- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
مهدي علي : بحب السيما
فى صيف العام1955وانا طفل فى السابعه سافرت واخوتى لأول مره إلى القاهره لقضاء إجازة الصيف عند خالى بالمني
لن أحدثكم عن مشاعر وأحاسيس طفل يركب القطار لأول مره ويذهب به لام الدنيا حيث الشوارع المرصوفه والعربات والبنايات ذات الأدوار المتعدده فذلك له حديث آخر
المهم أن خالى كان يسكن فى المنيل على بعد شارعين فقط من النيل بالقرب من كوبري الجامعه الذى كان يتم إنشاؤه وقتها وكنا يوميا نتمشى على كورنيش النيل وذات ليله فاجءنا خالى بأننا سنذهب إلى السينما
كانت هناك على الكورنيش سينما صيفى اسمها سينما الجزيره دخلنا السينما أحسست بانى أدخل عالم سحرى كراسى خشبية مرتبطه ببعضها ومتراصه فى صفوف أمامها شاشة فضية عملاقةكان الظلام لم يحل بعد وكانت السينما تذيع بعض الموسيقى وكان بائعى المشروبات الغازية واللب والسودانى يتجولون بين الناس بنداءهم المميز
وحين حل الظلام بدء العرض كانت السينما تعرض فيلم اجنبى وفيلم عربى ثم تعيد أحدهما مرة أخرى كان الفيلمان هما الشعله والسهم لبيرت لانكستر وفرجينيا مايو والآخر فيلم غريبه لنجاة الصغيره حين بدء فيلم بيرت لانكستر أحسست انى أدخل فى عوالم سحريه مفعمة بالبهجه والاثاره والمغامرة أشياء لم يتخيلها خيال طفل القرية الصغير واتابع شريط الترجمه اسفل الشاشه بنصف عين والباقى يتابع الأحداث على الشاشه حتى انتهى الفيلم وانا لازلت فى عالمه السحري وبعد الاستراحه عرض فيلم غريبه ودخلت مرة ثانيه فى عالم سحرى آخر
وخرجنا من السينما ولم أخرج انا من عالمى السحرى الجديد خرجت وانا أفكر متى ساحضر مرة ثانيه
ومن يومها انفتح عالم السينما امامى وأصبح جزءا من حياتى
للحديث بقيه
انتقلنا للقاهره بعدها بسنتين وأصبحت قريبا من معشوقتى الجديده السينما بامكانى الآن ارتيادها وقت مااريد وحسب ماتسمح به الظروف
كان والدى يفرض علينا نظاما فى أيام الدراسه لا يسمح بمخالفته وهو أننا من يوم السبت وحتى الأربعاء نذهب فى الصباح إلى مدارسنا وجامعاتنا والعودة إلى البيت ونظل فى البيت حتى صباح اليوم التالى والخميس بعد الظهر وحتى الجمعه ليلا نخرج ونفعل ما يحلو لنا
كان مساء الخميس هو موعدنا مع السينما حفلة سته كنا نتفق خلال الأسبوع على الفيلم الذى سنشاهده وفى اى سينما سنراه وغالبا تكون إحدى سينمات مصر الجديده فى الشتاء تكون اما سينما الحريه أو نورماندى ا لشتوى أو بالاس أو كشمير
كان لنا طقوس خاصة لدخول السينما نلبس أحلى مالدينا ونذهب مبكرين بعض الشيء نقطع التذاكر ثم يذهب أحدنا إلى مقلة اللب والسودانى يبتاع لنا ماتيسر منها ونقف نحن نتقافز حول افيشات الفيلم الذى سيعرض وافيشات العرض القادم حتى ىؤذن لنا بالدخول ونحتل اماكنها وعيوننا مسمرة على الشاشه حتى تطفئ الأنوار وينساب الشعاع الفضى مخترقا عتمة صالة العرض لينسكب على الشاشة الفضيه بشخوصه واحداثه
كان أول مايعرض وقتها جريدة مصر الناطقة وكانت كنشرة أخبار مصوره تعرض أحداث الاسبوع ومعها صوت أشهر مذيعى الاذاعه كجلال معوض وغيره معلقا على الأحداث بعدها يبدء عرض إشارات للأفلام التى ستعرض قريبا والعرض القادم بعدها تضاء الصالة لاستراحة قصيره ثم يبدء العرض بتصريح عرض الفيلم يتضمن اسم الفيلم وجنسيته ومدة عرضه وتاريخ إنتاجه وموافقة الرقابه على عرضه وختم وامضاء ا لرقيب على المصنفات الفنيه
ويبدء الفيلم ولا ترى منا إلا عيون مشدودة إلى الشاشه ولو نظرت لوجوهنا لملءت منا رعبا ملامحنا وانفعالات وجوهنا تتغير مع تتابع أحداث الفيلم حتى ىنتهى الفيلم فترتخى الملامح وتعود الوجوه لطبيعتها وفى طريق العوده نتناقش فى أحداث الفيلم وماذا حدث وماذا كان يجب أن يحدث
فى هذه الفتره كانت معظم الافلام الاجنبيه التى نراها من نوعية افلام الويسترن (رعاة البقر) وكنا مفتونين بجارى كوبر وجون وين ووليم هولدن وحروبهم ضد الهنود الحمر ونفرح لانتصارهم عليهم لم نكن ندرى أيامها أن راعى البقر هذا غاصب ومحتل لارض الهندى الأحمر المسكين الذى كنا نظنه شريرا ومعتديا وهو المعتدى عليه
اما الافلام العربيه فكان أبطالها اما فريد شوقى (ملك الترسو) وغريمه التقليدى محمود المليجى غالبا اوتوفيق الدقن أحيانا والبطل
الآخر رشدى أباظة بوسامته(دون جوان الشاشه)
الحديث عن السينما لا ينتهى ولنا عوده