أتلانتك كاونسل: الحكومة اللبنانية قد تنهار بسبب قضيتي قرداحي وبيطار

profile
  • clock 7 نوفمبر 2021, 4:42:33 م
  • eye 513
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أثار التحقيق في انفجار ميناء بيروت أزمة سياسية في لبنان أدت إلى أعمال عنف دامية في الشوارع وهددت بعرقلة الحكومة بعد أسابيع فقط من تشكيلها. وفي الوقت الذي يحاول فيه رئيس الوزراء اللبناني "نجيب ميقاتي" حل الأزمة، أثار خلاف جديد مع السعودية ودول الخليج الأخرى شكوكًا حول ما إذا كان بإمكان حكومته البقاء.

ويتعرض "طارق بيطار"، القاضي الذي يدير التحقيق في أزمة ميناء بيروت، لضغوط متزايدة من كبار المسؤولين الحاليين والسابقين الذين يجدون أنفسهم في دائرة الضوء. وقد اتهم "بيطار" بعضهم وتم استدعاء البعض للاستجواب. لكن لم يحضر أي من الذين تم استدعاؤهم للاستجواب، بل رفع بعضهم دعاوى قضائية مضادة.

وفي الأسابيع الأخيرة، صعد "حزب الله" اللبناني من انتقاده لـ"لبيطار" واتهمه بالتحيز وطالب بإقالته. وقد أثار مستوى عداء الحزب لـ"بيطار" بعض الدهشة، حيث لم يتم استدعاء أي مسؤولين من الحزب للاستجواب أو توجيه اتهامات – فقط تم اتهام حفنة من حلفائه السياسيين.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، اتهم القاضي "فادي صوان"، سلف "بيطار"، رئيس الوزراء المؤقت آنذاك "حسان دياب" ووزيري الأشغال العامة السابقين "غازي زعيتر" و"يوسف فنيانوس" ووزير المالية السابق "علي حسن خليل" بالإهمال الجنائي مما أدى إلى انفجار الميناء.

وقد تقدم اثنان من الوزراء بشكوى أمام المحكمة العليا في لبنان على أساس أنهما يتمتعان بالحصانة من الملاحقة بصفتهما نائبيين في البرلمان. كما تم التشكيك في موضوعية "صوان" حيث تضرر منزله في الانفجار.

وأيدت المحكمة الشكوى وأزيل "صوان" في فبراير/شباط واستبدل بـ"بيطار". ومع ذلك، يواجه "بيطار" نفس الصعوبات التي واجهها سلفه مع المتهمين بما في ذلك عرقلة التحقيق ورفض حضور جلسات الاستجواب.

وفي خطاب ألقاه في أوائل أغسطس/آب، اتهم الأمين العام لحزب الله "حسن نصر الله"، "بيطار" بالتحيز وقيادة "تحقيق مسيّس". وفي الشهر التالي، وجه المسؤول الأمني البارز في الحزب "وفيق صفا" تحذيرًا إلى "بيطار" ألمح فيه إلى إمكانية إزالته.

وصعّد "نصر الله" انتقاداته لـ"بيطار" في خطاب آخر في 12 أكتوبر/تشرين الأول، متهماً القاضي ضمنياً باستهداف الحلفاء السياسيين لـ"حزب الله". وفي نفس اليوم في جلسة مجلس الوزراء الساخنة، طالب وزراء مرتبطون بـ"حزب الله" و"حركة أمل" الحكومة بالتدخل لإزاحة "بيطار"، وسط تحذيرات من اضطرابات في الشوارع وتهديدات باستقالة وزراء.

وبعد يومين في 14 أكتوبر/تشرين الأول، سار أنصار "حزب الله" و"حركة أمل" إلى قصر العدل للمطالبة بإقالة "بيطار". وتحولت العملية إلى معركة بالأسلحة النارية عندما دخل متظاهرون إلى حي عين الرمانة المسيحي. وقد قُتل 7 أشخاص وجُرح العشرات قبل عودة الهدوء.ولم تجتمع حكومة "ميقاتي" منذ أحداث العنف والمواجهة حول مصير "بيطار".

ويتشابه عداء "حزب الله" تجاه "بيطار" مع الجهود الحثيثة التي بذلها الحزب قبل عقد ونصف لعرقلة تشكيل المحكمة المكلفة بالتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق "رفيق الحريري" عام 2005.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2006، عشية التصويت الحكومي لمطالبة الأمم المتحدة بإنشاء المحكمة، انسحب جميع الوزراء الشيعة الخمسة بمن فيهم وزراء "حزب الله" وحركة أمل. ومضى التصويت على أي حال وتشكلت المحكمة الخاصة بلبنان في النهاية.

وفي ذلك الوقت، كان يُنظر إلى معارضة "حزب الله" للمحكمة الخاصة بلبنان على أنها محاولة للدفاع عن حليفه الرئيس السوري "بشار الأسد" الذي يُعتقد أنه أمر بقتل "الحريري". لكن بحلول عام 2010، اتضح أن تحقيق "الحريري" كان يتجه نحو "حزب الله".

وفي يناير/كانون الثاني 2011 عندما كانت المحكمة الخاصة بلبنان على وشك إصدار لوائح الاتهام الأولى، أطاح "حزب الله" وحلفاؤه بالحكومة من خلال الاستقالة. ثم ترأس الحكومة رئيس الوزراء السابق "سعد الحريري" (نجل "رفيق") وهو من أشد المؤيدين لعملية المحكمة الخاصة بلبنان. وحل محله "ميقاتي" في يونيو/حزيران 2011، وهو أيضًا رئيس الوزراء الحالي.

ووجه منتقدو "حزب الله" اتهامات له بالمسؤولية عن تخزين نترات الأمونيوم، بالرغم من عدم ظهور أي دليل. وكان الدافع وراء هذه الاتهامات تقرير بثته قناة "الجديد" اللبنانية، في يناير/كانون الثاني. وكشف التقرير أن الشركة التي اشترت نترات الأمونيوم (وهي شركة "سافارو" المحدودة ومقرها لندن) شاركت عنوانًا مع 3 رجال أعمال سوريين فرضت عليهم الولايات المتحدة عقوبات لدعمهم "نظام الأسد".

وبالرغم من عدم وجود دليل حتى الآن على ربط رجال الأعمال السوريين بشكل مباشر بـ"سافارو"، فقد أثار هذا الارتباط تكهنات حول ما إذا كان المقصود أن تكون الوجهة النهائية للسفينة هي بيروت وليس موزمبيق.

وتستخدم نترات الأمونيوم كسماد لكن يمكن استخدامها أيضًا في صنع المتفجرات. وكان التراخي الأمني في بيروت ومزاعم الفساد في الميناء يسمح باحتمال تهريب بعض المواد إلى سوريا وتحويلها إلى براميل متفجرة يستخدمها قوات النظام السوري.

وقد تعززت النظرية القائلة بأن بعض كميات نترات الأمونيوم أزيلت من بيروت حيث ادعت دراستان تقنيتان مؤخرًا أن الكمية الفعلية من نترات الأمونيوم التي انفجرت كانت تقدر بحوالي 520 طنًا فقط، وليس 2750 طنًا التي التي أودعت في الميناء في عام 2013، ما يعني أن نحو 80% من المادة الكيميائية المتفجرة قد أزيلت، مما يثير الكثير من الأسئلة.

ولا يزال الجمود بشأن مصير "بيطار" مستمرا. وفي حال عدم إقالته قد يستقيل الوزراء المرتبطون بـ"حزب الله" و"حركة أمل" وتيار المردة المتحالف معهما. وقد تؤدي هذه الخطوة إلى انهيار الحكومة، أو على أقل تقدير إحباط قدرتها على معالجة الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي يعاني منها لبنان حاليًا. كما يمكن أن تهدد الجدول الزمني للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في نهاية مارس/آذار 2022.

وكأن هذا الصداع لم يكن كافياً لـ"ميقاتي"، فقد تسببت هيمنة "حزب الله" في أزمة سياسية خطيرة مع السعودية. وقد طردت الرياض السفير اللبناني واستدعت سفيرها من بيروت وفرضت حظرا على استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية. كما قطعت الإمارات والبحرين العلاقات الدبلوماسية ودعتا مواطنيهما لمغادرة لبنان على الفور.

وكان السبب وراء الخلاف هو تصريحات وزير الإعلام "جورج قرداحي" التي انتقد فيها حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. وبالرغم أن تسجيل التصريحات كان قبل تعيينه وزيراً في سبتمبر/أيلول، فقد أصرت القيادة السعودية على استقالة "قرداحي" ونددت على نطاق واسع بتأثير "حزب الله" -وبالتالي إيران- على لبنان.

وقد ألقى "حزب الله" بكل ثقله وراء "قرداحي" ليحول لبنان مرة أخرى إلى خط المواجهة في الصراع الإقليمي بين إيران والسعودية.

وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني، وجه "ميقاتي" دعوة لـ"قرداحي" للاستقالة من أجل وضع "المصلحة الوطنية أولاً" وحتى يمكن استعادة العلاقات مع السعودية. كما هاجم "حزب الله" وحلفائه (دون أن يسميهم على وجه التحديد) لمحاولتهم دعم "قرداحي" ومنعه من الاستقالة. وقال: "المخطئون هم من يعتقدون أن العرقلة والتصعيد السياسي هما الحل".

والسؤال هو كيف سيكون رد فعل "قرداحي" و"حزب الله" على تصريحات "ميقاتي"؟ ومع ذلك، بالنسبة للحكومة التي تشكلت قبل أقل من شهرين وبعد أكثر من عام من الجدل السياسي المرير، أصبح من المشكوك فيه بشكل متزايد ما إذا كانت ستستمر لفترة كافية للوصول إلى موعد الانتخابات البرلمانية بعد 4 أشهر.


المصدر | نيكولاس بلانفورد - أتلانتك كاونسل

كلمات دليلية
التعليقات (0)