- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
مكرم محمد احمد في عيون صحفية
قد تختلف كثيرا مع شخصية مثل الكاتب الصحفي مكرم محمد احمد خاصة في السنوات الأخيرة من حياته لكنك لا تستطيع أن تنكر انه جورنلجي من النوع الثقيل و وجهة نظرنا الدائمة أن في مصر متسع للجميع تختلف مع او تختلف عليه لكن في النهاية يبقى الوطن حاضن للجميع الا الخيانة خيانة الأوطان هي الجريمة التي لا تغتفر لأي شخص اي ما كان.. وهذه أراء لصحفيين واعلاميين مصريين في شخصية الكاتب الذي رحل اليوم
في البداية كانت هذه الكلمات من الإعلامي المصري في واشنطن محمد السطوحي قال فيها وداعًا مكرم محمد أحمد
من بين أبناء جيله كان الأستاذ مكرم يتميز بأنه (صحفى حقيقى). كنت أراه فى واشنطن أثناء زيارات مبارك يعمل بدأب كما لو كان مراسلًا شابًا يسعى لإثبات نفسه بينما زملاؤه رؤساء التحرير الآخرون يعتمدون على الصحفيين العاملين معهم فى كل شئ (كل شئ دى تحتاج شرح مش وقته).
فى إحدى الزيارات عملت (لايف) لقناة النيل للأخبار من داخل البيت الأبيض أثناء لقاء مبارك وكلينتون، ودعوت مسئول فى مجلس الأمن القومى الأمريكى ومن بعده الأستاذ مكرم الذى امتد الحديث معه بعض الشئ وأشرت للمصور أنه يطلب مد الوقت قليلًا وهو ماحدث فعلًا لكن شركة الستالايت عملت غلطة وقطعت اللايف، لم أنزعج لأننا كنا تقريبًا انتهينا من الحوار، لكنى فوجئت بغضب الأستاذ مكرم وحديث المؤامرة لأنه ممنوع يظهر على التليفزيون فى عهد صفوت الشريف. قلت له انى ماليش دعوة بتعليمات وزير الإعلام وقتها بدليل انى استضفته لكنه أصر ان قطع الستالايت كان مقصودًا لمنعه من الاستمرار على الشاشة!
طبعًا كلام غير صحيح لكن الحقيقة أحببت الرجل يومها بكل مافيه من عصبية وصدق فى المشاعر.
وقد أشفقت عليه من الطريقة التى غادر بها نقابة الصحفيين بعد ثورة يناير، وربما كان ذلك سببًا فى بعض اختياراته فى السنوات الأخيرة التى جلبت له كثيرًا من الانتقادات.
اما الكاتب الصحفي قطب العربي فقال عن الكاتب الصحفي مكرم محمد احمد
:هو أحد أكبر المعمرين في الصحافة المصرية، وهو أحد أبرز وجوه الصحافة و(صنايعيتها)بكل صراحة، وأحد نقباء الصحفيين لثلاث دورات.
قبل ثورة يناير كان مكرم أحد أبرز رجال نظام مبارك، ولكنه مع ذلك كان نقابيا حقيقيا يغضب حين يتعرض صحفيون لعدوان، ويتواصل مع أعلى المستويات لحل المشكلة،كنت شخصيا شاهد على الكثير من ذلك، كان كثيرا ما يدخل معنا في نقاشات حادة دفاعا عن النظام، لكنه في الوقت نفسه يتدخل بعد انتهاء النقاش الحاد لصالح الصحفيين، حدث صدام بيني وبينه أكثر من مرة ، كانت أسخنها خلال حبس الأستاذ مجدي أحمد حسين وبعض صحفيي جريدة الشعب، وزعقت في وجهه (هل انت نقيب شرطة أم نقيب صحفيين؟) كان ذلك ردا على دفاعه أمامنا عن الشرطة ، وظل في حالة نفسية صعبة لم يستطع معها بدء اجتماع المجلس إلا بعد أن أقنعني مدير النقابة سعد الدين مصطفى وبعض الزملاء بترضيته، كما أنني دخلت معه في خناقة أخرى عقب عودتي من الخارج عام ٢٠١٠، وعرفت لاحقا أنه تدخل بقوة لدى المجلس الأعلى للصحافة في ذلك الوقت لحل مشكلتي.
مكرم الذي سخر مثل اخرين من ترشيح الدكتور محمد مرسي كمرشح احتياطي (استبن بالتعبير السوقي) كان هو نفسه أشهر استبن في نقابة الصحفيين للمرشح الأصلي إبراهيم نافع ولم يجد في ذلك عيبا.
لم يكن مكرم مجرد نقابي ولكنه لعب أدوارًا سياسية فقد كان من كتاب خطابات مبارك، وكان وراء مبادرة التسوية مع الجماعة الاسلامية والمراجعات التي تمت، وحاول فتح حوار مع الاخوان لكنه لغمه بالكثير من الشروط التي أغلقته من البداية
قامت ثورة يناير بينما كان مكرم نقيبا للصحفيين، وكان احد شعارات الثورة تطهير الاعلام ، وكان هو شخصيا احد الوجوه المستهدفة بالتطهير، وقد قام الصحفيون فعلا بطرده من النقابة في مشهد ثوري واضح، ولم ينس مكرم هذا الموقف فنذر ما تبقى من حياته للثأر لنفسه، فانحاز مبكرا وبقوة لانقلاب ٣ يولية، وقربه نظام السيسي فاختاره رئيسا للمجلس الأعلى للاعلام الذي اتخذه منبرا للثأر من خصومه السابقين ، ولا ننسى خطبته العصماء أمام السيسي في احد مؤتمرات الشباب مرددا جملته الشهيرة أنه لم يجد أحدا ينتقد رئيسه بهذه القوة (!!!) إلا في مصر . (ثلاثا) .
اما الكاتب الصحفي على القماش فقد تناول شخصية مكرم محمد احمد من زاوية أخرى فقال مواقف مع مكرم محمد احمد نقابية ومهنية وانسانية
جميل ان يكتب عدد كبير من الصحفيين والمثقفين نعى للراحل الكبير الاستاذ مكرم محمد احمد .. ولكن فى تقديرى ان الاجمل لو ذكر من يكتب النعى لآى شخصية عامة مواقف له ، فهى التى تحكم على السيرة وتخلدها وتدعو الى الترحم
على المستوى العام اذكر للاستاذ مكرم دفاعه عن المهنة وعن الحريات ، والجميع يذكر له موقفه عندما زار السجن وعلم بالتعذيب البشع الذى تعرض له الكاتب الكبير د. محمد السيد السعيد رحمه الله والزميل العزيز مدحت الزاهد وقت زكى بدر ، فلم يهدأ له بال واعلن توجهه للرئيس مبارك ، وبالفعل افرج عنهما على الفور
وعلى المستوى المهنى كان صاحب قلم ورأى حتى اخر لحظة .. يقدر القارىء اسلوبه ورأيه حتى لو اختلف معه ، فكثيرا ما كان ينحاز للسلطة ، ولعل هذا كلفه ما لم نكن نرجوه عند انحيازه لمبارك فى اّخر ايامه ، وكان فى هذا الوقت يشغل منصب النقيب مما عرضه لخلافات بل وللاسف تطاول البعض حتى انه ترك النقابة دون اكمال مدته
وعلى المستوى المهنى روى المقربون من مكرم انه كان يشعر بمرارة فى انه لم يتول رئاسة تحرير الاهرام وقت ابراهيم نافع وانه يرى انه كان الاولى برئاسة التحرير ، مع التقدير للاستاذ ابراهيم نافع
من المواقف المهنية لمكرم والتى لا يعرفها كثيرين انه كان مكلفا بتغطية حرب اليمن عام 1964 وبسبب لهفة السبق الصحفى ارسل خبرا كانت السلطات ترى عدم الكشف عنه ، وعليه تعرض للاتهام تمهيدا للمحاكمة ، الا ان الاستاذ هيكل تدخل لدى الرئيس عبد الناصر وتم حفظ الاتهام
اما عن المواقف الشخصية لى مع الاستاذ مكرم اذكر منها ما رواه لى بنفسه : ان عدد من قيادات وزارة التموين ومن المطاحن ذهبوا الي مكتبه فى دار الهلال وشكونى له بصفته النقيب ، حيث كنت اكتب حملة صحفية ضد الانحرافات .. وسألهم الاستاذ مكرم هل فى كتاباته ابتزاز او طلب اعلان او غيره فنفوا ذلك .. فسالهم هل ارسلتم رد ولم تنشره الجريدة فأجابوا بانهم ارسلوا رد ولكن التعقيب كان قاسيا وهم لا يريدوا تعقيب .. انهى الاستاذ اللقاء معهم بان الصحفى قام بواجبه المهنى ولا استطيع ان الومه ، واتصل بى واخبرنى بما حدث ، واثنى على ما اكتبه
فمن الطريف انه كان يتابع ما انشره عن الاثار وكان يتناول بعض الموضوعات اثناء اجتماعه بالصحفيين بالمصور
واذكر اننى تناولت عام 1992 تحقيقات عن تجاوزات فى قطاع السياحة ، بينما كان يرى عدم الهجوم على هذا القطاع لانه من اهم موارد العملات الصعبة للقطاع الخاص وللدولة .. ورددت عليه فى جريدة الشعب بعنوان " معلوماتك خاطئة يا أستاذ "
موقف نقابى له معى عندما تعرضت لبعض المضايقات وقت حملة الجريدة وقت اللواء الالفى وشكوت له ، وبالفعل توقفت المضايقات .
من المواقف الطريفة نقابيا انه كان يتابع تقرير لجنة الاداء النقابى باهتمام شديد ولكن لمغضب سوى مرة واحدة عندما نشرت تقرير لجهاز المحاسبات عن مخالفات جسيمة بمبالغ طائلة فى مطابع دار الهلال وانه مسئول بحكم رئاسته ، ورأى ان اتهامه غير صحيح وان الاخطاء مردود عليها .
أما أكثر موقف وجدته حزينا .. كنت فى طريقى للعزاء فى وفاة الدكتور مصطفى محمود رحمه الله ، فصادف ان قابلنى الاستاذ مكرم قبل الدخول للعزاء بخطوات ، فأستند على كتفى وقال بزفرة حزن " مصطفى مات يا على " شعرت بأنه يحمل حزن العالم كله على فراق هذا الرجل ، أخذت اواسيه علما بان علاقتى بالدكتور مصطفى محمود كقارىء فقط
اما اطرف المواقف عندما شاهدته يجلس فى كافتيريا النقابة وكان المنظر ملفت للنظر حيث كل مكاتب النقابة ترحب به .. ناديت على " زيزو " وطلبت منه ان ينزل مشروبات للاستاذ مكرم وضيفيه على حسابى ... فنادى عليا بصوت عالى .. فذهبت له فقال لى : يعنى تجيب لى شاى ولاقهوه وتكتبها فى النشرة بتاعتكم .. انت واللى معاك مشاربكم عندى .. وضحكت وشربنا على حسابه .. وكان من الجالسين معى الزميل مصطفى عبد الخالق مدير تحرير طبيب الخاص الاسبق والمعروف بتقليد الاصوات بعبقرية فائقه ، وبصوت منخفض قلده وهو يتحدث معى حتى كدنا نسقط من الضحك
رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته
الصور – عندما قام بتسليمى جائزة التفوق الصحفى عام 1989 ويرى فى الصورة مجدى مهنا عضو المجلس ومقرر اللجنة الثقافية ، ود . عاطف صدقى رئيس الوزراء ، وصفوت الشريف وزير الاعلام رحمهم الله على الجميع
والصورة الاخرى لردى على مقال نشره الاستاذ مكرم فى المصوركان انتقد فيه ما كتبته فى جريدة " الشعب " عن السياحة