تكبير الخط تصغير الخط

في ضربة وصفت بـ"القوية" لعملية روسيا العسكرية، تسبب انفجار ضخم يوم السبت، في إلحاق أضرار جسيمة بالجسر الوحيد الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا.

ذلك الانفجار والذي استهدف أطول جسر في أوروبا، أرجعته روسيا إلى انفجار شاحنة مما دمر جزءًا من طريق إمداد مهم للقوات الروسية في أوكرانيا. وفيما لم تعلن كييف مسؤوليتها عن الانفجار، إلا أن عدة مسؤولين أوكرانيين علقوا على ما جرى وأعلنوا حتى اعتزامهم إصدار طابع بريدي للاحتفاء به.
 

وفيما كانت ردود الفعل الأوكرانية تحتفي بهذا "التفجير"، مؤكدة ضرورة "إعادة كل شيء مسروق إلى أوكرانيا"، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ذلك دليلا على "الطبيعة الإرهابية" للسلطات الأوكرانية.

وبعيدًا عن الاتهامات المتبادلة بين الطرفين والمتهم وراء التفجير، بدت أسئلة حول أهمية الجسر، وماذا يمثل للقوات الروسية في أوكرانيا، وكيف سيؤثر على الحرب الأوكرانية؟ في حاجة إلى أجوبة.

فماذا نعرف عن جسر القرم؟

• جسر القرم يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم، ويضم طريقا بريا ومسارا للقطارات، إلا أن الانفجار الذي صف بـ"القوي" والذي استهدفه يوم السبت، أضر بطريق إمداد مهم للقوات الروسية في أوكرانيا.
• يبلغ طول جسر القرم 19 كيلومترا فوق مضيق كيرتش وهو الرابط المباشر الوحيد بين شبكة النقل في روسيا وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو من أوكرانيا في عام 2014.
• كان الجسر مشروعا رائدا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي افتتحه في احتفال كبير قاد خلاله بنفسه إحدى الشاحنات في 2018.
• يتألف الجسر من طريقين منفصلين، أحدهما بري والآخر للسكك الحديدية، فيما شيد الجسر فوق نقطة تمر منها السفن بين البحر الأسود وبحر آزوف الأصغر.
• بني الجسر بتكلفة بلغت 3.6 مليار دولار، وشيدته شركة يملكها أركادي روتنبرج، وهو حليف مقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكان يلعب معه الجودو.
• ذكرت وكالة الأنباء الرسمية ريا نوفوستي أن جسر كيرتش قادر على التعامل مع 40 ألف سيارة في اليوم ونقل 14 مليون راكب و 13 مليون طن من البضائع سنويًا.

ما أهمية هذا الجسر؟

تقول وكالة "رويترز"، إن الجسر مهم لإمداد شبه جزيرة القرم بالوقود والمواد الغذائية وغيرها من المنتجات، ويقع في شبه الجزيرة ميناء سيفاستوبول الذي يُعد تاريخيا قاعدة لأسطول البحر الأسود الروسي.

وصار الجسر طريق إمداد رئيسيا للقوات الروسية بعد أن بدأت روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، فاستخدمته موسكو لإرسال قوات من شبه جزيرة القرم للسيطرة على معظم منطقة خيرسون في جنوب أوكرانيا وبعض أجزاء منطقة زابوريجيا المجاورة.

والجسر مهم من الناحية الاستراتيجية لأنه يربط منطقة كراسنودار الروسية بشبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014، ويعد شريانًا مهمًا لتزويد شبه جزيرة القرم باحتياجاتها اليومية وإمداداتها للجيش.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، استخدمت عشرات القوافل العسكرية الروسية الجسر، محملة بالمركبات والمدرعات والوقود. وإذا تم إعاقة استخدام الجيش الروسي للجسر، فإن خطوط إمداد القوات في جنوب أوكرانيا ستصبح أكثر هشاشة، خاصة عندما تقترن بالتقدم الأوكراني جنوبًا إلى منطقة خيرسون، شمال شبه جزيرة القرم.

واستخدمت روسيا خطوط السكك الحديدية في القرم لنقل الإمدادات إلى القوات في خيرسون، إلا أن العديد من مراكز السكك الحديدية في القرم وخيرسون تعرضت لهجمات بصواريخ أوكرانية بعيدة المدى.

وستكون الأضرار التي حدثت يوم السبت بمثابة ضربة "نفسية" لموسكو؛ فالجسر كان تعبيرًا ماديًا عن هدف بوتين لربط أوكرانيا بروسيا.

ويمتد الجسر على مضيق كيرتش، الذي يربط البحر الأسود ببحر آزوف، حيث توجد الموانئ الأوكرانية الرئيسية، بما في ذلك ماريوبول. وبالنسبة لروسيا فإن الجسر يرمز إلى "إعادة التوحيد" المادي لشبه جزيرة القرم مع البر الرئيسي الروسي. ويحمل الجسر الكثير من احتياجات شبه جزيرة القرم - مثل الوقود والسلع - وقد استخدم بانتظام لتزويد القوات الروسية بالأسلحة والوقود.

إلا أن التفجير الذي وقع يوم السبت وأدى إلى سقوط أجزاء من الطريق البري في أحد اتجاهيه، قالت عنه وزارة الدفاع الروسية، إن قواتها يمكن أن يتم إمدادها بالكامل من خلال الطرق البرية والبحرية القائمة، مشيرة إلى أن المسافة التي تمر منها السفن عبر المضيق لم تتضرر.

وفيما تم تعليق حركة المرور في البداية بعد الحادث، لكن بحلول المساء سُمح للسيارات والحافلات بعبور الجسر في الاتجاهين بالتناوب باستخدام الحارات التي بقيت سليمة، بينما انتظرت مركبات البضائع الثقيلة للعبور بواسطة عبارة.

هل تأثرت حركة النقل عبر الجسر؟

ووفقًا لرئيس شبه جزيرة القرم الذي عينته روسيا سيرجي أكسينوف، فإن خدمة العبارات في شبه جزيرة القرم ستعمل مجانًا وسيتم دعمها من ميزانية الدولة، مشيرًا إلى أن جميع الفنادق المحلية أكدت إقامة مجانية للسياح الذين لم يتمكنوا من مغادرة شبه الجزيرة يوم السبت.

وغادرت أول عبّارة ركاب الميناء في كيرتش متوجهة إلى ساحل كوبان، وهي منطقة في جنوب روسيا يفصلها مضيق كيرتش عن شبه جزيرة القرم.

ووفقًا لبيان نُشر على الموقع الإلكتروني لمجلس الوزراء الروسي، فإنه جرى استعادة الأضواء على الجسر حتى يمكن إجراء الإصلاحات على مدار الساعة، مشيرًا إلى أن الغواصين سيبدؤون أعمالهم صباح الأحد ويفحصون جميع دعامات الجسر.

وفي الوقت الحالي، لا يمكن لشاحنات وحافلات الإمداد استخدام الجسر للسفر من شبه جزيرة القرم إلى روسيا، فيما قالت موسكو، إن شاحنات وحافلات الإمداد ستنقل بدلاً من ذلك من شبه جزيرة القرم إلى روسيا عبر خدمة العبارات، وليس الجسر.

وفيما لم تتضح الآثار طويلة المدى على استخدام الجسر على الفور، قال مسؤولون روس إن حركة مرور السيارات استؤنفت بشكل محدود على الأجزاء السليمة من طرق الجسر بحلول مساء السبت وأن خدمات القطارات استؤنفت على خطوط السكك الحديدية بالجسر.

وفي وقت متأخر من مساء السبت، قالت وزارة النقل الروسية في بيان إن أول قطار ركاب استأنف السفر عبر الجسر متوجها من شبه جزيرة القرم إلى كراسنودار كراي في جنوب روسيا.

وأصبح القطار رقم 28 ذو الطابقين المغادر من سيمفيروبول في طريقه إلى موسكو أول قطار يمر عبر الجسر بعد حالة الطوارئ. وغادر القطار عاصمة جمهورية القرم في الموعد المحدد في الساعة 17:10 ومر بالفعل عبر الجسر، لكن السلطات الروسية طلبت من الشاحنات ركوب العبارات عبر المضيق.