- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: الصحافة الحزبية في فلسطين
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: الصحافة الحزبية في فلسطين
- 2 يوليو 2023, 11:48:12 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
صحافة أساءت الى المجتمع الفلسطيني وثقافته وتماسكه ، بل ساهمت في تشتيت قواه وانهاكه في ظل حديثهم المتكرر عن الوحدة الوطنية والصمود والمقاومة ، حديث يعاكس التوجهات الحقيقية والعلنية في اسطوانة اصابتنا بالملل ، فأنفته نفوسنا ،فاستهجن الناس مردديه ، بعد أن بات واضحا للعامة والخاصة في وسط ازدحام الشعارات الكاذبة طغيان الايديولوجيا في صحفهم و مواقعهم الحزبية التي تثير حالة شديدة من الاستقطاب بمنعها نشر مقالات واراء تخالف سياساتها وتوجهاتها ، بل تحث قرائها باستمرار على انكار آراء الاخرين والتشدد تجاههم وتوجيه الاتهامات ضدهم ،ابواق لأحزابها و صوت فقط لأعضائه ومسؤوليه ، صحافة تمجد قادتها فقط وتمنحهم القدسية والعصمة الزائفة، صحافة حزبية عبثية تخضع لمصالح شخصية لمتنفذين وأصحاب مقامات عليا ، صحافة تفتقد المهنية والموضوعية تذوب في اجراءات حزبها العنصرية ضد مصالح الناس ، صحافة تعزز التعصب الحزبي والانقسام السياسي في مجتمع فلسطيني كان حتى وقت ليس ببعيد متنوع في أفكاره ومعتقداته السياسية والاجتماعية فيه المسلم والمسيحي ، الوطني والقومي واليساري يعيش حالة السلم الاجتماعي لم تعهده شعوب اخرى في منطقتنا العربية .
لا يهمهم الصوت الوطني الذي همه مصلحة الوطن والمواطن فقط فالوطن اغلى وأعلى من التحزب و الحزب أو المصالح الحزبية أو الشخصية .
فالصحافه هي السلطة الرابعة التي هي صوت الناس بمختلف انتمائتهم السياسية والدينية وهي صوت المظلوم والمهموم و المحتاج فالصحافه بحاجه الى النزاهة و الشفافية والتنوع والمسؤولية الوطنية فنحو بحاجة الى صحافة وطنية مسؤولة توقف هذه المهزلة .
كما نلاحظ في الإعلام العمومي غياب دور الإعلام منذ اكثر من خمس سنوات الأخيرة بالرقابة التي يجب أن يمارسها على السلطة السياسية، فلا يزال الإعلام الفلسطيني غارق في الانحياز والإثارة أكثر منه إعلام إنارة استنارة للرأي العام، ونلاحظ أن هناك العديد من الأزمات النسقية الشاملة التي يعشيها الإعلام الفلسطيني من سطوة السياسيين والمعلنين وفي بعض الأحيان سطوة السياسيين عبر المعلنين، وتحوّل وسائل الإعلام المحلية الفلسطينية إلى جهاز دعاية إلى الأحزاب السياسية، كونها تكتفي بإعادة بث خطاب السياسيين، ولا تنير هذه المنابر القارئ والمتتبع للأخبار وتعطيه المعرفة والمعلومات حتى يفهم الأحداث الواقعة في الحياة السياسية والمجتمعيّة في فلسطين، ناهيك عن أزمة الصحافة المكتوبة التي تعيش حالة موت سريري كونها لم تنجح في التفاعل مع المتغيرات التكنولوجية على مستوى البيئة الاتصالية الجديدة للإعلام الرقمي ولم تستطع التأقلم مع تحولات هذه البيئة في مستوى تنظيمها وعلاقتها مع الجمهور الشاب، مما ساهم في عزوف الشباب الفلسطينيين عن قراءتها، كما وأنها تعيش أزمة هيكليّة بنيوية عميقة جدا على كافة الأصعدة من التوزيع ومن هيئات التحرير وغيرها ويحق لنا أن نتساءل؛ هل مضامين الصحيفة الفلسطينية التي تباع بأقل من نصف دولار، كجودة مضامين الصحف التي تصدر في أوروبا وتبيع نسختها الواحدة بأربعة يورو، ولديها مساعدات من الدولة وسوق إعلان كبير وتهتمّ بصحفييها؟
لا تريد وسائل الإعلام الفلسطينية أن تنظر إلى مشكلة قطيعة ونفور الجمهور نحو استهلاك أخبارها، بسبب عدم تجديد خطابها وأسلوبها، فصار جزء لا بأس به من الجمهور لا يشاهد نشرات الأخبار ولا يقرأ الصحف أو يستمع إلى الإذاعة ويتجه نحو الميديا الجديدة ليستقي معلوماته لذلك يتوجه اغلب الجمهور نحو الفيس بوك وشبكات التواصل الاجتماعي للوصول إلى المعلومات والأخبار، لذا يجب على المؤسسات الإعلامية الفلسطينية أن تؤمن بالتفاعل مع المواطنين وتؤمن بدمج المواطنين في الحياة الإخبارية وبالشأن العام.