- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
هل تعرقل "الطاقة الذرية" إحياء الاتفاق النووي؟ (تحليل)
هل تعرقل "الطاقة الذرية" إحياء الاتفاق النووي؟ (تحليل)
- 27 أغسطس 2022, 8:13:33 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعد مضي نحو عام ونصف العام على المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، باتت إمكانية إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015 قريبة، لكن تحقيقه لا يخلو من عقبات مع وكالة الطاقة الذرية.
ففي 24 أغسطس/آب الجاري، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية استلام الرد الأمريكي على مقترحاتها لحلّ القضايا العالقة في المفاوضات النووية.
ووصف مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل المقترح الإيراني، الذي كان بالأساس ردًّا على مسودة اقتراح قدّمها بوريل للأطراف المعنية، بأنه "مقبول".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قدّم الاتحاد الأوروبي اقتراح تسوية "نهائيًة، داعيًا طهران وواشنطن للردّ عليه، أملا بتتويج المباحثات بالنجاح.
وتشير تقارير إعلامية أن الرد الأمريكي على المقترحات الإيرانية، والذي تقوم طهران بمراجعته الآن، يمكن أن يساعد في إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى.
وبينما يبدو أن مساحة الخلافات بين إيران والولايات المتحدة تضيق، بما في ذلك تلك المتعلقة بالنقاط الشائكة، تظهر المواجهة المشتعلة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة، كعقبة أمام طريق إحياء الاتفاق.
** مواجهة مشتعلة
في 22 أغسطس/آب الجاري، أكد المدير العام للوكالة، رافايل غروسي، إصرارهم على الحصول على تفسير واضح من إيران بشأن آثار جزئيات اليورانيوم المخصّب، عثر عليها مفتشو الوكالة في 3 مواقع يشتبه بممارسة أنشطة نووية غير معلنة فيها.
وأضاف غروسي، في حديث مع شبكة "سي إن إن" الأميركية: "نريد الإجابات الضرورية، والأشخاص والأماكن، حتى يتسنى لنا إيضاح الصورة"، مؤكداً أن الوكالة لن تنهي تحقيقاتها حول المواقع الثلاثة قبل الحصول على إجابات واضحة.
وتابع في هذا الصدد أن "إسقاط التحقيقات ليس شيئًا يمكن أن تفعله الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولن تفعله دون اتخاذ عملية مناسبة، ومفتاح هذا يكمن في أمر بسيط جدًا: هل ستتعاون إيران معنا؟".
بعد يوم واحد، كتب سيد محمد مرندي، المستشار السياسي لفريق التفاوض النووي الإيراني، على تويتر، أن البرنامج النووي لطهران "لن يتم تفكيكه"، وأنه يجب "إسقاط تحقيق الوكالة".
وأضاف: "لن يتم تنفيذ أي اتفاق قبل أن يغلق مجلس إدارة الوكالة الدولية بشكل دائم، ملف الاتهامات الباطلة“، في إشارة إلى مشروع قرار تبنّته الوكالة الدولية ضد إيران في يونيو/حزيران الماضي.
و24 أغسطس/آب الجاري، دحض محمد إسلامي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، تقارير تحدث عن تخلّي إيران عن مطلبها بتعليق التحقيق، مع استعداد الأطراف المعنية بالاتفاق النووي لتحقيق انفراجة كبيرة في مسألة إحياء الاتفاق.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن إسلامي قوله: "لا نتوقع من المدير العام للوكالة الدولية (غروسي) الإدلاء بتصريحات هذا بالضبط ما يريده النظام الصهيوني (إسرائيل)"، زاعمًا أن الوكالة الدولية تعمل ”تحت نفوذ“ إسرائيل.
** تشبث بالمواقف يهدد المفاوضات
منذ أبريل / نيسان العام الماضي، استمرّت مفاوضات ماراثونية بين إيران والقوى الكبرى (روسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا بالإضافة إلى ألمانيا) في العاصمة النمساوية فيينا، بالتوازي مع المواجهة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
إلا أن حدّة التوترات تصاعدت بعد تبنّي مجلس إدارة الوكالة الدولية قرارًا ضدّ إيران في يونيو/حزيران الماضي، ما أثار دعوات في طهران لتخفيض التعاون مع الوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة.
القرار جاء في أعقاب تقرير ربع سنوي للوكالة انتقد إيران لعدم امتثالها لاتفاق ضمانات معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وحث طهران على التعاون الكامل مع الوكالة والسماح لمفتشيها بالوصول إلى المواقع الثلاثة "غير المعلن عنها".
ووصف متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، هذه الخطوة بأنها "غير مدروسة وغير حكيمة"، وحذّر من ردٍّ "حازم" تجاهها.
ومع اقتراب الأطراف المعنية بالاتفاق من خط النهاية، تهدّد المواجهة المشتعلة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بلعب دور المفسد، لا سيّما أن كلا الطرفين لا يرغبان في التزحزح من موقفهما.
همايون زماني، المحلّل في الشؤون الاستراتيجية، قال إن إيران والولايات المتحدة وبوساطة الاتحاد الأوروبي، اقتربا من إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، وذلك بعد 16 شهرًا تقريبا من بدء المفاوضات، لكن هذا لا يعني أنه تمّ سد كل الفجوات“.
وأضاف في حديث مع "الأناضول" من طهران، أنه "إلى جانب بعض القضايا التي لا تزال بحاجة إلى تسوية بين طهران وواشنطن، التي آمل أن تحدث في الأيام المقبلة بعد مناقشة الجانبين مشروع اقتراح الاتحاد الأوروبي، فإن المواجهة بين إيران والوكالة النووية التابعة للأمم المتحدة تحتاج إلى حلّ دون أي تلكؤ أو مضيعة للوقت".
** هل ينجحون بإحياء الاتفاق؟
عام 2018، رفعت إيران نسبة تخصيب اليورانيوم بشكلٍ كبير من 3.67 بالمئة وهي النسبة المنصوص عليها باتفاق العام 2015، إلى 60 بالمئة تقريبًا، ردًّا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
هذا المستوى يقرّبها من نسبة تخصيب 90 بالمئة التي تسمح باستخدام اليورانيوم لأغراض عسكرية، ما أثار مخاوف الغرب ووضع إيران في مسارٍ تصادمي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وانتقدت وكالة "نور نيوز" الإخبارية التابعة لأرفع جهاز أمني في إيران، غروسي "لعدم رؤيته حسن نية إيران" و"التصرّف على أساس التقارير" التي تقدّمها إسرائيل.
وقالت الوكالة الإيرانية إنه "مع استمرار هذا النهج، تحوّل رافايل غروسي، إلى جانب النظام الصهيوني، عقبات رئيسية أمام إنهاء المحادثات".
من جانب آخر، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، عن قلقه من تقديم الولايات المتحدة والأطراف الأخرى "مزيدًا من التنازلات" لإيران من أجل التوصّل لاتفاق في فيينا.
بدوره، قال أبو الفضل عموئي، عضو لجنة السياسة الخارجية والأمن الوطني للأناضول: "بما أن الوكالة الدولية يمكن أن تعطل تنفيذ الاتفاقية واستفادة إيران منها من خلال تقديم ادّعاءات غير مدعومة بأدلة، فإن إيران تصرّ على حل القضايا العالقة (بين الجانبين) قبل تنفيذ الاتفاقية".
وتكرارًا لِما قاله مسؤولون إيرانيون كبار في الأشهر الأخيرة، وصف عموئي المزاعم الواردة في تقرير الوكالة الأخير بشأن إيران، بأنها "سياسية بطبيعتها"، داعيًا إلى اتفاق "مع الإرادة السياسية للأطراف الغربية" و"بدون تخريب"، في إشارة غير مباشرة إلى إسرائيل.