- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
خبراء: التطبيع السعودي إسرائيلي محل شك.. لهذه الأسباب
خبراء: التطبيع السعودي إسرائيلي محل شك.. لهذه الأسباب
- 25 أغسطس 2023, 12:31:22 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أعرب خبراء في شؤون الشرق الأوسط عن درجات متفاوتة من الشكوك حول ما يمكن أن تسفر عنه المفاوضات بين السعودية وإسرائيل حول تطبيع العلاقات بينهما، بالنظر إلى العقبات التي لا تزال في طريق التوصل إلى اتفاق، وعلى رأسها العوائق الأمنية والدفاعية، وذلك رغم تواتر التقارير التي تفيد بأن البيت الأبيض يجري مناقشات مع الرياض وتل أبيب حول التطبيع.
وفي تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، ذكر موقع "بريكنج ديفينس"، أن كلا من واشنطن والرياض تحرصان على نفي أن أي اتفاق بشأن التطبيع أصبح وشيكًا، مشيرا إلى أن واشنطن تريد الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.
وفي السياق، يرى بعض الخبراء أن السعودية تدرك أنها تملك زمام أوراق اللعبة، ويمكنها محاولة استنزاف إدارة بايدن، التي تسعى يائسة لتحقيق إنجاز كبير في السياسة الخارجية قبل الانتخابات الرئاسية، للحصول على تنازلات أمريكية كبرى.
ولا يُعرف الكثير حتى الآن عن التقدم المحرز في المفاوضات وإطار اتفاق التطبيع المرتقب بين السعودية وإسرائيل، غير أن قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، هذا الأسبوع إن الإدارة "لا تتوقع أي إعلان وشيك.. بشأن مسألة التطبيع".
وقبل ذلك، أبدى المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي المزيد من الحذر، وقال في 9 أغسطس/آب: "لقد تركت التقارير لدى بعض الناس انطباعًا بأن المناقشات أبعد وأقرب إلى بعض الشعور باليقين مما هي عليه في الواقع"، مع تأكيده أنه "لا توجد مجموعة متفق عليها من المفاوضات، ولا يوجد إطار متفق عليه لتقنين التطبيع أو أي اعتبارات أمنية أخرى".
وقال جوناثان لورد، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد: "أعتقد أنه من المهم الاعتراف بأنه لا يبدو أن هناك الكثير "على الطريق" بخلاف اتفاق لمواصلة التوصل إلى التطبيع".
وأضاف: "تفيد التقارير أنه من أجل المضي قدمًا، تسعى الرياض للحصول على ضمانات أمنية من واشنطن، إلى جانب القدرة على شراء أنظمة أسلحة متقدمة واستلامها في الوقت المناسب، وأخيراً برنامج طاقة نووية مدنية. وهذا أمر صعب، لكنه قد لا يكون مستحيلا إذا تمكنت الإدارة من إشراك الكونجرس بشكل استباقي".
أما الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة تحليلات الخليج، جورجيو كافييرو، فأبدى قدرا أكبر من التشكك، قائلا: "لا أعتقد أنه في ظل الظروف الحالية ستقوم السعودية بالتطبيع مع إسرائيل. إن طبيعة الحكومة الإسرائيلية تساهم إلى حد كبير في شكوكي".
وأوضح: "الرياض واضحة في أن تقديم إسرائيل تنازلات للفلسطينيين سيكون ضروريًا لانضمام المملكة إلى معسكر التطبيع، والحكومة الإسرائيلية الحالية لن تقدم مثل هذه التنازلات".
وأبدى ديفيد دي روش، الأستاذ المشارك في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الأمنية، تشاؤمه أيضا، لكنه اقترح وضع طريقة للعمل من أجل التوصل إلى اتفاق أصغر من مستوى التطبيع.
وقال دي روش: "أعتقد أن التقارير التي تهم السعودية يجب أن تؤخذ على أنها مناورة افتتاحية متطرفة فيما يحتمل أن يكون سلسلة طويلة من المفاوضات، والتي لن تبدأ بشكل جدي إلا بعد أن يتولى كل من الرئيس [جو] بايدن والملك سلمان [بن عبد العزيز آل سعود] مهامهما".
وأضاف: "هناك انعدام للثقة لدى الجانبين في هذه المناقشة، ونوع التنازلات التي ستطلبها المملكة ربما يكون خارج قدرة إدارة بايدن على تقديمها".
وأشار إلى أن إدارة بايدن يمكن أن تسعى إلى اتفاق مؤقت على نطاق أصغر من خلال إجراءات تنفيذية، قبل الانتخابات الأمريكية من أجل تحقيق إنجاز على مستوى السياسة الخارجية.
وللوصول إلى ذلك، من المرجح أن تضطر الولايات المتحدة إلى "دفع أثمان زائدة" من أجل إبرام صفقة محدودة يمكن تصويرها على أنها "تفتح الباب أمام التطبيع" بحسب روش.
التفوق الإسرائيلي النوعي
ويمثل التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، أحد الملفات الفنية الرئيسية التي أثارها الخبراء، باعتباره معيار مطلوب قانونًا من قبل الكونجرس الأمريكي، ونظرًا لأنه من المتوقع أن يطلب السعوديون أسلحة متطورة من الولايات المتحدة، فقد يصبح هذا الملف كمشكلة عملية لأي صفقة.
وفي السياق، قال كريستيان كوتس أولريشسن، الزميل بقسم الشرق الأوسط في جامعة رايس: "إن أي اتفاق مع السعودية يجب أن يكون متوازناً مع اعتبارات التفوق العسكري النوعي لإسرائيل والتي ستحدد نوع الصفقات الدفاعية التي قد يتم تضمينها في أي حزمة من هذا القبيل".
ورجح كريستيان ألكسندر، زميل بارز ورئيس قسم الدراسات الاستراتيجية في مركز الأبحاث والأبحاث الاستشارية "تريندز" في الإمارات، أن يسعى السعوديون إلى الوصول إلى تقنيات الدفاع المتقدمة، مثل طائرات F-35، فيما توقع لورد أن تسعى المملكة إلى الحصول على نظام ثاد أو المزيد من أنظمة باتريوت.
وقال لورد: "من الممكن أن يكون لديهم أنظمة محددة في أذهانهم، لكن هدفهم على الأرجح أوسع من ذلك. فالسعوديون يملكون بالفعل طائرات من طراز F-15، وكان استمرار الصيانة والدعم اللوجستي لهذه الطائرات قضية مثيرة للخلاف في الكونجرس".
ويرى لورد أن الفترة المقبلة ستحدد ما إذا كانت واشنطن قادرة، أو راغبة في الموازنة بين تعطش السعودية للأسلحة عالية التقنية، وبين التفوق العسكري الممنوح لإسرائيل، موضحا: "حتى لو وافقت الولايات المتحدة على بيع الأسلحة التي تريدها للسعودية، فهناك عوامل عالقة تعني أن السعوديين قد لا يحصلون عليها بالسرعة المطلوبة".
وفي ملف آخر، أشار دي روش إلى احتمال إصرار السعوديين على تقديم إسرائيل تنازلات كبيرة بشأن حكمها للفلسطينيين، والتي من المرجح أن تشمل تدمير المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
وأوضح: "لا أستطيع أن أتخيل أن الحكومة الائتلافية المنقسمة في إسرائيل لديها القدرة أو المصلحة لتقديم هذا النوع من التنازلات على نطاق من شأنه أن يثير اهتمام السعوديين. في حين أن المملكة ليست دولة ديمقراطية، إلا أنها تستجيب للرأي العام ومن غير المرجح أن تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بينما تترك وضع الفلسطينيين لنتنياهو".
وفي الوقت نفسه، فإن أي تقارب آخر بين السعودية وإيران يمكن أن يزيد الأمور تعقيداً، ولذا شدد لورد على أن الرياض ستبذل ما في وسعها للحد من التوترات مع طهران، كما فعلت عندما أعلنت الاتفاق الثلاثي مع بكين في مارس/آذار، لكنها في الوقت نفسه، ستعمل بهدوء واجتهاد لبناء القدرة العسكرية لتحييد القوة العسكرية الإيرانية.
وأضاف: "هذا يعني العمل مع الولايات المتحدة، وربما إسرائيل، وبالتأكيد آخرين أيضًا. وستعمل الرياض على علاقتها مع إيران بالتوازي مع علاقتها مع واشنطن وتل أبيب".
وتابع لورد: "من وجهة النظر السعودية، فإن هذه الجهود مكملة للأمن السعودي ولا تتعارض على الإطلاق مع بعضها البعض".
لكن هذا يعني أن المملكة سوف تسير على حبل دبلوماسي مشدود، وفقًا لأولريخسن، موضحا: "إن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران يتعلق برغبة قيادة المملكة في إزالة المخاطر عن المشهد الإقليمي، ومن غير المرجح أن يتخذ السعوديون أي خطوة تجاه التطبيع مع إسرائيل ما لم يشعروا بالاطمئنان إلى أنها لن تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار".
موقف السعودية الفريد
وحتى لو كان التغلب على العقبات السابقة ممكنا، فمن المرجح أن تقدم السعودية قائمة من "الطلبات" تتجاوز التكنولوجيا العسكرية، وما ما علق عليه دي روش قائلا: "تمثل اتفاقيات إبراهيم تطورًا كبيرًا في حد ذاتها، لكن التقدم المحرز حتى الآن في التطبيع مع إسرائيل سيتضاءل أمام الاعتراف السعودي بإسرائيل".
وأضاف أن السعودية تدرك أنها في وضع فريد من نوعه باعتبارها الدولة العربية الوحيدة التي لم تشهد الاستعمار، وتحكم اثنين من أقدس الأماكن في الإسلام (مكة والمدينة).
وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستنظر إلى اعتراف السعودية بإسرائيل على أنه "نقطة تحول"، وتوقع أنه بمجرد اعتراف المملكة بإسرائيل، فإن الدول العربية الأخرى، التي اختارت عدم الاعتراف، سيُنظر إليها في الغرب على أنها دول متطرفة ومتخلفة على الصعيد الدولي.
فيما اعتبر أولريشسن أن التطبيع مع إسرائيل سيغير قواعد اللعبة للمنطقة بأكملها، وليس الخليج فقط، مشيرا إلى أن السعوديين يبحثون عن تنازلات كبيرة، على رأسها: ضمان أمني بأن الولايات المتحدة سترد عسكريا على أي هجوم تتعرض له المملكة.
وقال دي روش عن الاهتمام السعودي بمثل هذه الضمانات: "من الصعب تحديد كيف يمكن لأي إدارة (أمريكية) أن تبرم مثل هذا الاتفاق"، مؤكدا أن "السعوديين ليسوا أغبياء: فهم يعلمون أن هذا النوع من الالتزام لا يمكن أن يكون ملزما للولايات المتحدة إلا من خلال معاهدة، ولكن من غير المرجح أن تقدم إدارة بايدن مثل هذه المعاهدة للتصديق عليها".