- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
أنس دنقل : ذكري قديمة أمل دنقل ومحمد عوده
أنس دنقل : ذكري قديمة أمل دنقل ومحمد عوده
- 18 يونيو 2021, 1:39:11 ص
- 1395
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كان امل دنقل شديد الحب والاحترام للكاتب والمفكر الراحل الكبير محمد عوده رغم اختلافهما فكريا وسياسيا وعمريا ..امل شديد الانتقاد للتجربة الناصرية..عوده شديد الحب والانبهار والولاء للتجربة والزعيم..
محمد عودة .. تختلف معه..لكن لاتختلف عليه .. سيرته العطرة.. مثقف كبير موسوعي.. ابن الشارع المصري بكل توجهاته لكن الولاء الاول لعبدالناصر..
تلقاه خارجا من أحد دور السينما..انيقا مهندما كأنه أحد لوردات العصور الوسطي..يحكي قصة الفيلم ..في النهاية..يقود الجميع في شبه مظاهرة جماعية لدار السينما يتقدمهم امام شباك التذاكر(يعرف ان كلهم يامولاي كماخلقتني !!).. في النهاية لامانع من وجبة سندوتشات عشاء.. جدعنه (كان كريما..متلافا.. اعتقد لم يكن متزوجا..يقضي معظم أوقاته.. رأئحا غاديا في شوارع وسط القاهرة.. ربما شقته في حي الدقي)..!!
في جلساته الخاصة يحكي كواليس وخبايا صاحبة الجلالة والفن والفنانين بروحه العذبة..ابتسامته الهادئة..عينيه الواسعتين الجاحظتين..تحتضن المكان والحاضرين.. تخترق الأعماق...( يقص عن : موسي صبري..فريد الأطرش..شاديه..حسن صبري الخولي الممثل الشخصي للرئيس جمال عبدالناصر يرسله لزعماء الدول بالخارج في مهمات دبلوماسية .. عمل لفترة رقيبا علي الصحف ..حذف جزء من مقال لعوده ..بعد حين..صدر عدد من جريدة الجمهورية.. المشرف علي تحريره عوده ..يحمل خبرا عن حسن صبري الخولي.. نسي جامع حروف المطبعة سهوا الياء الأخيرة للخولي .. فضيحة وازمة كبيرة لكلا من عوده والممثل الشخصي للسيد للرئيس..اعتبروها مقصودة !! )..
يحب امل رغم مشاكساته واختلافه معه..
المهم..قرب نهاية سبعينات القرن الماضي.. امام ساحة سيدنا الحسين ..خارجين من جولة تفقدية بشارع المعز لدين الله والغورية..امل دنقل والفنان الرسام الراحل الجميل جودت خليفة( الفنان العاشق للقاهرة المملوكية ..صديق فنانيها ومبدعيها الحقيقيين وصعاليكها وبسطائها )..معهما العبد الفقير لرحمة مولاه .. التقينا الكاتب الكبير محمد عوده.. في منتصف الميدان المواجه لمدخل المسجد..قرب المظلة الموجودة حاليا ..ينظر لساعته.. منتظرا احدهم..بعد السلام..
--.خير ؟؟ مستني مين؟؟
-- استنوا معايا.. شعراوي جمعه خرج من السجن من مده ..قاعد في بيته..محدش سأل عليه من اصحابه ..نفسيته تعبت.. رحت له ..طلعته .. اروح عنه..دخل الجامع يصلي ..دلوقتي يطلع..فرصه ترفعوا معنوياته معايا..راجل وطني عظيم ..الراجل-- يقصد السادات-- حطم اعصابه في السجن..محتاج حد يخفف عنه..
مستطردا في الحديث عن مآثر وزير الداخليه السابق -- من سجنه الرئيس السادات فيماسمي بثورة التصحيح( عندما كان وزيرا للداخلية أعاد افتتاح سجن القلعة .. سجن رهيب..قديم..أقبية من العصور الوسطي ..افتتحه وكان أول ساكنيه!! )..
--..امل دنقل ينظر لعوده مستعجلا متحفزا متعجبا.. منتظرا ان ينهي عوده قصائد مديحه في الوزير الأسبق..
امل يسأل -- الراجل ده لما كان وزير داخلية ..مش كان بيحبس المخالفين له في الرأي ؟؟ امال زعلان ليه من السادات لما قبض عليه ؟؟!!
عوده يرد : هم كانوا بيدافعوا عن الوطن..
امل: الله..هو كل واحد يختلف مع التأني يقول لنا الوطن..هو الوطن ده نقالي معانا كلنا !! ياعمنا ده صراع قوي مع بعضهم ..بس اللي مايقدرش يدافع عن نفسه..ح يقدر يدافع عن وطن..ازاي ؟؟!! لا أحترم ولا احب ..غير متعاطف مع اي واحد يحبس صاحب رأي..خليك معاه..سلام..
امل يسارع يالانصراف..
عوده يخاطب جودت خليفه : سيبك منه ياجودت..ده صعيدي قفل..تعالي معايا..
جودت يضحك قائلا: رايحين..انا والراجل الطيب ده-- أشار ناحيتي--.. نشرب كوبايتين شاي ..نلعب دورين طاوله في النصبة اللي ورا سيدنا الحسين..لو يحب ييجي ..هاتوا معاك..بالمرة يشرب سحلب عندهم سحلب.. عسل.. ولا حلبة حصي مايضرش ..مش خسارة فيه..اهو كله من فضلة خيرك ياعمنا..
كنا نتجه لمدخل خان جعفر شمال مدخل سيدنا الحسين ..شاهدته..شعراوي جمعه بوجهه الممتلئ المدور.. يخرج من المسجد متثاقلا ..ينحني .. يلبس حذائه.. لو كان الان فوق كرسيه لانحنت رقاب تحتضن الحذاء النبيل..دنيا مادامت لأحد ..محدش واخد منها حاجه إلا الذكري الطيبة ..
تذكرت من قال: "البلد دي.. كرسي يلمها.. كرسي يفرقها !! "
كثيرون حول الكرسي..قليلون حول الوطن !!