- ℃ 11 تركيا
- 4 نوفمبر 2024
أشرف الصباغ : يكتب عن تصريحات بوتين النارية وتهديده بالنووي
أشرف الصباغ : يكتب عن تصريحات بوتين النارية وتهديده بالنووي
- 23 يونيو 2021, 8:38:26 م
- 1006
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أدلى اليوم كل من الرئيس الروسي ووزير دفاعه ورئيس أركانه بتصريحات نارية، مليئة بالتهديد والوعيد والضرب بالحديد، وبأن موسكو ستضرب بالنووي، وأوروبا قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، وروسيا تتسلح حتى أسنانها... كل ذلك عادي وطبيعي بعد القمة الفاشلة التي عكست مدى الهزال الذي طال موسكو، ولجوئها إلى الحنجوري والحملات الإعلامية السوفيتية المضحكة، ومحاولات استدرار العطف، وإطلاق تصريحات للرأي العام الداخلي تختلف عن التصريحات الموجهة للرأي العام العالمي...
من الطبيعي أن تطلق موسكو تصريحات وتحذيرات وتهديدات، لأن الوضع فعلا سيء للغاية على مستوى الاقتصاد، وتحت عبئ العقوبات الكثيرة والثقيلة. وعلى الرغم من أن الطرف الروسي كان يعرف أن القمة متواضعة ولن تسفر عن اختراقات ملموسة، لكنه لم يكن يعرف أنها ستكون فاشلة بامتياز، وأن واشنطن لديها بنود أخرى تماما على أجندتها، بينما كانت موسكو تتوقع بنود أخرى تماما، وقامت بتحميل أجندة اللقاء عشرات البنود التي يمكن أن توصف بـ "القمامة" التي لا تهم أحدا، خاصة وأن واشنطن تعرف جيدا ماذا تريد. بل ونجحت في رأب الصدع بينها وبين أوروبا، وبينها وبين أعضاء حلف الناتو، وقامت بتنشيط مجموعة السبع الكبار الأمر الذي استفز الصين أيضا. وهو أمر اقتصادي مهم يركز جيدا على وضع الصين في حجمها الحقيقي، بعيدا عن المبالغات والحملات الإعلامية والشوق إلى الماضي الصيني السعيد والحنجوري الذي يسكر العرب ويشعرهم بوجودهم.
كل ذلك كان من الطبيعي أن يحدث، وأن تنزعج روسيا وتغضب. لكن الأمر غير الطبيعي هو أن يرى المحللون العرب ووسائل الإعلام العربية أن قمة بوتين وبايدن كانت ناجحة وأنها حققت نتائج جيدة. والأكثر إثارة للدهشة والاستغراب أن الأطراف العربية "الغريبة" ترى أن تصريحات روسيا عبارة عن تصعيد وخطوة مهمة لردع أمريكا وأوروبا. وطبعا هذه التقديرات ناجمة عن الخبرات والتجارب العربية المضحكة والمثيرة للسخرية، والتي تعتبر أن التصريحات الساخنة تقوم بدور مادي ملموس، وتعتبر بحد ذاتها إنجازا خلاقا ورادعا، وأن الحنجوري والتحذيرات والتهديد والوعيد إنجاز عسكري جبار وانتصار خالد على العدو والمستعمر. بينما روسيا غاضبة للغاية (وواخدة على خاطرها) لأنها في موقف سيء، بل وتم إحراجها في أكثر من ملف. كل ذلك يتجاهله المحلل العربي ووسائل الإعلام العربية ليقدموا إلى أصحاب القرار لديهم تقارير خاطئة وغير دقيقة من جهة، ولكي لا يغضبوا الرفيق الروسي الشقيق الذي يدعمهم ويفتح أمامهم آفاق المستقبل للعلوم والتكنولوجيا وعربات المترو والعالم الرقمي المجيد...
القمة فاشلة بامتياز، وروسيا غاضبة للغاية. ومع ذلك ستقوم موسكو بما سيطلبونه منها في أفغانستان. وسيتركونها عشرين أو ثلاثين عاما في سوريا، بينما تعمل جمهوريات آسيا الوسطى بهدوء مع أوروبا والولايات المتحدة. أما ملف أوكرانيا والقرم والحريات والتجسس السيبراني والعقوبات وحرمان موسكو من التقنيات الدقيقة، فهي ملفات خطيرة ومهمة وتؤثر بقوة وبقسوة على الداخل الروسي.