إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: الانتصار الوهمي.. والرقص على الدماء

profile
  • clock 11 يونيو 2024, 9:35:59 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في توقيت حساس، جاء تنفيذ الاحتلال الصهيوني عملية عسكرية واسعة ومفاجئة في مخيم النصيرات في وضح النهار ليرتكب مجزرة مروعة غالبية ضحاياها من الأطفال والنساء؛ ويعلن على أشلائهم الإفراج عن 4 من أسراه. وفيما يترقب الجميع رواية المقاومة لما حدث، يتوقف خبراء في الشأن الصهيوني عند دلالة توقيت هذه العملية التي جاءت لتخدم مصلحة نتنياهو في وقت كان هناك تقديرات بانهيار حكومة الحرب التي يقودها إثر الاستقالة التي كان يفترض أن يقدما بيني غانتس.

إن حالة الانتشاء الصهيونية التي جاءت بعد 245 يومًا من حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة ليست نهاية المطاف مذكرين بفشل الاحتلال في تحقيق أهدافه المعلنة رغم فاتورة الدم القاسية التي دفعها الشعب الفلسطيني عبر أكثر من 36 ألف شهيد وقرابة 84 ألف جريح، وتدمير هائل طال نحو 70 % من مباني القطاع.

إنه لا يمكن عد ما حصل إنجاز حقيقي، وخاصة بعد 8 أشهر من العدوان المتواصل، وبقاء أكثر من 120 أسيرا صهيونيا لدى المقاومة، في حين يدلل وجود الأسرى أحياء دليل حرص المقاومة على حياتهم، وأن جيش الاحتلال بعملياته وقصفه هو من يعرضهم للخطر والموت كما حصل سابقا، وقد يحصل في المستقبل.

إن نتنياهو يسعى بكل الطرق لاحتساب أي انتصار وهمي أمام الشعب الإسرائيلي، بسبب أنه في أزمة كبيرة مما تقوم به المقاومة من ضربات وتطورات كبيرة.

وإن الفترة الأخيرة شهدت تطورًا وتصاعدًا في الأحداث بشكل غير مسبوق داخليا و خارجيا على حكومة الاحتلال، وضمنها تهديد مجلس الحرب بالاستقالة، وهو ما تسبب في محاولة نتنياهو إنقاذ الموقف والخروج من العقبة المحبوس بداخلها.

وأن مقتل ضابط من الجيش الإسرائيلي خلال عملية تهريب المحتجزين، يندرج تحت العملية العسكرية الطبيعية، والتي قد يكون بها مكاسب، وأيضًا خسارة.

لكن إسرائيل تسعى بكل الطرق لتحسين الصورة، ورغم أن الأمر لم يتعدى تهريب 4 محتجزين، وهو رقم ليس بكبير، إلا أن نتنياهو يسعى بكل الطرق لتحسين صورته أمام المجتمع الإسرائيلي.

دلالات الحدث والتوقيت

إن ما جرى نقطة في سجل معركة مفتوحة، ولا يمثل إنجازاً نوعياً لجيشٍ يمتلك أعتى أسلحة القوة والمدعوم من أجهزة الاستخبارات العالمية والقوى الكبرى ، أمام مقاومة محدودة القدرات ومن الإجحاف عقد هذه المقارنة.

ووفق المعلومات الأولية؛ فإن قوات صهيونية تخفت في شاحنة تحمل مساعدات إنسانية لتصل عمق مخيم النصيرات وارتكبت مجزرة مروعة وعندما كشفت اندلعت اشتباكات ضارية قتل وأصيب فيها عدد من ضباط وجنود الاحتلال فيما استخدم الاحتلال طيرانه الحربي وقصفه المدفعي ليغطي على انسحاب القوة بأحزمة نارية وارتكاب مجازر دامية خلفت أكثر من 210 شهداء و400 جريح.

ويسجل للمقاومة نجاحها في اختراق الاحتلال بعجزه للوصول لها خلال الشهور الماضية مع امتلاكه وداعميه أحدث أنواع الطائرات التجسسية والعسكرية وسط النيران التي أفقدت العالم إنسانيته وآدميته، وفي حقيقة الأمر أنها نقطة تضاف بالمقابل لرصيد المقاومة في التخطيط والإعداد والمناورة والثبات رغم كل هذه القوى والتحديات.

استنفار دولة بأكملها بجيشها وأسلحتها وتخصصاتها واستخباراتها، كل قواتها لإطلاق بعض الأسرى يدلل على مقدار العجز الذي وصلت إليه وفقدان الثقة في قدراتها ومقدراتها وعملياتها أمام مقاومة باسلة أفقدت هذه المنظومة قيمتها وأفشلت أهدافها على مدار شهور عدة.
أن ارتكاب الاحتلال لمجازر عدة في حدث النصيرات، وسفك الدماء المتعطش لها، على مرأى ومسمع العالم من أجل تحرير بعض أسراه؛ يزرع في قلب كل فلسطيني الرغبة في أن يكون كل يوم هو 7 أكتوبر حتى دحر الاحتلال عن أرضه مهما كان الثمن.

تغطية الإخفاقات

ان توقف الاحتلال الإسرائيلي عن توظيف ما أعلنه عن الإفراج عن 4 أسرى له من قطاع غزة، للتغطية على كل إخفاقاته العسكرية والأمنية ورسم مشهد سياسي وإعلامي مختلف عن المشهد السائد على مدار أشهر.

ربما ينجح الاحتلال لساعات ليوم، لكن ستعود الصورة والمشهد الى سيرتها الأولى. فشل في تحقيق الأهداف المعلنة وأهمها تحرير 120 أسيرا (عسكريا) لا زالوا في قبضة المقاومة .

إنقاذ نتنياهو

ان أهم الدلالات التي تحملها عملية النصيرات أنها جزء من إدارة المعركة السياسية الداخلية لدى العدو، منبهًا أن توقيت العملية جاء لينقذ نتنياهو من تفكك تحالف الحرب، ويساعده في تجاوز إخفاقات وفشل ال 8 أشهر السابقة .

وإثر عملية النصيرات  في تراجع عضو مجلس الحرب غانتس عن مؤتمر صحفي كان سيعقده ويعلن فيه وفق التقديرات عن الانسحاب من حكومة الاحتلال.

إن الحملة الإعلامية المرافقة لعملية النصيرات والتي تحاول إظهارها كحدث له تداعيات هي محاولة لإرباك قرار المقاومة وسط الضغوط الأمريكية للقبول بالطرح الإسرائيلي لصفقة التبادل.

يتفق الخبراء على أن الاحتلال يسعى لإنجاز وهمي على دماء الشعب الفلسطيني والأطفال والأبرياء، وحقيقة هو لا يكترث لحياة أسراه، لأن عملية مثل هذه قد تؤدي لمقتلهم، أو مقتل جنود آخرين شاركوا بالعملية، أو ربما أسر جنود جدد، كما حصل قبل أيام في جباليا.
المقاومة قالت كلمتها مسبقا على أن “الثمنَ الذي سنأخذه مقابلَ خمسةِ أسرى أحياءَ أو عشرةِ هو نفسُ الثمنِ الذي كنّا سنأخذه مقابلَ جميعِ الأسرى”، فهل يرضخ الاحتلال لهذه الحقيقة أم يواصل تعنته و وحشيته .

التعليقات (0)