- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
بروكينجز: تحولات السياسة الإقليمية تؤشر إلى مستقبل مظلم للاجئين السوريين
بروكينجز: تحولات السياسة الإقليمية تؤشر إلى مستقبل مظلم للاجئين السوريين
- 3 مايو 2023, 4:34:44 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلطت الباحثة بمعهد بروكينجز، ريفا دينجرا، الضوء على مستقبل اللاجئين السوريين في ظل التحولات السياسية الإقليمية الجارية، مشيرة إلى أن نتاج 12 عاما بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا عام 2011، أسفر عن وجود 6.8 مليون لاجئ سوري، فضلا عن تشريد غالبية سكان البلاد.
وذكرت ريفا، في تحليل نشرته بموقع المعهدوترجمه "الخليج الجديد" أن معظم اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن، وهي الدول الإقليمية الرئيسية المضيفة لهم، مهمشون اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا بدرجات مختلفة، ويصل معدل الفقر فيما بينهم إلى أكثر من 70% ويتفاقم بسبب الأزمات الاقتصادية المحلية.
وأدى تسييس وجود اللاجئين في كل بلد إلى ترك العديد من السوريين في أوضاع قانونية هشة ومنع اندماجهم، بحسب ريفا، مشيرة إلى أن الجهود التي يبذلها نظام بشار الأسد لتطبيع العلاقات الدبلوماسية الإقليمية تثير مخاوف من "عودة قسرية جماعية اللاجئين".
ففي لبنان وتركيا على وجه الخصوص، يواجه السوريون رأيًا عامًا متزايدًا مناهضًا للاجئين، ولطالما جعلت أحزاب المعارضة التركية من إعادة اللاجئين السوريين عنصراً أساسياً في أجنداتها تؤجج به المشاعر الشعبية المناهضة لسوريا قبل الانتخابات الرئاسية في 14 مايو/أيار الجاري. وفي لبنان، واجه السوريون ارتفاعًا في عمليات الترحيل التعسفي، بما في ذلك مداهمات قام بها الجيش اللبناني، الشهر الماضي.
لكن حتى في مواجهة التمييز المتزايد ضدهم، لا يعتزم أكثر من 70% من اللاجئين السوريين العودة إلى سوريا في غضون السنوات الخمس المقبلة، لسبب رئيسي، هو أن الكثير منهم لا يستطيعون العودة بأمان إلى ديارهم.
وبينما كانت الحكومة اللبنانية معادية نسبيًا للسوريين منذ البداية، نفذت تركيا والأردن مبادرات لتمكين اللاجئين من المشاركة في سوق العمل وتوسيع الخدمات، ومنحت تركيا الجنسية لأكثر من 200 ألف لاجئ.
وكانت بيئة السياسات الخاصة باللاجئين في الأردن أكثر ترحيبًا نسبيًا، حيث سن برامج طويلة الأجل مثل ميثاق الأردن لعام 2016 الذي يوفر تصاريح عمل ويوسع الوصول إلى التعليم لأكثر من 660 ألف لاجئ سوري مسجل مقابل دعم دولي وامتيازات اقتصادية للشركات الأردنية.
ومع ذلك، فإن السوريين في الأردن مقيدون بمهن محددة، وقد كافح ميثاق الأردن لتحقيق أهداف تصاريح العمل ونمو القطاع الخاص.
وتذبذبت السياسات المتعلقة بوصول اللاجئين السوريين إلى الخدمات مثل الرعاية الصحية، ولم تُترجم المساعدة إلى شمول اقتصادي، ليظل أكثر من 80% من السوريين في الأردن خارج مخيمات اللاجئين تحت خط الفقر.
فيما اتخذ السياسيون اللبنانيون اللاجئين السوريين كبش فداء لحالة الجمود السياسي والفساد في البلاد، وسعت الحكومة مرارًا وتكرارًا إلى الترحيل الجماعي لهم، لكن أعاقتها الضغوط الدولية في المقام الأول.
ومع تراجع الاقتصاد اللبناني منذ عام 2019، يعاني 9 من كل 10 لاجئين سوريين من الفقر، إلى جانب تزايد الفقر بسرعة بين المواطنين اللبنانيين.
أما تركيا فتؤوي أكثر من 3.4 مليون لاجئ سوري مسجل، وهي أكبر دولة مضيفة للاجئين في العالم.
ورحبت حكومة أردوغان في البداية باللاجئين، وقدمت وصولاً مجانيًا إلى الرعاية الصحية والتعليم، رغم أنها فرضت قيودًا على التنقل تقصر اللاجئين على المقاطعة التي يسجلون فيها. ومع ذلك، فإن المشاعر الشعبية المعادية للاجئين والخطابات السياسية ضد السوريين ازدادت سوءًا.
الجائحة والزلازل
وأدت تداعيات جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية الأوسع نطاقًا، التي تواجه تركيا، إلى دفع المزيد من اللاجئين إلى براثن الفقر، كما أدت الزلازل واقتراب الانتخابات إلى زيادة تعقيد مستقبل اللاجئين السوريين في تركيا وفي جميع أنحاء المنطقة.
فبعد الزلازل، تجلت المشاعر المعادية للاجئين بتركيا في سيل من الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي بأن السوريين ينهبون المساعدات، ما أدى إلى زيادة التوترات الاجتماعية والتمييز ضد السوريين من قبل السلطات الحكومية.
كما استغل نظام الأسد الزلازل لتوسيع حملة التطبيع مع دول المنطقة، وأكدت كل من الحكومة والمعارضة التركية التطبيع والعودة الجماعية للاجئين خلال الحملة الانتخابية.
ومع ذلك، تشير استطلاعات الرأي الخاصة بالسوريين، أنه من المحتمل ألا يترجم التطبيع بين تركيا والنظام السوري إلى عودة طوعية للاجئين على نطاق واسع نظرًا لاستمرار العنف والقمع والأزمة الاقتصادية في سوريا.
وتستدل ريفا على ذلك بالأردن، الذي انخرط بالفعل في التطبيع مع نظام الأسد تدريجياً منذ عام 2017، لكن قلة من اللاجئين عادوا إلى سوريا بسبب استمرار انعدام الأمن. بل إن الحكومة السورية نفسها بدت غير راغبة في قبول اللاجئين الذين يشكلون تهديدات محتملة لسلطتها، بحسب ريفا.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه عمليات الترحيل بجميع أنحاء المنطقة، فإن الإعادة القسرية الجماعية ستمثل انتهاكا للقانون الدولي وستجعل المزيد من السوريين يحاولون الوصول إلى أوروبا، وهو أمر لا تريده أوروبا والولايات المتحدة.
وبدلاً من ذلك، أصبح السوريون طبقة دنيا اقتصادية واجتماعية وسياسية شبه دائمة في البلدان المضيفة لهم، وغير قادرين على العودة إلى ديارهم ويواجهون استبعادًا متزايدًا أثناء نزوحهم. وتؤكد ريفا أن لهذا النهج عواقب إنسانية وخيمة بالنسبة لجيل الأطفال اللاجئين من ذوي الوصول المحدود إلى التعليم، وعلى الصحة العقلية والمستقبل الاقتصادي لكل من العائلات السورية والمجتمعات المضيفة، التي لا تحظى بالدعم الكافي.
وتضيف أن العواقب ستكون على الاستقرار والأمن كبيرة أيضًا، لا سيما إذا ركزت الدول الغربية بشكل أساسي على إنفاذ الحدود لمنع الهجرة بدلاً من دعم اللاجئين والدول المضيفة.
حلول سياسية
ولذا ترى ريفا أن الاستراتيجية الحالية تتطلب إعادة تفكير جادة، مشيرة إلى ضرورة الانتقال الكامل إلى النهج طويل الأجل في تقديم المساعدة والدعم الاقتصادي للبلدان المضيفة للاجئين. لكن الباحثة في بروكينجز تشير إلى أنه في حين دعا أصحاب المصلحة إلى البرمجة الموجهة نحو التنمية، لا سيما في حالات اللاجئين التي طال أمدها، تعتمد برامج المساعدة في كثير من الأحيان على دورات تمويل قصيرة الأجل تنفذها المنظمات غير الحكومية الدولية خارج أنظمة البلد المضيف.
وتضيف أن تسهيل النمو الاقتصادي الشامل ومشاركة المجتمع المضيف وعمل اللاجئين أمرًا بالغ الأهمية، مشيرا إلى أن الخبير في معهد بروكينجز، كمال كيريشي، دعا إلى اتفاق في تركيا لضمان إدراج اللاجئين السوريين في إعادة الإعمار، يحدد نهجًا يتم بموجبه تقديم الامتيازات التجارية إلى تركيا من قبل الدول الغربية لتحفيز نمو الأعمال وخلق فرص العمل، لا سيما في القطاعات ذات المستويات العالية من توظيف اللاجئين.
وترى ريفا أن هناك حاجة إلى مزيد من مشاركة المسؤولين المحليين ومنظمات المجتمع المدني الأكثر استعدادًا لدعم اللاجئين السوريين في مجتمعاتهم، إذ يعتبر المسؤولون البلديون في تركيا ولبنان والأردن جهات فاعلة في الخطوط الأمامية ومفتاح لتسهيل دمج اللاجئين محليًا.
وطرحت المنظمات إجراءات سياسية ملموسة يمكن للمانحين والدول المضيفة اتخاذها للبناء على القدرات المحلية لتخفيف التوترات.
كما ترى ريفا ضرورة وفاء المجتمع الدولي بالوعود التي قطعها بشأن مسارات إعادة توطين آمنة للاجئين وكذلك توسيع مسارات هجرة اليد العاملة.
ففي عام 2021، تم إعادة توطين ما يقرب من 17000 سوري فقط، وإزاء ذلك يسلك المزيد من السوريين طرق تهريب خطيرة.
وفي عام 2022، كانت طلبات اللجوء المقدمة من السوريين في الاتحاد الأوروبي هي الأعلى منذ عام 2016.
كما أن زيادة إعادة التوطين للسوريين أمر بالغ الأهمية كإشارة إلى أن الدول المتقدمة مستعدة لتقاسم المسؤولية في الترحيب باللاجئين، حسبما ترى ريفا، مشيرة إلى إسبانيا عرضت، عقب زلازل تركيا وسوريا، إعادة توطين عاجلة للاجئين في مناطق الكوارث.
كما تلفت ريفا إلى أن مطابقة أوضاع اللاجئين مع احتياجات العمل وتوفير التدريب على المهارات يمكن أن يساعد اللاجئين أيضا في الوصول إلى مجموعة واسعة من تأشيرات العمل في الخليج وأماكن أخرى.
ففي أعقاب الحروب العربية الإسرائيلية عام 1948 و 1967، تمكن العديد من اللاجئين الفلسطينيين في الدول المجاورة من العمل في دول الخليج.
وتختم ريفا تحليلها بالإشارة إلى أن اللاجئين يساهمون في الاقتصادات المحلية ويجتذبون الدعم الدولي للتنمية المحلية، ومع ذلك، فبدون الدعم الكافي والإدماج الاجتماعي والاقتصادي، يمكن للاجئين إجهاد الاقتصادات المحلية وأنظمة الخدمة العامة، وبدون نهج جديد، سيواجه اللاجئون السوريون والمجتمعات المضيفة لهم في الشرق الأوسط مستقبلًا مظلما.