- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
تقرير : كيف يريد ان يشعل نتنياهو المنطقة ويجر أمريكا إلى حرب مع إيران
تقرير : كيف يريد ان يشعل نتنياهو المنطقة ويجر أمريكا إلى حرب مع إيران
- 1 مايو 2021, 2:40:14 م
- 656
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تقرير لـــ دانيال كورتزر و آرون ديفيد ( فورين أفيرز )
لم تقترب إسرائيل وإيران من تصعيد كبير أو الدخول في حرب حتى الآن، ومن المرجح أن يؤدي التقدم المستمر في المحادثات النووية الإيرانية في فيينا إلى إحباط أي احتمال لحدوث ذلك،
إذا رأت إسرائيل أن محاولة تقويض الاتفاق سيكلفها الكثير في علاقتها مع واشنطن. لكن العوامل التي قد تؤدي إلى انفجار كبير تتضافر الآن بطريقة مخيفة.
وكان انفجار 11 أبريل/نيسان في منشأة "نطنز" النووية ضربة دراماتيكية في حرب الظل حول برنامج إيران النووي. وردا على الهجوم، عززت إيران قدرتها على التخصيب.
وبعدها بأيام، سقط صاروخ سوري بالقرب من مفاعل "ديمونا" في إسرائيل في 22 أبريل/نيسان،
وردت إسرائيل بضرب موقع الإطلاق في سوريا. وتزيد مثل هذه السلسلة من الأحداث خطر التصعيد، حتى عن غير قصد.
وأعربت إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، المنشغلة بسياسات التعافي المحلي، عن نيتها لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، لكن يبدو أنها ليست في عجلة من أمرها للقيام بذلك.
لكن بدون الدبلوماسية الأمريكية المكثفة والمصممة لكبح كل من إسرائيل وإيران، يمكن للإدارة أن تجد نفسها بسهولة متورطة في صراع لا تريده ولا تحتاجه ويقوض أولوياتها الحقيقية في الداخل.
إيران المحطمة
وفي إحاطة للكونجرس في 14 أبريل/نيسان، حددت مدير الاستخبارات الوطنية "أفريل هينز" إيران كواحدة من أكبر 4 تهديدات تواجه الولايات المتحدة.
وأشارت إلى أنه من المتوقع أن تخاطر إيران بما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات وتهديد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في العام المقبل.
وينبع هذا التقييم جزئيا من الإحباطات المتزايدة لإيران في الداخل والخارج،
فقد دمرت العقوبات الاقتصاد الإيراني في الوقت الذي تتزايد فيه حالات الإصابة بفيروس "كوفيد -19".
وتتشدد إيران في موقفها الذي يطالب بإزالة جميع العقوبات الأمريكية، بما في ذلك تلك المتوافقة مع الاتفاق النووي، بينما ترفض طهران التعامل مباشرة مع واشنطن،
مما يجعل تخفيف العقوبات بعيد المنال في الوقت الحالي.
وحتى الآن، تتجنب طهران المخاطرة في الرد على الضربات الأمريكية والإسرائيلية، بما في ذلك اغتيال العالم النووي الكبير "محسن فخري زاده"، وتخريب المواقع النووية الإيرانية. لكن هذا الموقف يمكن أن يتغير. وقد تصبح إيران أكثر استعدادا للمخاطرة، كما كانت في عام 1996 عندما هاجمت منشأة عسكرية أمريكية في السعودية،
أو مثل خريف عام 2019 عندما ضربت منشآت النفط السعودية.
ويعد قرار إيران البدء في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% دليلا واضحا على أن البلاد لديها القدرة على الوصول إلى نسبة تخصيب 90%،
وهي النسبة اللازمة لتصنيع سلاح نووي. ولا يشير هذا القرار إلى قدرة طهران على صناعة قنبلة نووية على الفور أو أن تكون اتخذت القرار للقيام بذلك.
ولكن إذا فشلت المفاوضات، ستواصل إيران المضي قدما بأجهزة الطرد المركزي المتقدمة لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي.
وأصدرت الحكومة الإسرائيلية تحذيرات صارخة بشزن العودة إلى الاتفاق النووي دون تغييرات جذرية.
وإذا عادت الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال في ظل هذه الظروف،
فقد تزداد احتمالية التصعيد. وعاجلا أم آجلا، من المرجح أن تستخدم إسرائيل القوة العسكرية لمحاولة منع إيران من امتلاك قنبلة نووية مما يجذب الولايات المتحدة إلى الصراع.
حمل ثقيل وقيود عظيمة
وخلال حملته الرئاسية، وعد "جو بايدن" بالعودة السريعة إلى الاتفاق النووي مع إيران. وربما لا ينبغي أن يفعل ذلك سريعا، حيث يواجه أكثر مهمة شاقة لرئيس أمريكي منذ عهد "فرانكلين روزفلت"، وهي التعافي داخليا من آثار "كوفيد-19". وتجعل الأولويات المحلية والسياسية العودة إلى الاتفاق النووي أمرا صعبا بشكل خاص.
وتتعقد المهمة بسبب سياسات سلف "بايدن"، الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب". وفرضت إدارة "ترامب" عقوبات على إيران لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب. ولأن هذه العقوبات لا يغطيها الاتفاق النووي، فإن العودة إلى الاتفاقية لن تجعلها تختفي. لكن إيران طالبت برفع كل هذه العقوبات قبل أن تمتثل لالتزاماتها النووية.
ويدافع عدد قليل في واشنطن عن العودة للاتفاق النووي مع إيران وفقا للشروط التي كانت موجودة من قبل. ويعارض الجمهوريون وحتى بعض الديمقراطيين المهمين هذا الاتجاه. وقد تضافرت هذه العوامل، جنبا إلى جنب مع الحاجة إلى الاحتفاظ برأس المال السياسي للأجندة المحلية للإدارة، مما جعل "بايدن" حذرا من المخاطرة في ملف إيران النووي.
• حسابات أخرى
وتعكس تصرفات إسرائيل المتصاعدة ضد إيران المخاوف الأمنية لدى رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" وعدم ثقته في الولايات المتحدة. ولا يعتقد "نتنياهو" أن الولايات المتحدة مسؤولة بالكامل عن الرد على التهديدات التي يشكلها برنامج إيران النووي وقدراتها الصاروخية على إسرائيل.
ومن وجهة نظره، إذا أعادت الولايات المتحدة الدخول في الاتفاقية النووية دون تغييرها لمعالجة برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني أو أنشطتها في المنطقة، فستجد إسرائيل نفسها في موقف يتعذر فيه السكوت.
ولدى "نتنياهو" أسباب تجعله واثقا من قدرة بلاده على تولي هذه المواجهة بنفسها. وعلى عكس ما كان عليه الأمر منذ عدة أعوا، عندما كان للجيش الإسرائيلي نفوذ مقيد، يتمتع "نتنياهو" الآن بدعم رئيس أركان الجيش الجنرال "أفيف كوخافي". وتعد القدرات العسكرية لإسرائيل في مواجهة إيران أكثر تقدما بكثير مما كانت عليه قبل أعوام قليلة.
وقامت إسرائيل بتأمين مسارات طيران فوق السعودية ودول خليجية أخرى وحصلت من الولايات المتحدة على صهاريج وقود معززة. وتعمل هذه التطورات مجتمعة على تحسين قدرة سلاح الجو الإسرائيلي بشكل كبير على تنفيذ طلعات جوية متكررة ضد أهداف داخل إيران.
وبالإضافة إلى ذلك، تتمتع إسرائيل الآن بإمكانية الوصول إلى قواعد في الإمارات لإجراء المراقبة أو الغارات ضد إيران، عبر الخليج العربي.
علاوة على ذلك، قد يكون التصعيد مع إيران جذابا لـ "نتنياهو" في الوقت الذي يواجه فيه مشاكل داخلية، بما في ذلك تهم الفساد والمأزق السياسي. وربما يتحمس "نتنياهو" لفكرة قيادة بلاده إلى الحرب فقط من أجل الهروب من مشاكله القانونية. وربما يستفيد "نتنياهو" من هذه الفكرة بالفعل، لأن الجمهور الإسرائيلي لن يريد إثقال كاهل رئيس وزراء في زمن الحرب بمحاكمة، والتي من المحتمل أن يتم تأجيلها، حيث سيضطر المعارضون السياسيون إلى الالتفاف حوله في مشهد يجسد الوحدة الوطنية.
• أمريكا في مرمى الخطر
ولا توجد خيارات سهلة أملم الولايات المتحدة لصرف "نتنياهو" عن مسار التصعيد الذي يسلكه. ويعتقد "نتنياهو" أنه يعرف كيف يتعامل مع واشنطن، ولديه دعم كبير داخل الحزب الجمهوري وبين العديد من الديمقراطيين. ويدرك "نتنياهو" أيضا أن إدارة "بايدن" لن ترغب في تعريض أجندتها التشريعية المحلية للخطر من خلال الانخراط في نزاع عام مع إسرائيل.
وفي الواقع، فإن السياسة الأمريكية الوحيدة التي قد تردع "نتنياهو" عن الطريق المؤدي إلى الحرب ستكون الرفض الصارم والدبلوماسية القوية. وسيتعين على واشنطن أن تجعل "نتنياهو" يفهم أن المزيد من التصعيد مع إيران من شأنه أن يضر بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية وأن الإدارة الأمريكية لن تتراجع في مواجهة الضغوط السياسية الداخلية.
وفي الوقت نفسه، ستحتاج الإدارة الأمريكية إلى الضغط على الموقعين الآخرين على الاتفاق النووي لإخبار إيران بعبارات لا لبس فيها أن أفعالها استفزازية، وأن بعض مواقفها في محادثات فيينا غير معقولة، وأن الوقت ينفد للعودة إلى الامتثال الكامل.
وقد يسمح الموقف الحازم مع إسرائيل والدبلوماسية الصارمة بشأن الاتفاق النووي للولايات المتحدة بتجنب الانزلاق نحو التصعيد الخطير بين إسرائيل وإيران.
• الشراكة في تقاطع طرق
واستقرت إسرائيل وإيران مؤقتا على تخفيض مستوى النزاع. وفي ظل هذه الظروف، يخطو البرنامج النووي الإيراني خطوتين إلى الأمام ويدفعه الإسرائيليون خطوة واحدة على الأقل إلى الوراء. ومع عدم وجود قيود على سياستها، من المرجح أن تواصل إسرائيل الاغتيالات والهجمات الإلكترونية والتفجيرات من أجل عرقلة البرنامج الإيراني وإحباط جهود الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي. كما ستواصل إسرائيل تعزيز قدرتها العسكرية.
لكن قد لا يصمد هذا السيناريو على المدى الطويل، إما لأن هدف إسرائيل الحقيقي هو إثارة رد إيراني من شأنه أن يوفر غطاءً لهجوم على منشآت إيران أو ببساطة لأن استراتيجية أي من البلدين ليست ذكية أو مضبوطة بدقة مثلما يتخيل قادة كل منهما.
وفي سبتمبر/أيلول 2019، شنت إيران هجوما بطائرة بدون طيار على شركة النفط السعودية "أرامكو"، ما أدى إلى توقف نصف إنتاج النفط السعودي في غضون دقائق، وكان الهجوم مفاجئا للرياض وواشنطن. ولا يمكن لإسرائيل أن تعرف أي من هجماتها المتزايدة ستؤدي إلى رد إيراني قد يؤدي إلى تصعيد كبير، ولا أحد يعرف ما هو مستوى التخصيب الذي سيؤدي إلى هجوم إسرائيلي شامل على إيران.
بطريقة أو بأخرى، سوف يجر التصعيد الولايات المتحدة إلى حرب لم تسعى إليها، في وقت ومكان لم تختره.
ويجب على إدارة "بايدن" اتخاذ قرار. ويمكنها أن تراهن على أن الاستقرار الهش سيستمر حتى تكتمل أجندتها التشريعية، وفي هذه الحالة لا تحتاج إلى التدخل الآن. أو يمكن أن تتدخل الآن، على افتراض أن العواقب قريبة المدى للمواجهة السياسية مع إسرائيل والدبلوماسية القوية مع إيران ستكون أقل من عواقب وقوع حرب في غضون العامين المقبلين.
ومن المقرر أن يزور بعض كبار المسؤولين الأمنيين في إسرائيل، مثل مستشار الأمن القومي ومدير الاستخبارات العسكرية،
إلى جانب رئيس الموساد، واشنطن لإجراء محادثات مكثفة حول إيران على خلفية المخاوف الإسرائيلية من أن واشنطن لا تبدي الاهتمام الكافي لوجهات نظر إسرائيل.
لكن وفقا لتقارير صحفية إسرائيلية، صدرت تعليمات للمسؤولين الإسرائيليين بعدم التحدث عن تفاصيل المفاوضات الجارية في فيينا بشأن الاتفاق النووي.
وتعمل الحكومة الإسرائيلية على أهداف متعارضة مع أهداف الإدارة الأمريكية التي يأتي على رأسها استعادة التماسك المحلي واستقرار الشرق الأوسط.
وتديم حملة "نتنياهو" الحالية معارك رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرؤساء الديمقراطيين وتقوض التعاون المفترض الذي يميز التحالف طويل الأمد بين البلدين.
وربما تتصادم المصالح الأمريكية والإسرائيلية ببساطة. ومن المؤكد أن على رئيس الوزراء الإسرائيلي واجب الحفاظ على أمن بلاده،
لكن الرئيس الأمريكي لديه نفس الواجب أيضا. وفي مد وجذر العلاقات الدولية،
فإن اللحظات المحورية لا تكون واضحة دائما، لكن الأزمة التي أثارها التحدي الإسرائيلي للولايات المتحدة تبدو بالتأكيد واحدة منها.