- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
أسعد عبود: مارك ميلي الجنرال الأكثر واقعية
أسعد عبود: مارك ميلي الجنرال الأكثر واقعية
- 23 أبريل 2023, 4:59:13 م
- 496
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يبدي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي دوماً تحفظاً في التصريحات التي يدلي بها عن النزاع الأوكراني ولا يذهب بعيداً في تبني لغة تتسم بالتشدد كتلك التي يستخدمها مسؤولون أميركيون وأوروبيون آخرون، بمن فيهم وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن.
في الإجتماع الأخير الذي عقده ممثلو 50 دولة تقدم مساعدات لأوكرانيا في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا، قال ميلي إن دبابات “أبرامز إم 1” التي تستعد الولايات المتحدة لإرسالها إلى أوكرانيا في غضون أسابيع، من المتوقع أن تحدث “فارقاً على الأرض لأنها الدبابة الأفضل في العالم”. لكنه استدرك قائلاً: “لكنني سأحذر أيضاً من أنه لا يوجد حل سحري للحرب”.
وسبق لميلي أن أعرب أكثر من مرة سواء في مؤتمرات صحافية أو في شهادات أمام لجان الكونغرس، عن شكوكه في إمكان أن تتمكن كييف هذا العام من طرد القوات الروسية من كامل الأراضي الأوكرانية.
وفي ظل الإلحاح الأوكراني على الحصول على مقاتلات أميركية من طراز “إف-16″، شدّد ميلي على أن الطريقة الأجدى “من حيث التكلفة والفعالية” للسيطرة على المجال الجوي في الوقت الحاضر، هي من خلال أنظمة الدفاع الجوي بدلاً من الطائرات المقاتلة.
مواقف ميلي تتباين على نحو ملحوظ مع تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ خلال الاجتماع نفسه في رامشتاين، إذ قال أنّه “واثق” من أنّ كييف قادرة على استعادة مزيد من الأراضي في وقت تستعد فيه لشنّ هجوم مضادّ واسع النطاق.
أما لويد أوستن فكان أول من أثارت تصريحاته عن “إضعاف روسيا” لغطاً في الإجتماع الأول للدول الداعمة لأوكرانيا، قبل أن تصدر إيضاحات أميركية تؤكد أن غاية واشنطن من دعم كييف هو مساعدتها على تحرير أراضيها وإلحاق الهزيمة بالقوات الروسية في أوكرانيا تحديداً.
قد يكون الحذر الذي يلتزمه مارك ميلي نابعاً من قراءة أكثر واقعية للأحداث وسير المعارك على الأرض. وثمة شكاوى في الولايات المتحدة من أن بعض أنواع الأنظمة والذخيرة في المستودعات الأميركية آخذة بالنفاد بسبب كميات الأسلحة التي أرسلت إلى أوكرانيا. وبلغت القيمة الإجمالي للمساعدات العسكرية الأميركية حتى الأسبوع الجاري 35 مليار دولار. إنه مبلغ قياسي في هذا الزمن الذي لا يتعدى الـ14 شهراً.
والحكومة البريطانية أعلنت رسمياً قبل أيام، أنها في حاجة إلى عشرة أعوام، لتعويض كميات السلاح التي أرسلتها من مخازنها إلى أوكرانيا.
وفي الأول من نيسان (أبريل) الجاري، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في مقابلة مع صحيفة “فيلت آم زونتاغ” إن نقل أسلحة لأوكرانيا لدعمها في الدفاع عن نفسها، أدى إلى توسيع الفجوات في الجيش الألماني، ورأى أنه لا يمكن سد هذه الفجوات بالكامل قبل عام 2030.
الجنرال مارك ميلي
دول أوروبية أخرى ليست بحال أفضل، وإن كانت لا تعلن عن ذلك.
وهذا يطرح تساؤلاً جدياً في الغرب وتحديداً في الولايات المتحدة عما يمكن أن يحصل في حال نشوب نزاع آخر في العالم، وكيف يمكن تلبية حاجات جبهتين في آن واحد. وماذا لو تدهورت الأوضاع في تايوان وقررت الصين مهاجمة الجزيرة؟ وماذا لو اندلعت حرب بين الكوريتين، وهذا أمر أكثر من محتمل، في ظل التجارب الصاروخية الكورية الشمالية شبه الدائمة، والرد الجنوبي عليها بمناورات مشتركة مع الجيش الأميركي.
إن اعتدال مارك ميلي له ما يبرره وينطلق من حسابات غير حسابات السياسيين الذين يغالون في التصعيد ودفع الأمور إلى حافة الهاوية.
ويبقى العسكريون أدرى بتفاصيل الميدان وبموازين القوى، وبما يمكن أن يجره إستمرار الحرب من كوارث ومآسٍ على الناس والدول.