- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
محمد عايش يكتب: الحرب الإسرائيلية تنكسر… وهذه هي الأدلة
محمد عايش يكتب: الحرب الإسرائيلية تنكسر… وهذه هي الأدلة
- 9 يناير 2024, 9:53:06 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تقترب من المئة يوم، لتصبح أطول الحروب في تاريخ دولة الاحتلال على الإطلاق، فضلاً عن أنها الأعنف بلا شك، وربما تكون الأكثر أهمية أيضاً منذ عام 1948، ذلك أن الإسرائيليين يشعرون أكثر من أي وقت مضى بأن مشروعهم أصبح مهدداً، وأن دولتهم أصبحت آيلة للسقوط مع وجود هذا الحجم من المقاومة في الداخل، وليس في الخارج، كما كان الحالُ سابقاً.
الحرب الإسرائيلية العنيفة التي تستهدف قطاع غزة، لم تحقق حتى الآن أياً من الأهداف التي وضعتها تل أبيب قبل ثلاثة شهور، وفي مقدمة هذه الأهداف تحرير الرهائن المختطفين لدى حركة حماس، حيث لم يتم تحرير ولو رهينة واحدة بالقوة من بين أكثر من مئتي محتجز في قطاع غزة، بل إن الذين انكشف مكانهم وحاولت قوات النخبة تحريرهم انتهى الأمر إلى مقتلهم وفشل عمليات الكوماندوز التي كانت تهدف إلى تحريرهم.
منذ بداية الحرب ونحن نقول بأن الحروب تُقيّم بنتائجها وليس تفاصيلها، وأن العبرة بالمآلات وليس المسارات، وأن الطرف الخاسر في الحرب -أي حرب – ليس الذي يتكبد العدد الأكبر من الضحايا،
والدليل على ذلك أنه في الحربين العالميتين الأولى والثانية، فإن الطرف المنتصر هو الذي تكبد الخسائر البشرية الأكبر، لكن الحرب انتهت في مآلاتها لصالحه. في الحرب الإسرائيلية على غزة التي أنهت شهرها الثالث فإن ثمة العديد من المؤشرات والأدلة التي تؤكد أنَّ هذه الحرب تنكسر وتنكفئ، وأنَّ الإسرائيليين لم يعد لديهم الكثير من الخيارات، وأنهم لم يحققوا أياً من الأهداف التي وضعوها لأنفسهم قبل ثلاثة شهور، وفي ما يلي أبرز هذه المؤشرات:
أولاً: اغتيال الشيخ صالح العاروري ومن معه في لبنان كان عبارة عن محاولة للبحث عن أي هدف أو صورة انتصار بعد أكثر من ثلاثة شهور على فشل الجيش الإسرائيلي في اصطياد أي من قادة حماس، إذ أن السؤال هو: أين يحيى السنوار، ومحمد السنوار، ومحمد الضيف، ومروان عيسى.. وغيرهم الكثير من قادة حماس الميدانيين في غزة؟ ولماذا تركتهم إسرائيل وذهبت للبحث عن هدف لها في لبنان؟ والجواب على هذه الأسئلة واضح وهو، أن الحرب فشلت في اصطياد أي منهم، والبديل هو البحث عن أهداف في الخارج، عن شخصيات لا تتخذ أية اجراءات احتياطية ولا تتحصن في أماكن سرية، ما يعني سهولة الوصول إليها.
ما تريده واشنطن الآن هو وقف نزيف الخسائر، وعدم الغرق في مستنقع من العنف قد يُكبد إسرائيل وحلفاءها الكثير من التكاليف
ثانياً: التحركات الدبلوماسية الأخيرة والنشيطة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تشكل تحولاً في الموقف الأمريكي، ومحاولة واضحة لإنهاء الحرب، أو على الاقل تطويقها، وهذا مؤشر مهم على أن التقديرات في دوائر صنع القرار الأمريكية تتعامل مع هذه الحرب على أنها فشلت، وما تريده واشنطن الآن هو وقف نزيف الخسائر، وعدم الغرق في مستنقع من العنف قد يُكبد إسرائيل وحلفاءها الكثير من التكاليف.
ثالثاً: ثمة تحول أكبر وأوضح في الموقف الأوروبي، سواء على مستوى الاتحاد الأوروبي الذي صدر عنه العديد من المواقف اللافتة مؤخراً، أو على مستوى مواقف الدول الأوروبية منفردة، خاصة فرنسا وبلجيكا وهولندا وإلى حد ما ألمانيا التي أعربت أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة عن ضرورة تسوية القضية الفلسطينية على أساس «حل الدولتين»، وهو ما يتناقض مع رغبات اليمين الإسرائيلي المتطرف.
رابعاً: الخلافات السياسية المتصاعدة داخل إسرائيل، سواء بين مجلس الحرب والحكومة، أو بين أعضاء حكومة نتنياهو أنفسهم، أو بين الطبقة السياسية والشارع، أو داخل الكنيست، كلها تعمقت خلال الأيام الأخيرة، وهذا مؤشر قوي على اتساع رقعة الاعتقاد داخل إسرائيل بأن هذه الحرب فشلت، وأنها لم تحقق شيئاً، وأن استمرارها ليس له مبرر سوى أن نتنياهو يُحاول إنقاذ مستقبله السياسي والإفلات من السجن المحتمل الذي قد ينتهي إليه بعد هذه الحرب.
خامساً: من الناحية الميدانية أصبح واضحاً أن إسرائيل لم تتمكن في ثلاثة شهور من الحرب من تحقيق الأمن لنفسها، أو إضعاف القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية، على الرغم من استخدام أعلى درجات القوة والعنف ضد القطاع، بل حتى إطلاق الصواريخ الفلسطينية التي تستهدف تل أبيب ومدناً إسرائيلية أخرى لم يتوقف على الرغم من مرور ثلاثة شهور على الحرب.
والخلاصة هي أنَّ كل المؤشرات الراهنة تدفع الى الاعتقاد بأن الحرب الإسرائيلية التي تدخل يومها المئة، إنما هي تتجه إلى الانكسار والانكفاء، ولم تحقق شيئاً من الأهداف التي وضعتها تل أبيب سلفاً، أما اغتيال العاروري ومن معه في بيروت فلم يكن سوى عملية بحث عن انتصار بديل في مكان آخر بعد الفشل في اصطياد أي من قادة حماس في قطاع غزة.