- ℃ 11 تركيا
- 7 نوفمبر 2024
هل ستتغير سياسة إيطاليا تجاه الشرق الأوسط في عهد الحكومة الجديدة؟
هل ستتغير سياسة إيطاليا تجاه الشرق الأوسط في عهد الحكومة الجديدة؟
- 19 أكتوبر 2022, 8:49:52 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الأربعاء 19 أكتوبر 2022 07:40 ص
إن الخوف الدولي بشأن أجندة الحكومة الإيطالية الجديدة له ما يبرره بعد أن انتخب الإيطاليون في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي الحكومة الأكثر يمينية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهو ما يهدد المسار التكنوقراطي الأخير في إيطاليا.
ومع ذلك، قد يتسم المستقبل بالتطور بدلًا من التغيير الحاد، على الأقل على المدى القصير، وينطبق ذلك بشكل خاص على السياسة الخارجية، التي لا تعد التركيز الرئيسي للتحالف الحاكم الجديد.
ومن المحتمل أن تحدث تغييرات مهمة على صعيد السياسة المحلية، بينما قد تندلع التوترات السياسية والاجتماعية حول نقاط الجدل الرئيسية، مثل الإصلاح الضريبي.
جميع الأحزاب الرئيسية الثلاثة التي تشكل الائتلاف الحاكم ("حزب الرابطة" الذي يرأسه "ماتيو سالفيني"، وحزب "إلى الأمام يا إيطاليا" برئاسة "سيلفيو برلسكوني"، وحزب "أخوة إيطاليا" برئاسة "جيورجيا ميلوني") لديهم أفكار جريئة وجذرية في بعض الأحيان، حول كيفية معالجة المظالم الاقتصادية الواسعة للدوائر الانتخابية التي تشعر بأنها تعرضت للنسيان أو تم التخلي عنها في السنوات الأخيرة.
ومع توقعات بدخول منطقة اليورو في اتجاه ركودي العام المقبل، سيكون لدى رئيسة الوزراء المستقبلية "ميلوني" مهمة شاقة تتمثل في الاحتواء شبه المستحيل لشركاء الائتلاف الأقل قوة لكن لديهم أصوات عالية، وتجنب أن يؤدي إظهار التطرف لتهديد الدعم المستمر من الاتحاد الأوروبي.
العلاقات الخارجية
وبما أن المستقبل الاقتصادي في إيطاليا يعتمد على تلقي كميات هائلة من المساعدات من بروكسل (حصلت روما على أكثر أموال مخصصة للتعافي بعد الجائحة وبلغ مجموعها حوالي 200 مليار يورو بين المنح والقروض) فإن السياسة إزاء الاتحاد الأوروبي ستكون المجال الذي تزداد فيه أهمية تبعات الربط بين السياسة المحلية والعلاقات الخارجية.
وسيحدث هنا بعض الاحتكاك الذي لا يمكن تجنبه، حتى لو حاولت "ميلوني" اتباع نهج بناء بشكل عام في خضم سعيها لإظهار صورة عن نفسها كمسؤولة دولة موثوقة ويُعتمد عليها.
وفيما يتعلق بالجوانب الأخرى من العلاقات الخارجية، فمن المتوقع أن تبقى الحكومة الإيطالية الجديدة على المسار ذاته بشكل عام، وينطبق ذلك أولاً وقبل كل شيء على الحرب في أوكرانيا. وكانت "ميلوني" مؤيدة ثابتة لكييف منذ أن كانت زعيمة حزب المعارضة الوحيد لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة رئيس الوزراء "ماريو دراجي".
ولكن لا ينبغي التقليل من شأن تردد حلفائها المحتمل بشأن نقل الأسلحة إلى أوكرانيا أو استدامة العقوبات المناهضة لروسيا. ومع ذلك، لن تكون هناك مشكلة في التوافق الواسع لإيطاليا مع شركائها في الناتو والاتحاد الأوروبي، على الأقل على المدى القصير.
ويمكن أن يبدأ التعبير عن وجهات النظر المختلفة إذا تغير السياق الدولي الأوسع، لا سيما إذا جاءت إدارة أمريكية مختلفة وتوقفت عن ممارسة مزيج القيادة والضغط الذي مارسته إدارة "بايدن" حتى الآن.
رفض المهاجرين بقوة
أحد المجالات التي تحيطها الضبابية هي سياسة إيطاليا تجاه جيرانها الجنوبيين عبر البحر الأبيض المتوسط. وفي حين أنه من المبكر للغاية التنبؤ بحجم التغيير، لكن هناك ديناميكيتان محتملتان يمكن أن يكون لهما تأثير كبير.
الديناميكية الأولى المحتملة هي إضفاء طابع أمني قوي على التحديات الناشئة من الجنوب، بدءًا من إدارة الهجرة. وتشير المفاوضات الصعبة الجارية حول وزير الداخلية الجديد إلى أن أعضاء الائتلاف يعتبرونه منصبًا رئيسيًا لتأطير أجندة إيطاليا الجديدة.
وبالرغم أن وجهات نظر "ميلوني" في السياسة الخارجية ليست متطرفة كما يصورها منتقدوها، فقد دعت مرارًا وتكرارًا إلى تطبيق حظر على الحدود البحرية في إيطاليا كطريقة للسيطرة على الهجرة، فيما يعد مقاربة تعتمد على المواجهة إلى حد ما وربما تكون غير عملية أيضًا ومن شأنها بالتأكيد تعقيد علاقات إيطاليا ليس مع جيرانها الجنوبيين فقط ولكن أيضًا مع شركائها الأوروبيين.
في الواقع، فإن أحد القرارات الرئيسية التي سيتعين على "ميلوني" اتخاذها هو ما إذا كانت ستعود إلى نهج 2018-2019، عندما كان يتم تحديد الكثير من جوانب السياسة الإيطالية تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من قبل وزارة الداخلية بدلاً من وزارة الشؤون الخارجية، أيّ من منظور "الأمن الداخلي".
ومع اتباعها نهج أقل أمنيّة، قامت حكومة "دراجي" التي وصلت إلى السلطة في فبراير/شباط 2021 بإعادة موازنة سياسة إيطاليا بشكل كبير تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقامت بتنشيط المشاركة الدبلوماسية وجعلت إيطاليا واحدة من الجهات الفاعلة الرائدة في المناقشات المعقدة حول الأزمات المستمرة في المنطقة، بدءًا من ليبيا
منافسة أشد مع فرنسا
أما الديناميكية الثانية المحتملة في ظل الحكومة الجديدة فهي منافسة أكثر صراحة مع بعض الشركاء الأوروبيين، خاصة فرنسا.
وليس هناك شك في أن مصالح إيطاليا وفرنسا اصطدمت في السنوات الأخيرة، خاصة في الملف الليبي. وبالرغم أن هناك درجة من الاختلاف قد لا يمكن تجنبها، خاصة في ضوء المصالح الاقتصادية والتجارية المتنافسة، فقد حاولت حكومة "دراجي" تخفيف العداء قدر الإمكان، ووجدت في الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" محاورًا مناسبا.
ورغم عدم التوافق الكامل بشأن سياسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، توصلت روما وباريس إلى الاتفاقية التاريخية "معاهدة كيرينالي" في 2021، لتعزيز شراكتهما الثنائية، تاركين وراءهما التوترات التي كانت تميز العلاقات في عهد بعض الحكومات الإيطالية السابقة.
أما "ميلوني" فقد انتقدت "ماكرون" سابقًا بشكل علني مرارًا وتكرارًا، واتهمت فرنسا باستخدام سياستها المتوسطية لتقويض "المصلحة الوطنية الإيطالية". ولكن بعد أن أصبحت رئيسة للوزراء، قد تتبنى "ميلوني" الآن نغمة أكثر ليونة، ولكن من المتوقع أن تصبح التوترات أكثر وضوحًا، وربما أقل قابلية للإدارة مما كانت عليه في الماضي القريب.
استمرار نهج الطاقة
أحد النواحي التي من المحتمل أن تحاكي فيها الحكومة الجديدة نهج "دراجي" هي الاتجاه لعقد اتفاقيات طاقة جديدة، خاصة مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في محاولة لفطم إيطاليا عن اعتمادها العميق السابق على الهيدروكربونات الروسية.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن تستمر الحكومة الإيطالية الجديدة في استخدام كل نفوذ متاح، بالتعاون الوثيق مع شركات الطاقة الرائدة في البلاد، لتنويع محفظة الطاقة في إيطاليا بسرعة.
وفي عهد "دراجي"، ساهمت هذه الجهود المشتركة في تقليل اعتماد إيطاليا على الغاز الروسي من 40% إلى أقل من 20% في الأشهر السبعة الأولى من عام 2022.