معادلة الربح والخسارة.. ماذا تريد تركيا من أفغانستان؟

profile
  • clock 12 أكتوبر 2021, 7:15:08 ص
  • eye 501
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، حاولت تركيا البحث عن طرق للبقاء ورأت أن المساعدة في تشغيل مطار كابل يمكن أن تكسبها موطئ قدم في أفغانستان مما يساعد في تحقيق أهدافها الأوسع.

ومع ذلك، فإن أزمة أفغانستان أصبحت ذات أبعاد إقليمية معقدة، ومن المرجح أن يلعب جيران أفغانستان دورا أكثر، فيما ستكون تركيا المجرّدة من أي دور أمني، لاعبًا هامشيًا في أفضل الأحوال.

البحث عن مصدر نفوذ

لكي تستفيد أنقرة من أفغانستان، فإنها تحتاج إلى ضمان أن أي دور ستلعبه في مطار كابل سيكون له شق أمني ولا تكتفي بدور تقني أو مدني بحت، حيث تفتقر أنقرة إلى مصادر نفوذ أخرى في البلاد.

وعلى سبيل المثال، تلعب قطر دورا مهما في الفضاء الدبلوماسي كميسّرة للحوار، حيث تنخرط العديد من البلدان في الحوار مع "طالبان" في الدوحة، كما يمكنها تزويد أفغانستان بكل من المساعدة المدنية والتقنية.

ولا تشارك تركيا أيضا أرضا أو حدودًا بحرية مع أفغانستان، وبالتالي لن يضاهي نفوذها المحتمل ذلك الذي تمتلكه في أماكن مثل سوريا أو ناجورنو كاراباخ أو ليبيا، حيث تلعب تركيا دورا بارزا.

ووافقت "طالبان" على منح تركيا دورا في إدارة المطار - إلى جانب قطر - فيما يعود جزئيا لرغبة الحركة في الحفاظ على روابط مع الجهات الفاعلة الدولية وتجنب العزلة الدولية. ومع ذلك، فإن "طالبان" حذرة من إضفاء شق أمني كبير على الأمر.

وللتغلب على مقاومة "طالبان"، يبدو أن تركيا تظهر مرونة وقد تنظر في استخدام شركة أمنية خاصة مدعومة بعدد محدود من القوات الخاصة في المطار، بدلا من استخدام جيشها.

أما فيما يتعلق بالصعيد السياسي، فقد أرادت تركيا أن تشرك "طالبان" شخصيات تركية من أقلية الأوزبك أو ذوي الخلفيات التركمانية في الحكومة الجديدة،.

ومع ذلك، فإن "طالبان" لم تلبِّ المطالب التركية سواء على الجبهة السياسية أو الأمنية. وحتى إذا وافقت "طالبان" على دور أمني محدود لتركيا، فمن غير المرجح أن تساعد أنقرة على تحقيق طموحاتها.

ما هي طموحات تركيا؟

تريد أنقرة استخدام أفغانستان كورقة نفوذ لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، وكورقة ضغط مالي على أوروبا (خاصة فيما يتعلق بالهجرة) ولعب دور في إعادة إعمار أفغانستان في نهاية المطاف واكتساب موطئ قدم في الجغرافيا السياسية لوسط وجنوب آسيا.

ولكن يبدو أن أهداف تركيا صعبة التحقيق، فالدافع الرئيسي لحكومة "أردوغان" هو استخدام أفغانستان لإصلاح العلاقات مع إدارة "بايدن" في ظل تأزم العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة والغرب بشكل كبير في السنوات الأخيرة. ويبدو أن حكومة "أردوغان" راهنت على هذه أزمة جيوسياسية لتذكير الولايات المتحدة بقيمتها وتعتقد أنقرة أن أفغانستان هي الأزمة التي يمكن أن تساعد في إصلاح العلاقات مع إدارة "بايدن".

وقد تسبب الوضع في أفغانستان بالفعل في تغيير اللغة المستخدمة بين الولايات المتحدة وتركيا، ويشير المسؤولون الأمريكيون بشكل متزايد إلى تركيا كحليف استراتيجي وشريك لا يقدر بثمن، وهو شيء كانت إدارة "بايدن" قد تجنبته في السابق.

لكن ذلك سيظل محدودًا، لأن هناك شكوكًا بشأن مدى الأهمية التي ستمثلها أفغانستان بالنسبة للولايات المتحدة بعد سنة أو اثنتين من الآن. وفيما تحرص الولايات المتحدة على ترك ملف أفغانستان خلفها، فإن أنقرة تطمح لاستخدامه لأغراض تتجاوز أفغانستان في السنوات المقبلة.

وبالتالي، فإن هناك تباينًا ملحوظًا في نظرة الجانبين لأفغانستان. كما أن عودة "أردوغان" من رحلة أمريكية مؤخرا لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة دون تأمين اجتماع مع "بايدن" يوضح مقدار الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لتطلعات تركيا في أفغانستان.

أما الحكومات الأوروبية فتشعر بالقلق إزاء احتمال موجات جديدة من اللاجئين الأفغان الذين يتجهون للقارة لذلك ستحرص هذه الحكومات على العمل مع تركيا (بما إنها بلد لعبور اللاجئين) لوقف هذا المد.

وكان التنسيق فيما يخص الهجرة واللاجئين أحد أكثر مجالات التعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإن مستقبل هذا التعاون سيعتمد كثيرا على حجم تدفقات اللاجئين. وفضلا عن ذلك، فإن تركيا تستضيف بالفعل أكبر عدد من اللاجئين في العالم، وستقوض زيادة اللاجئين شعبية الحكومة.

أما فيما يتعلق بلعب دور في إعادة إعمار أفغانستان في نهاية المطاف، فإن أي دور يمكن أن تلعبه تركيا في هذا الصدد لن يُقارن بالدور الصيني.

إعادة صياغة للدور التركي

وبما أن النظرة الأمريكية الحالية لسياسة تركيا في أفغانستان لن تسمح لتركيا بجني الثمار التي تريدها، فمن المرجح أن تعيد تركيا صياغة دورها حسب أهمية أفغانستان.

وقد يركز الخطاب التركي الرسمي على البعد الخاص بآسيا والعالم التركي في تعامله مع قضية أفغانستان، إلا إن ذلك لن يكون في مصلحة السياسة الخارجية التركية، فلن توافق "طالبان" على مثل هذه الخطاب الذي يدّعي الوحدة العرقية كما ستغضب الصين وروسيا أيضا من هذا الخطاب.

وبالرغم أن هذه السردية قصيرة النظر، إلا إنه يرجح أن تمضي فيها تركيا حيث ستنجح بشكل جيد مع الجماهير المحلية.

ربما كانت أنقرة تأمل أن تقوم "طالبان" بتشكيل حكومة أكثر شمولية مع مزيد من الشخصيات من غير البشتون، والحكم الأكثر براجماتية لا سيما عندما يتعلق الأمر بتطبيق الشريعة الإسلامية وحقوق المرأة، من أجل تحقيق القبول الدولي.

وكان من شأن ذلك أن يجعل الانخراط مع "طالبان"، وحتى الاعتراف بحكومة "طالبان" في المستقبل، أقل تكلفة لتركيا، لكن حكومة "طالبان" الجديدة قد بددت بالفعل مثل هذه الآمال.

ومع انحسار الأضواء الدولية عن أفغانستان، من المرجح أن تطبق "طالبان" تفسيرًا صارمًا للشريعة الإسلامية، مما يجعل أي ارتباط أو تعاون مع "طالبان" مكلفًا للغاية بالنسبة لتركيا.

لذلك فإن أي سياسة غير مدروسة تجاه أفغانستان ستكون مكلفة، لدرجة أنها ستفوق أي فوائد كانت تركيا تأمل فيها عبر الاستفادة من دور أمني في مطار كابل.

المصدر | جاليب دالاي/تشاتام هاوس

التعليقات (0)