- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
ميدل إيست آي: قنوات المعارضة وليبيا ومصافحة السيسي.. عقبات أخيرة أمام التقارب التركي المصري
ميدل إيست آي: قنوات المعارضة وليبيا ومصافحة السيسي.. عقبات أخيرة أمام التقارب التركي المصري
- 14 أبريل 2022, 11:49:55 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رحب مراقبون سياسيون مصريون بحذر بالإعلان الأخير لوزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، أن بلاده ستتخذ خطوات لتطبيع العلاقات مع مصر لإنهاء 9 أعوام من التوترات السياسية بين الدولتين الواقعتين على البحر المتوسط.
وتوترت العلاقات بين مصر وتركيا في منتصف عام 2013، بعد أن تحرك الجيش المصري للإطاحة بـ"محمد مرسي"، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر. واعتبرت تركيا الخطوة غير ديمقراطية وانتقدت معاملة مصر لأعضاء وقيادات جماعة الإخوان المسلمين.
ومع ذلك، قال مراقبون مصريون إن تصريحات "جاويش أوغلو" تشهد على تحول محتمل في العلاقات بين البلدين. وجاءت تصريحات الوزير التركي في الوقت الذي يستعد فيه دبلوماسيون مصريون وأتراك لعقد جولة ثالثة من المفاوضات لإصلاح العلاقات بين البلدين.
والتقى دبلوماسيون من مصر وتركيا مرتين في الأشهر القليلة الماضية في مسعاهما لبحث أسباب التوتر وكيفية التغلب عليها. ومن المتوقع أيضا عقد الجولة الثالثة من المحادثات في الوقت الذي تستعد فيه تركيا لتعيين سفير لها في مصر.
وخفضت مصر وتركيا تمثيلهما الدبلوماسي لدى بعضهما البعض عام 2013، على خلفية التوترات السياسية بينهما. وفي الأسبوع الماضي، قال مسؤولون إن تركيا قررت تعيين سفير جديد في القاهرة لملء المنصب الدبلوماسي الذي ظل شاغرا منذ ما يقرب من 9 أعوام.
وقال المسؤولون إن السفير الجديد سيكون "صالح موتلو سين"، ممثل تركيا السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي بين 2015 و2020. وقال المسؤولون إن "جاويش أوغلو" أخطر "سين" بالفعل بالدور، وستسعى أنقرة الآن للحصول على موافقة من الحكومة المصرية. ومع ذلك، رفض "جاويش أوغلو" تأكيد التقارير الإعلامية حول خطط تركيا لإعادة تعيين سفيرها في مصر.
ولم تعلق مصر على تصريحات "جاويش أوغلو" بشأن تطبيع محتمل للعلاقات. ويبدو أن مصر ليست في عجلة من أمرها لاتخاذ خطوة في هذا الصدد. وقال محللون سياسيون مصريون إن أحد الأسباب المحتملة لذلك هو أن هناك قدرا كبيرا من عدم الثقة في النوايا التركية.
وقال "محمد ربيع الديهي"، متخصص العلاقات الدولية المصري: "تخشى مصر من أن تكون المساعي التركية زائفة". لكن الحقيقة هي أن أنقرة قدمت سلسلة من التنازلات في الفترة الماضية، من شأنها أن تسهم في تحسين العلاقات مع مصر بطرق تنهي عزلة تركيا الإقليمية جزئيا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، أشار وزير الخارجية المصري "سامح شكري" إلى بعض التقدم في العلاقات مع تركيا، معربا عن أمله في أن يتمكن البلدان من البناء على هذا التقدم. وقال "شكري": "تنتظر القاهرة حلولا مرضية في القضايا العالقة مع أنقرة". وأضاف: "سنراقب ونقيّم الأمر بناء على السياسات التي تنتهجها الحكومة التركية على المستويين الثنائي والإقليمي".
خلافات عميقة
تبدو الفجوة بين البلدين ذات طبيعة أيديولوجية ظاهريا، لكنها تخفي تحتها أسبابا اقتصادية وجيوستراتيجية معقدة. وكانت مصر وتركيا طرفين في السباق على الموارد في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تحاول تركيا أن تكون جزءا من ثروة الغاز الطبيعي في المنطقة، فيما تعمل مصر جاهدة لحرمان تركيا من هذه الثروة.
وشكلت مصر منظمة شبيهة بـ"أوبك"، تضم منتجي ومستهلكي الغاز الطبيعي في المنطقة. وتجاهلت هذه الكتلة تركيا التي تسعى جاهدة منذ أعوام لأن تكون نقطة عبور للطاقة إلى السوق الأوروبية.
وردت تركيا بمحاولة عزل مصر بعدة طرق من ضمنها التواجد في جوارها المباشر، وتحديدا في ليبيا والسودان المجاورتين. كما كانت القاهرة غاضبة من التدخل التركي المتزايد أو "دور تركيا السلبي" في الدول العربية، مثل سوريا والعراق. وقد تنافس البلدان أيضا على النفوذ في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويبدو أن رغبة تركيا في إجراء تعديلات في علاقتها بالقاهرة هي جزء من حملة تركية أكبر لوضع حد للتوترات مع دول المنطقة، بما في ذلك الإمارات والسعودية وإسرائيل. وتعتقد القاهرة أن هذه الرغبة مرتبطة بالانتخابات الرئاسية التركية المقرر إجراؤها في يونيو/حزيران 2023.
وقال مراقبون محليون إن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" يريد إنهاء صراعاته مع دول المنطقة قبل الانتخابات. وقال "طارق فهمي"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن هذا واضح بشكل خاص مع التدهور المستمر للاقتصاد التركي. وأضاف أنه من خلال إجراء تقاربات مع دول المنطقة، ستستفيد تركيا اقتصاديا.
ويبدو أن هذه الحملة التركية بدأت تؤتي ثمارها. فقد تعهدت الإمارات باستثمارات بمليارات الدولارات في تركيا. وخلال زيارته الأخيرة لتركيا، ورد أن الرئيس الإسرائيلي "إسحاق هرتسوج" ناقش التعاون في إيصال الغاز الطبيعي إلى أوروبا، حيث تسعى أوروبا جاهدة لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
وفي عام 2020، كانت تركيا ثالث أكبر مستورد لمصر. كما كانت خامس أكبر مصدر للسوق المصرية. وفي العام نفسه، بلغ التبادل التجاري بين البلدين 4.6 مليار دولار. وقال محللون مصريون إن حجم التجارة يمكن أن يزداد أكثر في الفترة المقبلة إذا تحسنت العلاقات السياسية بين البلدين.
وهناك أيضا اعتقاد بين نفس المحللين أن الحرب في أوكرانيا تفتح الباب أمام تعاون محتمل بين البلدين في مجال الطاقة.
العقبات الإقليمية
ومع ذلك، قال محللون مصريون إن الكلام عن التطبيع الكامل بين البلدين أسهل من تحقيقه على أرض الواقع. ولا تزال ليبيا قضية شائكة بين القاهرة وأنقرة، حيث كانت العاصمتان تدعمان أطرافا متعارضة في الصراع. وتعترض مصر على وجود مقاتلين ومرتزقة أجانب في ليبيا، بمن فيهم أولئك الذين نقلتهم تركيا.
وقال المحلل السياسي التركي "فراس رضوان أوغلو": "سيكون ملف المقاتلين الأجانب في ليبيا قضية عالقة بين البلدين، لكنني أعتقد أنهما سيتوصلان إلى اتفاق في هذا الصدد".
وفي الأعوام الـ 9 الماضية، أنشأت مصر أيضا ما يرقى إلى مستوى من التحالف الاستراتيجي والاقتصادي والدفاعي مع اليونان وقبرص. ونظرت تركيا إلى هذا التحالف المتنامي بريبة، رغم أن الدول الثلاث أكدت أكثر من مرة إن اجتماعها لا يستهدف دولا أخرى.
ومع ذلك، تسبب تعميق التعاون العسكري والتنسيق السياسي بين الدول الـ3 في إثارة مخاوف أنقرة. وكذلك اعترضت تركيا على اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين الدول الـ3.
واعترضت مصر على استضافة تركيا لقنوات تلفزيونية تعارض نظام الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي". وقال "رضوان أوغلو" إن "تركيا في حاجة ماسة لتغيير سياساتها الإعلامية تجاه مصر، وإلا لا يمكننا توقع أي تحسن في العلاقات مع الدولة العربية". وتابع: "يجب التأكد من أن القنوات المصرية التي تبث من تركيا لن تضر بالعلاقات مع القاهرة".
وصرح مسؤول تركي كبير سابق بأن هناك قضية أخرى عالقة بين البلدين تتمثل في "ما إذا كان أردوغان على استعداد لمصافحة السيسي أم لا". وفي عدة مناسبات في الماضي، ألمح "أردوغان" إلى أنه لن يرغب في مقابلة "السيسي" شخصيا، لكنه سيسمح لأعضاء آخرين في حكومته بإجراء محادثات مع القاهرة.
بوادر حسن نية
في الأشهر القليلة الماضية منذ أن بدأ البلدان محادثاتهما السياسية، اتخذت تركيا بعض الخطوات لإظهار نواياها الطيبة تجاه القاهرة. وكان أحد الإجراءات التي اتخذتها هو تعليق ما اعتبرته مصر حملة إعلامية "معادية" للحكومة المصرية. وتم إيقاف بعض البرامج التلفزيونية التي تنتقد الحكومة المصرية.
ويبدو أن البلدين توصلا إلى تفاهم حول مساعدة الليبيين في التوصل إلى حل سياسي للصراع في بلادهم. ويقول مراقبون مصريون إن كل هذه مؤشرات تظهر أن تحسن الأمور في المستقبل بين القاهرة وأنقرة احتمال قائم.
وقال "أحمد فؤاد"، عضو مركز الأبحاث في المجلس المصري للشؤون الخارجية: "الإجراءات التي اتخذتها تركيا على طريق المصالحة مع مصر إيجابية، لكنها غير كافية. لكن العلاقات قد تتحسن إذا غيرت تركيا سياساتها الإقليمية وتوقفت عن تهديد المصالح المصرية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية المصرية".