محمد الصبان يكتب :مسيرة الأزهر الشريف (3)

profile
محمد الصبان كاتب صحفي
  • clock 26 أبريل 2021, 3:06:38 ص
  • eye 880
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

المرحلة العلمية الذهبية

بعد ما تم افتتاح الجامع الأزهر من جديد في عهد الظاهر بيبرس، زي ما شوفنا الحلقة اللي فاتت، بدأت مرحلة جديدة في مسيرة الأزهر الشريف التاريخية هتمتد 400 سنة تقريبا.

رافق اعادة افتتاح الأزهر 3 أحداث مهمين جدا ساعدوا بشكل كبير في ظهور الأزهر بشكل مهيب وقت إعادة افتتاحه وكأن القدر بيساعده إنه يتربع على عرش الصدارة في العالم الإسلامي. 

  • الحدث الأول كان سقوط بغداد في ايد التتار، واللي كانت قلعة العالم السني وعلماؤه، وده كان قبل اعادة افتتاح الأزهر بسنين بسيطة.
  • الحدث التاني كان انتصار الجيش المصري بقيادة المماليك على التتار في عين جالوت وهزيمة الزحف التتري اللي كان عامل اضطراب مهول في الأمة في الإسلامية لعقود.
  • الحدث التالت كان انتقال الخلافة العباسية بشكل رسمي للقاهرة واعلان استمرارها وانقاذها في عصر الظاهر بيبرس.
    الأحداث دي ساعدت بشكل كبير لتحول أنظار العالم الإسلامي كله للقاهرة وبالتالي للأزهر الشريف.

بتتميز المرحلة دي من تاريخ الأزهر بدعم السلاطين المماليك الغير محدود له ماديا ومعنويا، من ناحية لدعم سلطانهم في العالم الاسلامي كله بصفتهم حماة الخلافة، ومن ناحية لضمان استقرار حكمهم برضا العلماء والمشايخ وبالتالي العامة عنهم.
بعد اعادة فتح الأزهر ب 40 سنة تقريبا حصل زلزال كبير في مصر أدى لهدم كتير من معالم القاهرة ومنها مبنى الأزهر وجامع عمرو والحاكم مثلا، وبناء عليه تم اسناد مهمة تجديد الأزهر بشكل كامل للأمير سلار المملوكي.

وبعد التاريخ ده ب 60 سنة تقريبا قام الأمير الطواشي في عهد السلطان حسن بن قلاوون بتجديد الجامع وعمارته واضافة مقصورات جديدة وتجديد القديمة وتم عمل سبيل ماء للطلاب والزوار.

وفضلت الاضافات المعمارية تنهال على الأزهر على مدار السنين لغاية ما كان آخرها المنارة العظيمة ذات الرأسين اللي بناها قنصوه الغوري آخر سلطان مملوكي وموجودة لغاية النهاردة وتحولت لرمز للجامع وعلامة مميزة ليه.

عشان كده نقدر نقول ان المبنى الحالي للأزهر معظمه ان لم يكن كله مملوكي المعمار والطراز.

من جهة تانية بعيد عن المعمار، ومن أول وقته تحول الأزهر لملجأ للمستضعفين وللشعب في الملمات والمشاكل والأزمات واعتبره المصريين ملجأ حمايتهم من أي ظلم،

 من أول سنة 818 هجريا بعد مجموعة من الأحداث الاقتصادية والسياسية، فتح سودوب القاضي أبواب الجامع للفقراء واقاموا فيه وتكفل الأزهر بمؤونتهم.

من جهة تالتة ظهرت اسماء عظيمة في العلوم قاطبة زي الامام الشعراني قطب مصر، وزي ابن الدماميني فخر اللغة والنحو العربي، وكمان ابن اياس المؤرخ الأشهر للتاريخ المصري،

 وابن مكرم صاحب معجم لسان العرب الشهير، والشيخ السبكي والشيخ البلقيني والامام السيوطي وغيرهم وأدباء وشعراء زي الفيروزابادي والقلقشندي، وكل الاسماء اللامعة اللي احنا بنتعلم مؤلفاتهم لغاية النهارده.

وفي الحقبة دي كمان وصل ابن خلدون للقاهرة وحضر حلقات العلم في الأزهر حسب روايته هو شخصيا، ولجأ للأزهر عمر ابن الفارض الصوفي الشهير 

واعتزل الناس في رواقه وانطلقت من الأزهر مبادئ التصوف الإسلامي اللي أثرت لغاية النهاردة في الشمال الافريقي كله والجنوب السوداني. 

يعني باختصار يعتبر العصر ده هو العصر الذهبي للأزهر من الناحية العلمية وعصر ارتقاؤه عرش الصدارة في العالم الإسلامي.

ده من الناحية العلمية أما من الناحية الإدارية لم ينضج الأزهر بشكل كافي في الفترة دي وهنشوف النضج الإداري ده في المرحلة القادمة مع بعض إن شاء الله،

 في المرحلة دي كان الأزهر في الغالب بيكون تحت الإشراف الإداري لأحد الأمراء بالمشاركة مع قاضي القضاة وبتتم الإدارة عموما بالتنسيق مع قضاة المذاهب الأربعة والعلماء الكبار،

 والحقيق إن شدة الزخم العلمي غطت كتير على العيب ده، إلا في اوقات محدده لما السلطة السياسية كانت بتتدخل بشكل مجحف في شئون العلماء أو يحصل توجه سياسي أو ثقافي مغاير وده محصلش غير نادرا في الفترة دي.

بعد سقوط القاهرة في يد الأتراك العثمانين سنة 1517م دخل الأزهر في مرحلة ضعف شديدة بسبب انتقال كتير من العلماء والمدرسين ورموز الفكر لاسطنبول، 

ومرت آخر سنوات في المرحلة بتاعتنا النهارده على الأزهر بشكل تقيل وصعب مع انطفاء عام للحركة العلمية عموما في مصر،

 لأن سياسة العثمانيين كانت تحويل اسطنبول للعاصمة المركز للأمة بدلا من القاهرة، وبنوا هناك الجوامع الكبيرة كنوع من منافسة القاهرة وتحويل النظرعنها.

لكن بعد فترة تدارك الأزهر الخطر وظهرت الحاجة للترتيب الإداري لجعل الأزهر كيان مستقل ليه هيكلته الإدارية، ونلاقي سنة 1679 م أول شيخ أزهر عشان نبدأ مرحلة جديدة اسمها مرحلة المشيخة.



التعليقات (0)