البيدوفيليا pédophilie اضطراب اشتهاء الأطفال

profile
د. حبيبة بن مديوني أخصائية علم النفس الاكلينيكي وتعديل السلوك
  • clock 25 أبريل 2021, 11:34:01 م
  • eye 1370
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01


كم تثير هذه الكلمة من مشاعر الغضب والاستهجان وحتى الرغبة في الانتقام

ما هي البيدوفيليا:

هي اضطراب نفسي يصيب من بلغوا 16 سنة فأكثر، ويتميّز بالانجذاب والميول الجنسي للأطفال من كلا الجنسين أو أحدهما؛ وغالبًا للاطفال من سن 7 إلى سن 13 سنة، بحيث يكون فرق العمر بين المضطرب والطفل لا يقل عن ٥ سنين. وينقسم المصابون إلى الذين يعانون من خيالات واستثارة جنسية تجاه الأطفال تدفعهم نحو إيذائهم مع الشعور المستمر بالقلق والخجل والذنب، ومنهم من يصل بهم الأمر إلى درجة الاعتداء الجنسي والاغتصاب، وهم نادرون، وبين من يكتفون بالتحرش بهم من خلال مداعبتهم عن طريق اللمس، والتعرية، والتقبيل للتلذّذ ولإشباع الحاجة الجنسية الملحة التي تتملكهم. ويصنّف هذا الاضطراب في خانة اضطرابات الولع الجنسي Paraphilic Disordres. جل المصابين بالبيدوفيليا هم من فئة الرجال، وتعد النساء المصابات بهذا الاضطراب من الحالات النادرة. يجب علينا الآن التفريق بين الميل والاضطراب: فرّق عزيزي وعزيزتي هنا بين الميل Pedophile وبين الاضطراب Pedophilic disorder: تشير الإحصاءات إلى أن 5% فقط من المصابين بالميل الجنسي للأطفال هم من يقومون بسلوكيات وفقًا لهذا الميل، بينما كثيرون (45% من المترددين على العيادات الجنسية) يطلبون المساعدة للتخلص من هذا الاضطراب. بمعنى أوضح ليس كل مصاب باشتهاء الاطفال يتحول إلى متحرش. (الانتقال من الفكرة إلى السلوك acting on). من المهم التنويه أنه في أغلب الحالات يكون المتحرش ذا صفةٍ سلطوية رسمية (من أحد أقربائه) أو اعتبارية على الطفل، ومعروف مسبقًا له، وقد يقع الاضطراب بين أفراد الأسرة الواحدة (ما يعقد وسائل الحل والوقاية المستقبلية والعلاج كما يعقد الحكم القضائي بالطبع). تشير الإحصائيات أن بين 10 و20% من الأطفال قد يكونون قد تعرضوا للتحرش -بكافة صوره- عند بلوغهم سن 18 سنة! هنا يبرز السؤال إذ أننا قد أشرنا سابقًا إلى أن هذا الاضطراب يصيب 3-5% فقط من الرجال، فكيف يحدث هذا؟ لا يمكننا الإجابة عن هذا السؤال إلا عن طريق فهم الطبيعة التكرارية القهرية للاضطراب إذ يتحرش المصاب بعدد كبير من الأطفال قبل افتضاح أمره.

التشخيص: يعتمد تشخيص الاضطراب على سلوك الشخص على أساس رغباته الجنسيّة أو أن يشعر بعدم راحة نتيجةً لرغباته أو خيالاته. من دون هذين المعيارين، قد يمتلك الشخص توجّهات بيدوفيلية (مريض الوسواس القهري)، لا اضطراب البيدوفيليا. إذ لا تحدث لدى مريض الوسواس القهري أي مظاهر فيسيولوجية دالة على الاستثارة عند التعرض للمثيرات المعتادة لمصاب اضطراب اشتهاء الأطفال مثل زيادة حجم القضيب أو الانتصاب، ما يجعلها وسيلةً سهلة وبسيطة للتشخيص الذاتي أيضًا. يقول راي برانجارد، الحاصل على شهادة الدكتوراه وأستاذ علم النفس في جامعة تورونتو: «يُتعرَّف على المتحرّشين بالأطفال عن طريق أفعالهم، في حين يُتعرَّف على مشتهيي الأطفال من خلال رغباتهم. يمتنع بعض مشتهيي الأطفال عن الاقتراب من أي طفل طوال حياتهم».

الأسباب: يرجع كثير من المتخصصين هذا الانحراف الجنسي إلى العوامل الآتية: 1- الطفولة والتجارب المبكرة: تعلمنا نظرية التعلم أن تعود الطفل أو كثرة تعرضه مجتمعيًا لمثل هذا المثيرات تحفز عنده هذه الخيالات، ومن ثم الممارسات عن طريق الارتباط الشرطي أو محاكاة (نمذجة) ما شاهده سابقًا. وهذا ما يؤكد خطورة شبكة «إيليسيوم» التي ذكرناها في المقدمة، إذ قد يحاول هؤلاء المنخرطون فيها تقليد السلوك الجنسي لمحاكاة ما يتبادلونه من محتوى.

2- أول تجربة جنسية: عادةً ما تكون التجربة الجنسية الأولى مشحونةً عاطفيًا فتُخزَّن بقوةٍ في الذاكرة نتيجةً لذلك -إيجابيةً أو سلبيةً– وهي ما تكون الخبرة اللازمة في هذا الصدد (الاستحسانات الجنسية). ويسبب ذلك قبول الشخص لاحقًا لاستمرار الإساءة له كشخصٍ بالغ أو على العكس من ذلك، ليصبح مسيئًا لغيره.

3- تعزيز الأفكار Reinforcement: عادةً ما تبدأ الاهتمامات الجنسية عندنا في سن مبكرة، ما يتيح لها مجالًا زمنيًا واسعًا للتعزيز عن طريق التكرار. ولأن التخيلات والأفكار الجنسية ذات طبيعة شخصية ليس من المقبول أن نشاركها مع الآخرين (الذين يمكنهم منعها أو تثبيطها)، فإذا ما كانت مثل هذه الأفكار «منحرفةً» فإنها مع مرور الزمن تتعزز في الذاكرة باستمرار، حتى تأتي المثيرات البيولوجية والخارجية لتحفيزها، عندها فقط يبدأ الشخص في إدراك أن مثل هذه الاهتمامات والدوافع المنحرفة تتعارض مع المعايير المجتمعية. ولكن بحلول ذلك الوقت، أصبح الاستخدام المتكرر لمثل هذه التخيلات متأصلًا، وأصبحت الأفكار والسلوكيات الجنسية المرتبطة بها هي المثير الوحيد. فإن الخيال الخاص بمكوناته الواعية وغير الواعية هو العنصر الممرض لـ«اشتهاء الأطفال»، مع وجود الإثارة الجنسية والنشوة كظواهر مرتبطة تعزز الخيال أو الدافع فقط، وغالبًا ما يمتد تأثير هذه التخيلات ومظاهرها السلوكية إلى ما وراء المجال الجنسي لتعم الحياة.

العلاج: توجد حتى الآن ثلاث وسائل للتداخل العلاجي في حالات اشتهاء الأطفال، وهي:

  • السجن أو العزل الجسدي عن المجتمع.
  • 2- العلاج الدوائي.
  • 3- العلاج السلوكي المعرفي Cognitive Behavior Therapy.
  • العلاج الدوائي يكون العلاج الدوائي عن طريق:
  • -علاج الاضطرابات المصاحبة مثل الذهان والاكتئاب.
  • -مضادات الأندروجين: والتي تهدف إلى خفض مستويات هرمون الذكورة (التستوستيرون) في الدم إلى تركيزاتٍ أقل من الطبيعية، ما يقلل عدوانية و شهوة المصاب. مثل أسيتات سيبروتيرون cyproterone acetate، وهي المادة الفعالة للاسم التجاري «ديان 35» المتوفر في الشرق الأوسط، وميدروكسي بروجستيرون أسيتات (ديبو بروفيرا) في الولايات المتحدة، وهو متوفر أيضًا في الشرق الأوسط.
  •  وقد يستخدم كذلك مثبطات استعادة السيروتونين، مثل فلوكستين (بروزاك).

التعليقات (0)