية، وكرر في خطاباته أن العنف ليس جزءًا من السياسة، ولدينا علاقات تاريخية مع شعب مصر، وواجهتنا بعض المشاكل في التسعة أعوام الماضية، لكن كان لدينا لقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بواسطة أمير قطر، وقلنا أن وزراء خارجيتنا يجب أن يجتمعوا معًا لتوسيع علاقاتنا. وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ، تأكيدًا على تصريحات أردوغان ، أن المشاورات السياسية بين نواب الوزراء قد تُعقد قريبًا ، وسيتم تعيين سفيري البلدين في الأشهر المقبلة.
حقيقة الأمر، إن التغيرات الإقليمية والدولية، فرضت على أردوغان إصلاح علاقاته مع دول الجوار، واليوم نجده يعود لإسرائيل، ويُغازل سوريا، وسيقوم بإعادة علاقاته مع مصر، وهنا لا يمكننا إنكار أن رجب طيب أردوغان، هو رجل متلون في السياسة، يسير وفق ما تقتضيه مصالحة السياسية والحزبية، لكن في المقابل، فإن الحرب التي بدأها أردوغان في المنطقة، أسفرت عن مواجهتهه لتحديات جمة، ومواجهات مع قوى متعددة في الإقليم، الأمر الذي أدى أيضاً إلى عزل تركيا وإضعافها إقتصادياً، لا سيما أنه دخل حرباً مع سوريا وخسرها، وكذا في ليبيا، وكان نتيجة ذلك أن أردوغان يعمل على تغيير مواقفه في مجال السياسة الخارجية.
في ذات السياق، فإن أردوغان يهدف من خلال التقارب مع مصر، إلى محاولة حل الخلافات في ليببا، إذ يعلم أردوغان أنه دون مساعدة مصر ودول الخليج الذين يعملون ضد أنقرة في ليبيا، لن يكون من الممكن حل الأزمة في هذا البلد. وبالتالي، فإن إنشغال روسيا والغرب بأوكرانيا ولا تولي اهتمامًا للتطورات في ليبيا ، يجب مد يد الصداقة إلى القاهرة حتى يتمكنوا من إيجاد حل لأزمة 11 عامًا في هذا البلد.
من ناحية أخرى، تتنافس مصر وتركيا مع بعضهما البعض للسيطرة على موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط ، وتحاول تركيا الحصول على جزء من احتياطيات الغاز الطبيعي في المنطقة وتحاول مصر أيضًا منع تركيا من هذه الثروة. لذلك فإن قضية الطاقة هي أحد متطلبات أنقرة لتحسين العلاقات مع القاهرة حتى تتمكن بسهولة من الاستفادة من الثروات الغنية في البحر الأبيض المتوسط.
وعليه، تخطط تركيا لتوقيع اتفاقيات طاقة مع مصر لزيادة ثقلها أمام اليونان في البحر المتوسط، وذلك بسبب أزمة الطاقة في أوروبا، إذ تريد تركيا أن تلعب دور ممر نقل الغاز إلى أوروبا من أجل الحصول على موارد مالية غنية لنفسها ، ويمكنه من البحر الأبيض المتوسط توفير جزء من احتياجات حلفائه الغربيين.
ختاماً، وضمن التحولات الإستراتيجية، ومنذ أن حدث التوتر مع جميع الأطراف الإقليمية خلال فترة حكم أردوغان، ها هو رجب طيب اردوغان، يحاول استئناف العلاقات الجيدة مع سوريا ومصر، كما يحاول أردوغان إقامة علاقات ودية مع جميع دول العالم والتعويض عن أخطائه عشية الانتخابات الرئاسية في يونيو 2023، ويحاول حل خلافات أنقرة مع مصر وسوريا خلال هذه الفترة المتبقية. لأن هذه ستكون ميزة له أمام منافسيه، ويمكنه استخدامها لجذب الرأي العام. لذلك فإن تسريع تطبيع العلاقات مع مصر له فائدة داخلية أيضًا ، لأن أردوغان يحاول إبقاء السلطة بين يديه وضمان قيادته لتركيا للسنوات الخمس القادمة.