طاهر الكتبي يكتب : شجرة الانبياء الحلقة الخامسة والعشرون

profile
  • clock 7 مايو 2021, 5:17:38 م
  • eye 799
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

سيدنا يحيى عليه السلام

 "يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا"

يحيى عليه السلام هو نبي الله الذى شهد الحق عز وجل له أنه لم يسم باسمه أحد من قبل « يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ، 

هو النبى الذى قال الحق عنه « وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا ، ومثلما أوتى الخضر علما من لدن الله ، أوتى يحيى عليه السلام حنانا من لدن الله ، 

والحنان هو العلم الشمولي الذى يشيع فى نسيجه حب عميق للكائنات ورحمة بها ، لقد كان يحيى فى الأنبياء نموذجا لا مثيل له فى النسك والزهد والحب الإلهي ،

 فهو النبى الناسك كان يضىء حبا لكل الكائنات. وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحارى والجبال ، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها فى بلاط ملك ظالم.

كان يحيى عليه السلام معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالته) وتروى السنة أن يحيى وعيسى التقيا يوماً فقال عيسى ليحيى: استغفر لى يا يحيى ، أنت خير منى. 

قال يحيى : استغفر لى يا عيسى ، أنت خير منى. قال عيسى: بل أنت خير منى ، سلمت على نفسى وسلم الله عليك. « وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا

ولد يحيى عليه السلام وسط عصر يمتلىء بقمم النقاء كما يمتلىء بقمم الطغيان ، وكانت السيدة مريم تمثل قمة النقاء فى هذا العصر ، إن محرابها المعطر المغلق يكاد يضىء بكلمات الصلاة المستمرة والذكر الخاشع والقلب الطاهر 

، كان ميلاد يحيى عليه السلام معجزة ، فقد جاء لأبيه زكريا عليه السلام بعد عمر طويل حتى كاد ييئس فيه الشيخ من الذرية. جاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبى زكريا.

كان يحيى عليه السلام يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها وحنانا عليها ، ويبقى هو بغير طعام أو يأكل من أوراق الشجر وثمارها ، 

وكلما كبر يحيى عليه السلام فى السن زاد النور فى وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحب الله والمعرفة والسلام وزادت رحمته وحنانه بوالديه والناس والمخلوقات والطيور والحيوانات والأشجار حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.

 وعندما صار صبيا نادته رحمة ربه « يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا فقد رزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبى.

 كان يحيى عليه السلام أعلم الناس وأشدهم حكمة فى زمانه ، درس الشريعة دراسة كاملة. لهذا آتاه الله الحكم صبيا ، كان يحكم بين الناس ويبين لهم أصول دينهم ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من الطريق الخطأ.

كان يحيى عليه السلام يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب ، ولم يكن هناك إنسان يكره أو يتمنى له الضرر ، كان يخرج إلى الجبال والحقول والصحراء فيمكث فيها شهورا متعاقبة يعبد الله ويبكى بين يديه ويصلى له 

، فكان ينام فى أى مغارة فى الجبل ، ومن كثر انشغاله فى ذكر الله كان إذا دخل عليه وحش وذئب من الجبل كان لا يلتفت إليه ويغادر الوحش المكان دون أن يحس به يحيى عليه السلام.

جاء صباح خرج فيه سيدنا يحيى عليه السلام على الناس ليدعوهم إلى الله وقال لهم إن الله عز وجل أمرنى بكلمات أعمل بها ، وآمركم أن تعملوا بها ،

 وأن تعبدوا الله وحده بلا شريك فمن أشرك بالله وعبد غيره فهو مثل عبد اشتراه سيده ، وقال لهم إن الله أمركم بالصلاة فإن الله ينظر إلى عبده وهو يصلى ما لم يلتفت عن صلاته ، 

فإذا صليتم فاخشعوا وآمركم بالصيام وآمركم بذكر الله عز وجل. كان إذا وقف بينهم يحدثهم أبكاهم من الحب والخشوع ،

 انتهى يحيى عليه السلام من كلامه فهبط من المنبر وسار عائداً إلى الصحراء ، ووقع الصدام بين سيدنا يحيى والسلطات الحاكمة فى ذلك الوقت.

كان أحد ملوك هذا الزمان طاغية وكان يريد أن يتزوج من أحد محارمه ، فسأل يحيى عليه السلام هل يجوز أن يتزوجها ، فقال له لا يجوز ، طلب منه الملك أن يجد له فتوى ترضيه ، 

رفض نبى الله أن يوافق الملك على رغبتة فزاد غضب الملك على يحيى عليه السلام فأمر بسجنه ، فذهبت إلى يحيى عليه السلام فى سجنه المرأة التى كان الملك يريد أن يتزوجها فأحست بنبل وجلال شخصيته 

 شاهدته يجلس منهمكا فى الصلاة والبكاء راقبته وهو يصلى حتى انتهى من صلاته ألقت بنفسها أمامه وسألته أن يحبها.

قال لها يحيى عليه السلام "ليس فى قلبى مكان لحب غير حب الله" ، نهضت المرأة يائسة وانصرفت عنه وقد امتلأ قلبها بكراهيته ، عادت إلى قصر الملك وطلبت منه أن يقتل يحيى بن زكريا ، وكان المك مخمورا وأصدر قرارا إلى حاشيته أن يقتلوا يحيى بن زكريا.

ارتفعت الأيدي الآثمة بالسيوف وهبطت على العنق النبيل. فتشقق قلب الصخور حنانا على النبى العظيم وهو يمضى إلى الشهادة.

الى لقاء فى الحلقة القادمة 

سيدنا عيسى عليه السلام

التعليقات (0)