- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
هآرتس : من أول الحفر حتى “القبض عليهم”.. القصة الكاملة لهرب الفلسطينيين الستة من سجن جلبوع
هآرتس : من أول الحفر حتى “القبض عليهم”.. القصة الكاملة لهرب الفلسطينيين الستة من سجن جلبوع
- 29 سبتمبر 2021, 3:34:43 م
- 510
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بحثت قوات الأمن على مدى أسبوعين تقريباً عن السجناء الفلسطينيين الفارين من سجن جلبوع. زكريا الزبيدي، وأبنا العم محمود ومحمد العارضة، ويعقوب قادري، وأيهم كممجي، ومناضل نفيعات، هربوا من السجن عشية انتهاء السنة العبرية عبر نفق حفروه، وقبل أسبوع استكملت عملية البحث عنهم بنجاح.
منذ اعتقال الزبيدي ومحمود العارضة ومحمد العارضة وقادري بعد بضعة أيام من هربهم، كان المحققون يجمعون معلومات عن أفعالهم في الأشهر والأسابيع والأيام التي سبقت عملية الهرب وبعدها. الآن، بعد أن تم إلقاء القبض على كممجي ونفيعات، يبدو أن الجيش الإسرائيلي والشرطة و”الشاباك” و”مصلحة السجون”، قد رسموا صورة مكتملة عن الهرب من غرفة 5، قسم 2 في سجن جلبوع.
من التخطيط وحتى الهرب
حسب نتائج التحقيق، بدأ الحفر في كانون الأول الماضي. كما يبدو في 14 الشهر نفسه، بعد أن نجح محمود العارضة في رفع الغطاء الذي وضع تحت حوض المغسلة في مرحاض الغرفة. واكتشف أنه كان يغطي فراغاً يقع بين أساسات السجن.
قدرت الشرطة أن الخطة التي تبلورت في ذاك اليوم اطلع عليها بين 10 – 15 سجيناً. باستثناء الستة الذين هربوا، فإن أربعة معتقلين آخرين ينتمون للجهاد الإسلامي، ثلاثة منهم كان يمكن أن يتم إطلاق سراحهم من السجن في الفترة الحالية. وحسب الشكوك، ساعدوا في حراسة الغرفة وإخفاء الفتحة ومراقبة مجيء السجانين. اثنان منهم كانا مسجونين في الغرفة التي حدث فيها الهرب وتم استبدالهما بكممجي والزبيدي قبل بضعة أيام من التنفيذ. ثلاثة من السجناء في الغرفة كانوا معرضين لخطر الفرار.
قاد نفيعات ومحمود العارضة عملية الحفر بمشاركة سجناء آخرين. استخدموا، ضمن أمور أخرى، قطعاً من الحديد كانت تحت أرضية الغرفة، وصحوناً وأدوات قاموا بشحذها، وصواني من الألمنيوم. أما التراب الذي تم إخراجه فوزعوه في فتحات المجاري والصرف الصحي الموجودة في أرجاء السجن، وفي حاويات القمامة وأماكن أخرى. خلال أشهر الحفر، كانت في السجن مشاكل في المواسير، لكنها لم تثر شكوك السجانين أو المهنيين الذين تم استدعاؤهم لمعالجتها.
قال السجناء أثناء التحقيق معهم بأنه تم التخطيط لعملية الهرب في البداية ليكون في يوم الغفران، لكن تحدد يوم تنفيذها في 7 أيلول، وهو اليوم الأول لعيد رأس السنة العبرية الذي تقلص فيه “مصلحة السجون” والشرطة عملهما. قبل بضعة أيام على الموعد المخطط له، خافوا من أن يكون تراكم التراب والمشاكل المتكررة سيمكن السجانين من كشف الخطة، فيخربون النفق. لذلك، قرروا تبكير عملية الهرب بيوم.
حسب الشكوك، اتصلوا مع فلسطينيين يقيمون في إسرائيل بدون تصاريح، واتفقوا معهم على مساعدتهم في الوصول إلى جنين بعد الهرب. ولكن تبكير الهرب بيوم جعلهم يبقون بدون مساعدة. كان ضم الزبيدي لعملية الهرب بسبب علاقته مع السلطة الفلسطينية واستهدف المساعدة في الوصول إلى جنين.
عملية الهرب
قبل الساعة الواحدة والنصف ليلاً بقليل، في 6 أيلول، بين الأحد والاثنين، خرج الستة من الغرفة وساروا في النفق الذي استكمل حفره، حسب أقوال الزبيدي، قبل بضع ساعات من ذلك. قال السجناء إن من قاد عملية الخروج هما محمود ومحمد العارضة؛ وتقدر عملية الزحف التي استندت إلى شهادات السجناء ومعلومات جمعتها الشرطة بـ 20 – 30 دقيقة. في الساعة 1:49 دقيقة ليلاً تم تلقي المعلومات الأولية عن السجناء عندما قام سائق سيارة عمومية يسافر في المنطقة بإبلاغ الشرطة عن مشبوهين قرب السجن.
خرج السجناء الستة من النفق من تحت برج المراقبة الذي لم يكن فيه أحد؛ الحارسة التي كانت في برج المراقبة القريب، وهي سجانة في الخدمة النظامية، اعترفت بأنها غفت أثناء الحدث. مصادر في “مصلحة السجون” قالت إن خروج السجناء تم توثيقه بكاميرات الحماية، لكن لا أحد رأى ذلك في الوقت الصحيح. وقالت هذه المصادر بأنهم شاهدوا الفيلم الذي ظهر فيه السجناء وهم يحملون حقائب، حقائب مليئة بالملابس والسجائر والطعام الذي جمعوه في الأيام التي سبقت الهرب. الفيلم لم يصل إلى “هآرتس”، ولم يكن بالإمكان التحقق من المعلومات بخصوصه.
توجه السجناء من السجن إلى قرية الناعورة. وفي الساعة 4:50 دقيقة فجراً تم توثيقهم بكاميرا حماية. قدرت الشرطة أنهم اختاروا القرية التي تبعد 7.5 كم عن السجن بسبب ضوء المسجد الذي شاهدوه. عندما وصلوا إلى القرية، دخلوا إلى المسجد دون الكشف عن هويتهم ومكثوا فيه 20 دقيقة، وهناك استبدلوا ملابسهم. وعندما خرجوا أرادوا الحصول على سيارة، أو على الأقل إلى سيارة تنقلهم، لكنهم لم ينجحوا في ذلك. وحصلوا على الطعام من مخبز محلي.
بين الساعة الخامسة والسادسة تم اتخاذ قرار بانفصالهم في أزواج. وقدرت الشرطة أنه في ظل غياب المساعدة التي ضمنوها مسبقاً، تحركوا بدون أي خطة منظمة وكانوا مشوشين. وصل المحققون إلى الناعورة في اليوم التالي.
محمود العارضة ويعقوب قادري
مهندس عملية الهرب من السجن وصديقه المقرب، اللذان قضيا معاً فترة 20 سنة في السجن، توجها من الناعورة غرباً، ومرا عبر محمية “جفعات هموريه” قرب قرية سولم، وواصلا نحو الشمال باتجاه الناصرة. واعتبرت الشرطة نقطة خروجهما من القرية “الطريق الأسهل”، لأنها منبسطة وممهدة. وكان تحركهما ليلاً ويختبئان نهاراً.
قال الاثنان أثناء التحقيق معهما بأنهما تناولا قطعاً من الحلوى أثناء الهرب، حملاها من السجن، إضافة إلى فواكه وخضار من الحقول التي حولهما، مثل القثائيات والرمان والحمضيات. وشربوا مياهاً من أنابيب الري. وقدرت الشرطة أنهما دخلا إلى الناصرة، التي تم اعتقالهما فيها بسبب الجوع. في صباح اليوم الذي تم اعتقالهما فيه، 10 أيلول، اجتازا شارع العفولة – الناصرة 60، وبعد غروب الشمس، توجها نحو “هار هكفيتسا”. في الليل، أبلغ أحد سكان المدينة عن شخصين طلبا المساعدة منه والحصول على الطعام. وبعد 45 دقيقة على المحادثة تم اعتقالهما في المدينة بدون أي مقاومة.
زكريا الزبيدي ومحمد العارضة
قال مصدر رفيع في الشرطة إنه بعد الانفصال، خرج سجين “فتح” [الزبيدي] ومحمد العارضة عبر البوابة الجنوبية للناعورة، وسارا شمالاً نحو بلدة طمرة. ثم توجها شرقاً إلى منطقة “كيبوتس غزيت” وبعدها غرباً إلى “هار تبور”.
الجمعة، قبل الساعة الثامنة مساء، وفي موازاة وقت إلقاء القبض على العارضة وقادري، أبلغ أحد سكان القرى في المنطقة أن هناك أشخاصاً طلبوا منه أثناء سفره في تراكتور قرب بلدة أم الغنم المساعدة في الوصول إلى قرية اكسال. وصلت إلى المكان قوة مشتركة من الشرطة والجيش، وشخصت آثار حذاء كانت تشبه آثار حذاء وجدت قرب فتحة الخروج من السجن. وفي الساعة الخامسة، تم تتويج عملية البحث بنجاح. وصلت قوات خاصة من الشرطة إلى كراج شاحنات في المنطقة ووجدتهما متعبين.
قدر المحققون بأنهما وصلا للمرة الأولى إلى المكان الذي تم اعتقالهما فيه قبل بضع ساعات من العثور عليهما. ومن غير المعروف ماذا تناولا أثناء الهرب، وهناك اعتقاد بأنهما عاشا على ما وصلت إليه أيديهما، وأكلا من الثمار المزروعة في المنطقة. كان هناك شك بأنهما قد حصلا على مساعدة أقارب للزبيدي يسكنون في الشمال، لكن بعد الفحص تم استبعاد هذا الشك بسرعة.
مناضل نفيعات وأيهم كممجي
بعد أن خرجا من الناعورة، ذهبا إلى قرية سولم واجتازا شارع 65 نحو بلفوريا. في ليلة الثلاثاء – الأربعاء، عند الساعة الثانية، 8 أيلول، أبلغ شرطي مرور عن اثنين اجتازا الشارع نحو منطقة زراعية في “الموشاف”. وبحث عنهما واستدعى سيارات أخرى للشرطة، ولكن لم يتم العثور عليهما.
عند طلوع الشمس، لم يعط المحققون أي اهتمام لما حدث في الليل. ولكن أثناء النهار، تم استئناف عملية التفتيش في المنطقة، وأدت إلى العثور على أغراض كانت مطابقة للأغراض التي شوهدت معهما بعد خروجهما من السجن، مثل حقيبة بلون بني موردة عليها كان يحملها كممجي عند خروجه من المسجد في الناعورة، وكانت فيها سجائر ومصحف وقطع حلوى وملابس وأجهزة راديو. حسب أقوال مصدر في الشرطة “لم يبق أي أدنى شك بأن الأمر يتعلق بهما”. اجهزة الراديو التي تم العثور عليها كانت موجهة لقنوات فلسطينية. وحسب تقدير المحققين، كانا على علم بالتفتيش الذي يجري عنهما.
الآثار التي تم العثور عليها في مسار الهرب أشارت إلى أنهما انفصلا، لكن المحققين لم يحددوا الأمر بشكل مؤكد. قال مصدر في الشرطة إن نفيعات تم توثيقه وهو يجتاز الجدار نحو شمال الضفة في 8 أيلول من خلال فتحة بين سالم والجلمة، بمساعده شخص آخر. المسافة التي اجتازها من منطقة بلفوريا إلى الجدار عبر منطقة “تعنخيم” 13 كم تقريباً. من هناك واصل إلى جنين، في البداية إلى مخيم جنين وبعد ذلك إلى المدينة. وتم اعتقاله هناك مع كممجي في نهاية الأسبوع الماضي، في ليلة السبت – الأحد. من التحقيق الأولي معهما تبين أنهما وجدا صعوبة في العثور على شقة سرية في جنين، لذلك اختبآ في بيت أحد أبناء العائلة. مكان البيت، المكشوف نسبياً، سهل على قوات الأمن عملية اعتقالهما.
فيما يتعلق بكممجي، اعترف مصدر كبير بأن “رحلته بقيت لغزاً”. خلال أيام المطاردة، قال مصدر في الشرطة إن الشاباك كان يعرف عن فيلم قام بتصويره قبل خروجه من السجن. في الفيلم ظهر كممجي وهو يقول بأنه سيبذل كل ما في استطاعته كي لا يعود إلى السجن، حتى لو كانت حياته الثمن. لذلك، خشيت قوات الأمن من محاولته تنفيذ عملية أثناء هربه، خاصة في الأيام التي أعقبت اعتقال زملائه. تركز البحث عنه في “اكسال” التي كان يعمل فيها قبل سجنه.
لا تعرف الشرطة متى اجتاز كممجي الجدار، وهل فعل ذلك مع زميله. الادعاء بأنه فعل ذلك بعد يومين على هربه من السجن يناقض ادعاء الشرطي والآثار التي تم العثور عليها في بلفوريا. ولم يتمكن المحققون من الملاءمة بين اتجاهي التحقيق، لكنهم يعتقدون أنه وصل إلى أراضي السلطة بعد يومين من وصوله إلى بلفوريا.
الأسئلة التي بقيت مفتوحة
باستثناء مخالفة الهرب، يتهم السجناء الستة الآن أيضاً بالتخطيط لتنفيذ عملية إرهابية. وعقوبة الأفعال المنسوبة لهم تصل عشرين سنة سجناً، لكن أربعة منهم هم في الأصل يقضون عقوبة بالمؤبد. الزبيدي ونفيعات كانا معتقلين وتجري محاكمتهما. والسجناء الذين بقوا في السجن وعرفوا عن عملية الهرب اتهموا بالمساعدة في ذلك.
الأربعة الأوائل يتم اعتقالهم الآن لمدة أسبوعين، والآخران في أيام التحقيق الأولى. يحاول المحققون الآن استكمال تفاصيل عملية الهرب قبل تقديم لوائح الاتهام: لماذا لم يكن السجناء الستة منظمين ولم يهربوا على الفور من جنين وابتعدوا نحو شمال الضفة؛ لماذا انفصلوا إلى خلايا صغيرة وكيف تم تحديد الزوجين؛ ماذا كانت خططهم للأيام التالية للهرب، على فرض أنهم خططوا إلى ألا يتم إلقاء القبض عليهم. إلى جانب ذلك، يتم أيضاً فحص الأحداث داخل السجن، وأخطاء “مصلحة السجون” وليلة الهرب نفسها.
بقلم: يهوشع براينر
هآرتس 29/9/2021