- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
“البيرقدار ضد القبة الحديدية”.. اليونان تلجأ لإسرائيل للتصدي لطائرات تركيا المسيرة
“البيرقدار ضد القبة الحديدية”.. اليونان تلجأ لإسرائيل للتصدي لطائرات تركيا المسيرة
- 5 يوليو 2022, 3:32:08 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
دفع التحدي الذي تشكله الطائرات المسيرة التركية اليونان إلى اللجوء لإسرائيل لشراء نظام صاروخي يهدف للتصدي لهذه المسيرات يعرف باسم قبة المسيرات الحديدية أو القبة الحديدية المضادة للمسيرات، في وقت تتزايد فيه التوترات بين البلدين.
فخلال الشهرين الماضيين، نفذت اليونان سراً عملية نشر"مظلة للتصدي للمركبات الجوية غير المأهولة للعدو" فوق جزر ومواقع مهمة أخرى في جميع أنحاء البلاد، حسبما كتب فاسيليس نيدوس في صحيفة كاثيميريني اليومية اليونانية.
ويستخدم هذا النظام تكنولوجيا إسرائيلية لتعمية الطائرات بدون طيار وتعطيل خطط رحلاتها.
هذا النظام في الأساس، نسخة من نظام مضاد للطائرات بدون طيار يحتوي على ميزات مشابهة لتلك الموجودة في قبة الطائرات بدون طيار الإسرائيلية، وهو نظام مشتق من القبة الحديدية الإسرائيلية المضادة للصواريخ طورته تل أبيب للتصدي للطائرات بدون الطيار أيضاً.
ولكن النظام الذي صدّرته تل أبيب لأثينا، يتكيف مع الاحتياجات الخاصة لليونان والتضاريس الجغرافية للجزر والمناطق الحدودية اليونانية الأخرى، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
كيف يعمل نظام القبة الحديدية المضادة للمسيرات؟
تم بناء القبة الحديدية المضادة للمسيرات بواسطة شركة أنظمة الدفاع الإسرائيلية المتطورة رافائيل، وهي متخصصة في مواجهة الطائرات المسيرة، حيث يمكنه تحييدها عن طريق التشويش على اتصالاتها ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
بالنسبة للطائرات بدون طيار ذاتية التحكم بالكامل، فإن النظام يستخدم ليزراً غير مرئي بقدرة 10 كيلووات يمكنه إسقاط الطائرات بدون طيار على مسافة تصل إلى ميلين.
وتوسعت العلاقات الدفاعية اليونانية الإسرائيلية مؤخراً، مع تزايد خلافات تل أبيب مع أنقرة، إثر انتقادات الأخيرة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
في عام 2021، وقعت إسرائيل واليونان، صفقة دفاعية بقيمة 1.68 مليار دولار، وهي الأكبر في تاريخهما، والتي تضمنت إنشاء مدرسة طيران في اليونان.
ورغم تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية مؤخراً، فيبدو أن التنسيق بين أثينا وتل أبيب ما زال مستمراً، حيث يعتقد أن اليونان استحوذت أنظمة إسرائيلية أخرى إضافة إلى القبة الحديدية المضادة للمسيرات.
أرادت أثينا إبقاء عملية الاستحواذ على قبة الطائرات المسيرة طي الكتمان، وألا تكشف شركات تصنيع الأسلحة الإسرائيلية علناً عن هوية عملائها.
التوازن الجوي بين تركيا واليونان
في مواجهة امتلاك تركيا لثالث أكبر أسطول من طائرات إف 16 الأمريكية بعد أمريكا وإسرائيل، سعت اليونان لتعزيز أسطولها الجوي، حيث استحوذت على 24 طائرة مقاتلة من الجيل 4.5 من طراز رافال من فرنسا، وتعاقدت مع أمريكا على ترقية 84 طائرة من طراز F-16 إلى أحدث تكوين بلوك 72.
وهناك احتمال لشرائها 20 طائرة شبحية من الجيل الخامس على الأقل من طراز F-35 Lightning II، التي أخرجت منه تركيا قبل سنوات.
في المقابل، باتت أنقرة تركز على التصنيع المحلي للمعدات العسكرية، والذي شمل سفناً حربية وطائرات مروحية، والدبابة ألتاي التي اقتربت من دخول الخدمة.
وفي الجو، تسعى تركيا للحصول على طائرات 40 إف 16 الأمريكية وتحديث جزء من أسطولها من الطائرة ذاتها الذي بدأ يتقادم، كما تفكر في شراء مقاتلات تايفون الأوروبية من بريطانيا، بينما يعتقد أن برنامجها الطموح لتصنيع طائرة شبحية من الجيل الخامس، ما زال أمامه عدة سنوات.
وتسعى اليونان لعرقلة حصول تركيا على صفقة الإف 16، والتي تشمل تحديث نحو 80 طائرة موجودة لدى تركيا إضافة لشراء نحو 40 طائرة جديدة، وهي صفقة مهمة لأنقرة في ضوء إخراجها من برنامج الإف 35، وحاجتها لطائرات حديثة إلى حين دخول الطائرة الشبحية محلية الصنع للخدمة.
طائرات بيرقدار خاضت أربع حروب
في المقابل، قطع برنامج الطائرات المسيرة التركية، شوطاً كبيراً، بحيث يمكن اعتباره من أفضل البرامج في العالم وأكثرها تجريباً في ميادين القتال.
فعكس الطائرات المسيرة الصينية والإسرائيلية المنافسة اختبرت المسيرات التركية على نطاق واسع في ليبيا وإدلب وأذربيجان، حيث حققت نجاحات كبيرة في مواجهة قوات كانت غالباً مزودة بأنظمة دفاعية روسية مضادة للطائرات.
وزير الدفاع الأوكراني خلال استعراض الطائرات المسيرة التركية من طراز بيرقدار TB2 في كييف، أرشيفية/ وزارة الدفاع الأوكرانية
في حرب أوكرانيا، احتفى الأوكرانيون بطائرات بيرقدار التركية المسيرة، لدرجة أنهم ألفوا لها أغنية، فيما قررت عدة دول من أوروبا الشرقية جمع تبرعات لشراء طائرات بيرقدار لكييف، وقيل إن بيرقدار لعبت دوراً في إغراق طراد الصواريخ الروسي الأيقوني موسكوفا في البحر الأسود.
هناك تقارير عن مواجهة طائرات بيرقدار التركية معركة صعبة في سماوات أوكرانيا، حيث تحارب هذه المرة القوات الروسية بشكل مباشر وليس أحد وكلائها المحليين مثل جيش نظام بشار الأسد في سوريا أو خليفة حفتر في ليبيا.
ولكن بالنظر إلى تكلفتها المنخفضة مقارنة بالأسلحة المماثلة، وعدم تسببها في خسائر بشرية بالنسبة لمشغليها فإن طائرات بيرقدار تمثل أصلاً عسكرياً مرناً ويمثل قيمة ملائمة جداً مقابل التكلفة.
صداع في رأس أثينا.. إنها تطير قبالة الجزر اليونانية
كما أن الطائرة المسيرة لها ميزة، أنه يمكن استخدامها في الحروب بالوكالة، والحروب منخفضة الكثافة دون تكلفة عسكرية أو بشرية أو معنوية كبيرة.
كما يمكن استخدامها في مراحل التوتر التي لا تصل للحرب كأداة لفرض النفوذ أو وسيلة فعالة للاستطلاع بدون الوصول لمرحلة الاشتباكات العسكرية.
يبدو أن هذا إحدى المميزات التي تقدمها بيرقدار لتركيا في التوتر القائم مع اليونان.
ففي فبراير/شباط الماضي، كتب الجنرال اليوناني المتقاعد إيفانجيلوس يورجوسيس مقالاً تحدث فيه كيف أن طائرات تركية مسيرة تقوم برحلات منتظمة من نهر إيفروس إلى جزيرتي كاستيلوريزو وميس اليونانيتين وأنها تسبب "صداعاً" لليونان.
وتستطيع طائرات بيرقدار تي بي 2 التركية القيام بثلاث إلى أربع رحلات جوية يومياً لمراقبة تحركات السفن الحربية والدفاعات اليونانية عن كثب على الجزر اليونانية.
إن اللجوء باستمرار إلى طائرات F-16 لاعتراض الطائرات المسيرة التركية هذه يشكل تحدياً كبيراً للقوات الجوية اليونانية.
وحذر يورجوسيس من أنه "ليس من السهل بالفعل على اليونان التعامل مع هذا الأمر وسيصبح الأمر أكثر صعوبة إذا زادت تركيا عدد الطائرات بدون طيار وعدد الرحلات الجوية".
في نفس الوقت تقريباً الذي صدر فيه مقال يورجوسيس، شكك زعيم حزب الحل اليوناني القومي، كيرياكوس فيلوبولوس، في فائدة الطائرات المقاتلة عالية الأداء مثل رافال ضد أعداد كبيرة من الطائرات بدون طيار التركية.
وتساءل: "ما الفرق الذي سيحدثه إذا اشترينا 200 طائرة من طراز رافال؟
ولذا تريد أثينا مستشعرات قبة الطائرات المسيرة القوية لجعل الأمر أكثر صعوبة وخطورة على الطائرات بدون طيار التركية لمراقبة تحركاتها العسكرية بشكل روتيني، حتى إنه قد يستخدم قدرة النظام على القتل الصارم في حالة المواجهة، حسب المجلة الأمريكية".
فهدف اليونان هو حرمان تركيا من الاستخدام الفعال لميزتها الواضحة في قوة الطائرات بدون طيار، وتأمل أن يمثل استحواذها على هذه الأنظمة الإسرائيلية بداية لذلك.
الجيش الأمريكي يشكك في القبة الحديدية
ولكن طرحت شكوك كثيرة في مدى فاعلية القبة الحديدية الإسرائيلية ضد صواريخ المقاومة الفلسطينية وبالأخص الطائرات بدون طيار.
وقالت مجلة The National Interest الأمريكية في تقرير لها مؤخراً إن الخوف من وقوع فضيحة تكنولوجية قد يكون هو سبب امتناع إسرائيل عن إرسال القبة الحديدية إلى أوكرانيا، وليس التبرير الشائع بأن تل أبيب تتجنب تزويد كييف بهذه المنظومة لأنها لا تريد إغضاب روسيا.
يقول مطورو القبة الحديدية إن نسبة نجاح النظام تصل إلى 90%. وبدأ هذا الرقم الضخم في التحول تدريجياً إلى حقيقة مقبولة. لكن خبراء الصواريخ أعربوا عن شكوكهم الكبيرة في مدى صحة هذا الادعاء. ويرى البعض أن نسبة نجاح القبة الحديدية "لا تتجاوز 5%، أو ربما أقل". أما موتي شيفير، مهندس الفضاء المتخصص في اعتراض الصواريخ والحائز على جائزة الدفاع الإسرائيلية، فقد ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، ووصف القبة الحديدية بأنها "خدعة، وليست أكثر من عرض صوت وضوء، ولا تستطيع اعتراض شيء سوى الرأي العام الإسرائيلي، وربما يمكنها اعتراض نفسها بالطبع. ولم يسبق لأي صاروخ من القبة الحديدية أن اصطدم بصاروخٍ واحد آخر على الإطلاق".
الأهم أن نسبة فاعلية القبة أوقعت الإسرائيليين في معادلة خادعة؛ لأن فصائل المقاومة الفلسطينية تعمد في مواجهة هذه النسبة المزعومة لعمليات الإسقاط لإطلاق عدد كبير من الصواريخ، بعضها قليل التكلفة، وأغلبها تكلفته أقل من تكلفة اعتراضه من قبل القبة، وبالتالي فإن النتيجة وجود عدد هائل من الصواريخ التي تطلق في سماء مناطق الاحتلال، كما نراها في الصور، لدرجة أن نسبة الـ5 أو الـ10% التي تسقط من قبل القبة، تظل كبيرة بشكل يجعلها تمثل إزعاجاً للإسرائيليين، وتشل الحياة المدنية، وتدفع إسرائيل للتفكير في وقف إطلاق النار.
ولم ينخفض عدد الضحايا إلى عدد الصواريخ قبل وبعد نشر القبة الحديدية، ما يعني أن القبة الحديدية لم يكن لها أثرٌ كبير على معدلات الضحايا..
أما أحد أبرز المؤشرات على عيوب القبة الحديدية فهو تواضع نجاحها، حسب ما ورد في تقرير المجلة الأمريكية.
فالولايات المتحدة هي شريك في مشروع القبة الحديدية، ومموله له لكنها لم تشترِ سوى بطاريتين، بعد فترة طويلة من التمنع ويبدو أن البنتاغون اشتراها لإرضاء الكونغرس.
شكوك في نظام القبة الإسرائيلي/رويترز
وأعلن الجيش الأمريكي أنه لن يشتري المزيد بعد حصوله على أول بطاريتين في نهاية المطاف، وأرجع السبب جزئياً إلى رفض إسرائيل تزويد الجيش الأمريكي بالشفرة المصدرية للقبة الحديدية. ومن المؤكد أن الشفرة المصدرية كانت ستكشف طريقة عمل التقنية (أو ربما فشلها). ولم تُستخدم القبة الحديدية لحماية "القوات الأمريكية من مختلف التهديدات الباليستية والجوية"، بل نشر الجيش الأمريكي إحداها في جزيرة غوام بالمحيط الهادئ لتقضي غالبية وقتها في جمع الأتربة بدلاً من اعتراض القذائف المعادية.
علماً بأن طبيعة التهديدات التي كانت تواجهها القوات الأمريكية في أفغانستان، من الصواريخ الخفيفة الموجودة لدى طالبان، وكذلك التهديدات المحتملة للقوات الأمريكية في منطقة الخليج العربي من صواريخ وطائرات إيران المسيرة، تشبه في الحالتين أسلحة المقاومة الفلسطينية، الأمر الذي يجعل نظام القبة الحديدية لو كان ناجحاً فعلاً، كما تقول إسرائيل، في مواجهة المقاومة الفلسطينية فإنها يجب أن تكون مناسبة للأمريكيين في أفغانستان والشرق الأوسط، خاصة من حيث ضآلة تكلفته مقارنة بالأنظمة الأمريكية، حسب المزاعم الإسرائيلية.
هل نجحت القبة الحديدية في التصدي لطائرات المقاومة الفلسطينية؟
ولكن ما سبق ينطبق بالأساس على أداء القبة الحديدية الإسرائيلية أمام الصواريخ، غير أنه يعتقد أن إسرائيل تواجه مشكلة أكبر في التعامل مع طائرات المقاومة الفلسطينية المسيرة.
فبينما كانت صواريخ المقاومة الفلسطينية هي التي جعلت الإسرائيليين يفرون إلى الملاجئ خلال حرب غزة، فإن ما يُقلق الجيش الإسرائيلي أكثر، هو طائرات حماس المسيَّرة والمعروفة باسم طائرات شهاب التي استُخدمت بالفعل خلال هذه الحرب.
بصفة عامة تمثل الطائرات المسيَّرة مشكلة بالنسبة للصواريخ الدفاعية وأنظمة الرادارات، لأنها قد تكون مصنوعة من مواد لا تعكس أشعة الرادار، ومحركاتها كهربائية وليست حرارية في الأغلب، مما يصعب تتبُّعها من أجهزة الرصد الحراري التي تستطيع رصد الصواريخ.
وهناك دلائل تشير إلى أن حماس أطلقت طائرات مسيَّرة تحت ستار وابل الصواريخ، بحيث تركز جميع أنظمة الدفاع على الصواريخ، تحاول حماس توجيه الطائرات الانتحارية في رحلة منخفضة المستوى وبالتالي يصعب اكتشافها. ويبدو أنها حققت نجاحاً أوَّلياً، حسب موقع zenith الألماني المعنيّ بالشؤون العربية.
وحتى الآن، يبدو أن نظام الدفاع الإسرائيلي قادر على صدِّ طائرات شهاب التابعة لـ"حماس" بشكل كافٍ، ومنعها من إحداث خسائر كبيرة، حسبما قال دوغلاس باري، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
ولكن باري يرى أن الأمر قد يكون مجرد مسألة وقت قبل أن تخترق طائرة فلسطينية انتحاريةٌ الدفاعات الإسرائيلية.
إيران اخترقت الأجواء السعودية المدججة بالصواريخ الأمريكية
استخدمت إيران طائرات بدون طيار وصواريخ كروز لمهاجمة منشآت معالجة النفط في بقيق بالسعودية في سبتمبر/أيلول 2019، وهو ما بدا كأنه تحذير لإسرائيل.
تمتلك السعودية أنظمة دفاعية غربية متطورة ومتنوعة من ضمنها نظام باتريوت الشهير الذي تمتلكه إسرائيل، واللافت أن دول الخليج خاصة الإمارات رغم تعزيز علاقتها مع إسرائيل وتعرضها في الوقت ذاته، لهجمات من إيران، فليس هناك تقارير عن تنفيذ عمليات شراء فعلية لأنظمة القبة الحديدية الإسرائيلية، رغم أنه جرى الحديث عن احتمال نشر واشنطن لنظام القبة الحديدية في منطقة الخليج.
قد يؤشر ذلك إلى أن الإمارات ليس لديها الثقة في نظام القبة الحديدية، كما الأمر مع الجيش الأمريكي.
ماذا سيكون شكل المواجهة بين القبة الحديدية والمسيّرات التركية؟
اللافت أن أداء القبة الحديدية المشكوك فيه جاء بالأساس أمام صواريخ حماس، وطائراتها المسيرة التي هي أقل بكثير من طائرات بيرقدار التركية، في القدرات، كما أن بيرقدار كان أداؤها جيداً أمام أنظمة الدفاع الجوي الروسية مثل نظام "بانتسير" التي استخدمت في ليبيا، وأنظمة إس 300 الأكثر تقدماً التي يعتقد أنها كانت متواجدة في سوريا ولدى أرمينيا، ولدى القوات الروسية في أوكرانيا، التي يمكن أن تكون أيضاً قد نشرت أنظمة إس 400 الذي ينظر له كأفضل نظام دفاع جوي في العالم.
كما يجب ملاحظة أن بيرقدار سيكون لها خلفاء أكثر تقدماً في ترسانة المسيرات التركية جرى بالفعل اختبار بعضها وضمها للخدمة كما تطور تركيا طائرة مسيرة أسرع من الصوت.
لا يعني ذلك أن بيرقدار أو غيرها من الطائرات المسيرة التركية بدون طيار ستكون منيعة أو لن يكون لها خصوم قادرون على هزيمتها، ولكن أمام حقيقة أننا أمام سباق بين الطائرات المسيرة والمضادات لها، مثل أنه كان هناك صراع بين الطائرات وصواريخ الدفاع الجوي، أو بين الدبابات والأنظمة الصاروخية المضادة لها، وهو سباق مستمر لن يتوقف، ولكن الطرف الذي يسبق ولو بخطوة واحدة يفوز به، إلا إذا اختار مسار تطوير خاطئاً أو تأخر به.
وحتى الآن تبدو المسيرات، ولا سيما الأمريكية والصينية والتركية والإسرائيلية متفوقة على خصومها من الأنظمة الدفاعية بخطوة على الأقل.
بينما تبدو الطائرات المسيرة الإيرانية وبصورة أقل الحوثية والفلسطينية، في حالة تعادل مع الأنظمة الدفاعية المضادة لها، وهو في حد ذاته نجاح لها، في ضوء أنها لا تتسبب بوقوع خسائر بشرية لدى مشغليها، كما أن تكلفتها قد تكون أحياناً أقل من تكلفة الأنظمة الدفاعية المضادة لها.
وتبدو ميزة الطائرات التركية الرئيسية على منافستها، هي تقدمها التكنولوجي الذي هو أقل قليلاً من الأمريكيين، وينافس بعض أنواع الطائرات الإسرائيلية أو يعلو عليها حتى، مع أسعار وتكلفة صيانة تقارب الطائرات المسيرة الصينية التي أداؤها واعتماديتها أقل من التركية.
كما أن الطائرات التركية أصبحت محوراً رئيسياً في عقيدة القوات المسلحة التركية بشكل يفوق أغلب دول العالم، فأصبح الجيش التركي ينفق من استثماراته وطاقته البشرية الكثير فيها، مقارنة حتى بالجيوش التي لديها طائرات أكثر تفوقاً، وهو ما يجعل الأتراك خبراء أيضاً في تطوير تكتيكات استخدام الطائرات المسيرة، وهي مسألة لا تقل أهمية عن تقنيات الطائرات ذاتها (ويبدو أحد الفوارق الرئيسية بين الطائرات التركية المسيرة وبين منافستها الصينيات).
وبالتالي، فإن الجيل الحالي من الطائرات المسيرة قد يواجه قريباً تحدياً من الأنظمة المضادة، وستتوقف نتيجة المعركة على قدرة منتجي الطائرات المسيرة على تطوير أنظمة بديلة.
وفيما يتعلق بنظام القبة الحديدية الإسرائيلي المضاد للمسيرات الذي اقتنته اليونان، فإنه من الواضح أنه يركز بشكل كبير على التشويش على اتصالات الطائرة المسيرة بمشغليها الأرضيين، ثم الأولوية الثانية لديه إسقاط الطائرة عبر الليزر.
وفي الوقت الحالي، تحاول أنقرة التركيز على تطوير توظيف الذكاء الاصطناعي في عملية تشغيل أسلحتها خاصة الطائرات المسيرة، الأمر الذي يقلل أهمية الاتصالات بين المشغلين البشر على الأرض وبين الطائرات المسيرة.
كما أن تركيا تعمل على إنتاج طائرات مسيرة أكثر سرعة من خلال تشغيلها بمحرك نفاث كالمقاتلات المأهولة بشرياً، الأمر الذي يشير إلى أنها قد تستطيع الحفاظ على تفوقها بخطوة على الأسلحة المضادة للطائرات.
(عربي بوست)