الحارث طه يكتب: الاصطدام يولد الفرز .. البيت الأبيض وإعادة رسم خريطة العالم )١-٣)

profile
الحارث طـه صحافي سوري ، ومنتج إخباري، مقيم في هولندا
  • clock 1 سبتمبر 2023, 12:11:21 م
  • eye 573
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الأمور في تصاعد مستمر و الأحداث السياسة سريعة متلاحقة والتغيرات أصبحت جذرية. كانت تلك فكرة السياسة الأميركية الجديدة للعالم .

                                                                                                                         

بمجرد التفكير بالسياسة الأميركية سوف تدخل متاهة من التحليلات والتعقيدات, والتكهنات والماورائيات . فالتدخلات العميقة لفهم هذا السياسة تعلم أنها سوف تغير مصير أي بقعة على هذا الكوكب. ولعل التغييرات التي حدثت في العهد الماضي في منطقة الشرق الأوسط والتغيرات الجذرية على الأنظمة العربية تشير بشكل واضح علي أن هذا التغير  أنه صناعة أمريكية بامتياز . هنا يكمن التخطيط لأي تغير في أي منطقة في العالم  لا يمكن فهمه الا بعد عشرين أو ثلاثين عاما.

بدأت السياسية الامريكية بنهج وخطة جديد للمنطقة وأوروبا منذ ما يقرب من عشر سنوات, ومع انتشار أفكار الثورات الجديدة وما يسمى بالربيع العربي و الإصلاح للأنظمة المتهالكة. كان هنري كيسنجر مهندس السياسة الأمريكية ذكر  إن الخطة سميت "خماسية المراحل" وحتى يومنا هذا لا نزال لم نبرح المرحلة الثانية التي بدأت بعد الإطاحة بمعمر القذافي في عام ٢٠١٥ .

 كانت الخطة الأمريكية تعتمد على الاصطدام بين الشعوب نفسها لبناء منظومة فرز بمكونات جديدة بعيدًا عن المرجعية الدينية والعرقية والقبلية وحتى الطائفية التي غذتها بالسابق .

يأتي الفرز الجديد للشعب على أساس مجموعة تجتمع في ما بينها على المصالح, ثم يأتي الاصطدام بين الشعب الواحد ويبدأ بالفرز الجديد على أساس مصالح او المكتسبات ويكون هذا المجتمع الجديد خليط من أشخاص لهم أديان متعددة او طوائف أخرى أو أعراق مختلفة ويشكلون المجتمع الجديد مثل ما حدث في سوريا والعراق وحتى مصر .

 تأتي المرحلة الثانية من الخطة ألا وهي الاصطدام بين الشعوب التي تتشارك الحدود فيما بينها، يعني الشعوب الجارة. وهنا مرحلة أكبر، وتعتمد هنا السياسة الأميركية على الفكر القديم إنشاء خلافات محدودة تستطيع السيطرة عليها و توجيهه في صلب مصالحها الجيوسياسية . 

فكرة اصطدام بين الشعوب الجارة هي خلق مجتمع يحكمه المصالح والتغير المستمر مثل تركيا والعراق و تركيا و سوريا و إثيوبيا ومصر .

كانت سياسة الولايات المتحدة في المرحلة الثالثة من أكبر التحديثات بعد الحرب العالمية الثانية كان الاتجاه نحو أوروبا وصناعة مجتمع جديد وتغير فكري بعد سنوات طويلة  من الهدوء والرفاهية المطلقة لهذا القارة. كانت أوروبا بعيدة قليلًا عن توجهات السياسة الأمريكية بالتغير لكنها مزدهر بالوقت الحالي وواشنطن تعاني اقتصاديا . وكان السؤال الأميركي كيف نعكس هذا الازدهار الأوربي اقتصاديا على الاقتصاد الأمريكي .

على كل حال كانت المرحلة الثالثة من الخطة أو السياسة أمريكية هي اصطدام الفكري والديني والحضاري من خلال إغراق أوروبا بموجات كبيرة من اللاجئين من الشرق الأوسط وأفغانستان , وهذا الاصطدام يكون بين دول متحضرة فكريًا و علميًا مزدهرة,  و مجتمعات مثقلة بالحروب و ذكريات الموت والدمار , ويحمل الفكر الأصولي الملتزم دينيًا. 

أرادت أمريكا من خلال هذا الاصطدام إنشاء مجتمع في الجانب الأوروبي أولًا، على أن يكون غير متكتل وليس له مرجعية , وأن يكون أكثر برجماتية في حالة متغير دائم، ومن جهة المجتمعات المهاجرة تفكيك الفكر الديني الأصولي،  ونظام القطيع, واشباعه بالانحرافات الفكرية ، وتفكيك فكر العائلة من خلال عدم سيطرة الأبوين على الأبناء و الاندماج بالفكر الأوربي .

هنا لابد من طرح سؤال من قبل واضعي السياسة الأميركية, هل يفرز هذا الاصطدام مجتمع أوربي ملتزم اجتماعيًا وتصبغ بالقادم الجديد أو مجتمع ملتزم بالقوانين، ويسير على نهج الدستور الأوربي الذي يتغنى بها عبر التاريخ. 

نشأت فكرة دخول أوروبا ضمن خطة الامريكية وهو التغير الاعظم للعالم من خلال العلاقة المضطربة تاريخيا بين اوروبا والولايات المتحدة.  حيث كان واضحا في كتاب هنري كسنجر (العلاقة المضطربة) الذي تحدث فيها عن تلك العلاقة . وذكر إنه لابد من التوجه بسياسات جديدة تجاه أوروبا بطريقة أو بأخرى. فما كان واضعي السياسة الأميركية الجدد إلا خيارا واحدا،  هو اغراق أوروبا بمشكلات داخليه تأتيهم من الخارج كالهجرة بموجات كبيرة، لا تستطيع أوروبا  السيطرة عليها في وقت قصير. بجانب خلق تهديدات داخلية وتهديد داخلية تأتيهم من حدود الاتحاد الأوربي كحرب القرم،  والحرب على أوكرانيا، حروب الغاز. 

 كان للأمريكيين وجهة نظر مغايرة تجاه أوروبا حيث لا يمكن أن تعيد التاريخ مرة أخرى من خلال حرب عالمية ثالثة. فواشنطن فهمت الدرس بشكل لا يقبل الشك،  فلا حرب أخرى في أوروبا مهما كانت درجة الخلافات، والاختلافات. وكان لابد من بديل لرسم خارطة جديدة في أوروبا عن طريق فكرة " الاغراق الكبير" وتبدأ خطة الاصطدام.

 

يتبع 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)