رامي أحمد يكتب : تصور المعركة

profile
رامي أبو زبيدة كاتب وباحث بالشأن العسكري والامني
  • clock 27 مارس 2021, 3:58:17 م
  • eye 963
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تكتسب معرفة العدوّ أهمية بالغة وحاسمة في الأدبيات العسكريّة المختلفة، وقد كتب "سان تزو" في كتابه "فن الحرب" قبل أكثر من ألفي عام، قائلاً: "إن كنتَ تعرفُ عدوّك وتعرف ذاتك، حينها لن تخاف نتائج مئة معركة". إن تصور المعركة هو مفتاح إدارتها وهي العملية التي بواسطتها يستطيع القائد العسكري من فهم الحالة الآنية بشكل واضح وما هي الفعاليات المتعاقبة التي تتخذها الوحدات العسكرية للوصول الى الحالة النهائية وأول عمل يبدأ به هو تحديد الأرض التي سيتم القتال فيها وتهيئتها بما يوائم الجغرافيا العسكرية للمنطقة، كل هذا يسبق أي إجراء آخر.

إن الناحية المهمة التي يجب على القائد أن يتصورها هي الحالة الآنية لوحداته ووحدات العدو وهذا يتضمن، جاهزية القوات من الناحية القتالية، الإسناد الاداري، نشاط العمليات، معرفة الثغرات، طبيعة العمل المحتمل، وكذلك عوامل الطقس والعوامل البشرية مثل المعنويات واللياقة واستعدادات الحاضنة الشعبية والعوامل الأخرى.

يعد التصور من حيث الأساس أحد جوانب فن الحرب وهو خلق الصورة الذهنية والتفكير بها في حين إن الوصف هو موازنة بين فن الحرب وعلم الحرب، يتضح فن الحرب بشكل واسع في غاية القائد وفي توجيه التخطيط الذي يعتبر علماً أساسياً، عادة ما يبنى الأفراد أفكارهم بإتباع لغة الأفكار والصور أي بناء الصورة الذهنية والتفكير بها وليس لغة البيانات والمعرفة، هناك ثلاث مصادر معتمدة في بناء التصور الذهني كما يأتي :

  • المبادئ التي توجه سلوك القادة (الخبرة – التدريب - الثقافة العسكرية وثقافة العقيدة التدريبية والقتالية) .
  • أهداف القوة – الجدول الزمني لتحقيقها- الحالة النهائية عسكرياً والتي تتضمن (غاية القيادة العليا- مهمة القوة – غاية القائد نفسه).
  • القرارات التي تتعلق بتخصيص الموارد وتتابع الأحداث من أجل تحقيق أهداف القوة بما في ذلك الواجبات المحددة والاحداث المتوقعة.

إن التحوّل الذي طرأ على العقيدة العسكرية الصهيونية، من عقيدةٍ تؤكّد على أهمية العمليات المشتركة إلى مبدأ يرتكز أساساً على دور القوة الجوية وعملياتها المستقلة، خلق فجوةً حقيقيةً بين القوة العسكرية وقدرة الكيان على توظيفها في تحقيق أهدافٍ سياسيةٍ، إذ استطاعت المقاومة في خلق تصور لاستغلال تلك الفجوة، وتحقيق إنجازاتٍ عسكريةٍ لا يمكن إنكارها.

وقد تحدث كثيرون من الخبراء العسكريون أن "إسرائيل" تُكون تصوراتها للمعركة من خلال الثورة في مفاهيم الشؤون العسكرية الأنيقةً والمتطورةً، لكن ذلك لن يستطيع أن يحِلّ محلّ المفاهيم العسكرية البسيطة التي تمسّك بها المفكّرون العسكريون منذ قرون وتعمل من خلالها قوى المقاومة وتستنبط مفاهيم عسكرية خاصة بها ، مثل توجيه العمليات ضدّ مراكز الجاذبية - وليس مجرد خلق" تأثيراتٍ"، أو في إهمال الدور الذي تلعبه القوات البرية والعنصر البشري في النصر بالمعارك والحروب؛ وأهمية إلحاق ضررٍ جسديٍّ مباشرٍ بالعدو ... وحقيقة أن العدو أيضاً لا يلتزم بالقواعد التي يرغب المرء في إملائها.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)