- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
مصطفى إبراهيم يكتب: استرداد انطاكية – رمضان عام 666هجرية
مصطفى إبراهيم يكتب: استرداد انطاكية – رمضان عام 666هجرية
- 28 أبريل 2022, 1:22:21 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
انتصارات رمضان
في شهر رمضان عام 666 هجرية الموافق أواخر سنة 1268ميلادية، نجحت الجيوش الإسلامية فى استرداد مدينة أنطاكية من يد الصليبيين بعد أن ظلت بأيديهم لمدة 170 سنة ..وسبق للمسلمين ان فتحوا انطاكيا سنة 637 ميلادية.
لكن الإمبراطور نيكيفوروس الثانى عاد فسيطر عليها، وفي عام 1085ميلادية، وقعت بيد السلاجقة، وأثناء الحملات الصليبية على سوريا دخلها الفرنجة عام 1096 ميلادية بعد أن حاصرها بوهيموند، ليصبح أول حاكم صليبي لها مكونا إمارة أنطاكية وهى أول إمارة صليبية، وبقيت المدينة في يد الصليبيين في الفترة الواقعة بين القرنين الثاني والثالث عشر حتى قيام الظاهر بيبرس السلطان المملوكي بتحريرها منهم سنة 1268 ميلادية.
كانت أنطاكية مدينة كبيرة قوية التحصين، سبق أن عجز الأباطرة البيزنطيون أنفسهم عن أخذها من الصليبين،وقبل أن تحاصر قوات بيبرس أنطاكية، قاد حاكم القلعة سيمون مانسيل، مع مجموعة من الفرسان، هجومًا فاشلًا ضد الجيش الإسلامي حتى لا يتم تطويق المدينة. كانت الدفاعات في حالة جيدة، لكن الحامية لم تكن قادرة على الدفاع عن أسوار المدينة الطويلة. قُبِض على مانسيل خلال هجوم سلاح الفرسان الأنطاكي، وأمره بيبرس بأمر مساعديه في أنطاكية بالاستسلام على الفور، وحقن الدماء. رفضَت الحامية الاستسلام وواصلت الدفاع عن الجدران، حتى سقطَت.
وجَّه الظاهر بيبرس خطابًا لبوهيموند السادس قبل دخوله أنطاكية، وهنَّأه لأنه لم يكن موجودًا وقت الحصار، ثم أنذره بشر ما كسبَت أيديهم في الشرق:
"قد علم الملك الجليل، المبجل، المعزز، الهمام، الأسد الضرغام، فخر الأمة المسيحية، رئيس الطائفة الصليبية، كبير الأمة العيسوية، بوهيموند، ألهمه الله رشده، وقرن بالخير قصده، وجعل النصيحة محفوظةً عنده، ما كان من قصدنا طرابلس، وغزونا له في عقر داره، وما شاهده بعد رحيلنا من خراب العمائر، وهدم الأعمار، وكيف كُنسَت الكنائس من على بساط الأرض، ودارت الدوائر على كل دار، وكيف جعلت تلك الجزائر من الأجساد على ساحل البحر كالجزائر، وكيف قتلت الرجال، واستخدمت الأولاد، وتملكت الحرائر، وكيف قطعت الأشجار، ولم يترك إلا ما يصلح لأعواد المجانيق - إن شاء الله - والستائر، وكيف نهبت لك ولرعيتك الأموال والحريم والأولاد والمواشي، وكيف استغنى الفقير، وتأهل العازب، واستخدم الخديم ،وركب الماشي، هذا وأنت تنظر نظر المغشي عليه من الموت»
كانت الرسالة ردًّا قاسيًا على مذبحة أنطاكية عام 1098، حيث كانت أنطاكية أول مدينة تسقط على أيدي الصليبيين، وأول إمارة لهم في الشرق؛ وكان حافز حصارها هو تحالف الصليبيين والأرمن مع المغول ضد المسلمين في معركة عين جالوت.
وهكذا سارت جيوش المسلمين إلى أنطاكية في مستهل شهر رمضان، وزحفت العساكر الإسلامية ناحية المدينة، فملكوها بالسيف، فى يوم السبت رابع شهر رمضان سنة 666فجرية .
و أختار بيبرس أن يكتب إلى الصليبيين فى أنطاكية يدعوهم وينذرهم بالزحف عليهم، وفاوضهم فى ذلك مدة ثلاثة أيام وهم لا يجيبون..
وبدأ "بيبرس" بمهاجمة المدينة حتى نجح فى اقتحامها وعندئذ فرت الحامية التى تقدر بثمانية آلاف إلى القلعة وأرسلوا يطلبون الأمان فأمنهم السلطان، وهكذا تم استيلاء بيبرس على أنطاكية فى رمضان سنة 666 هـجرية ، أواخر مايو 1268ميلادية، فدمرها وأحرق قلعتها وقتل كثيرا من أهلها، ثم قام بكتابة رسالة إلى بوهيمند السادس أميرها وأمير طرابلس يخبره بما حل بمدينته ورجاله.
وبذلك لم يبق من الإمارات الصليبية فى الشرق سوى طرابلس، ولذلك كان سقوط أنطاكية على يد بيبرس إيذانا بانهيار البناء الصليبى فى الشام، وإعلانا لحركة الجهاد الكبرى التى شنها سلاطين المماليك ضد الصليبين.
ويرى مؤرخون أن استيلاء المسلمين على أنطاكية سنة 1268ميلادية، أعظم فتح حققه السلطان بيبرس والمسلمون على الصليبيين منذ استعادة صلاح الدين الأيوبى على بيت المقدس سنة 1187ميلادية .