الداعية خالد سعد يكتب: الجامية المدخلية وحزب النور.. خنجر مسموم في ظهر الدعوة الإسلامية

profile
خالد سعد داعية إسلامي مصري
  • clock 14 فبراير 2025, 2:52:50 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فإن الدعوة الإسلامية، منذ أن أشرقت شمسها على البشرية، وهي تواجه التحديات من كل جانب.

ولكن أخطر ما تواجهه ليس السيوف المسلولة، ولا الأعداء الظاهرين، بل الخيانة من الداخل، من أولئك الذين يتخذون الإسلام شعارًا، ويحملون رايته، لكنهم في الحقيقة يعملون على تقويضه من الداخل. هؤلاء هم الخطر الأكبر، لأنهم يتسللون إلى الصفوف، ويضربون في العمق، وهم يلبسون لبوس الدين، ويتحدثون بلسان الحق، لكن قلوبهم مليئة بالغدر، وعقولهم مأسورة لخدمة الطواغيت وأعداء الأمة.

المداخلة والرسلانيون... عبيد السلطان وأدوات الاستبداد

إن من أعظم الفتن التي تواجهها الأمة اليوم هي فتنة "المداخلة الجامية"، تلك الفرقة التي نشأت تحت رعاية الطغاة، وترعرعت في أحضانهم، لتصبح أداةً طيعة في أيديهم. هؤلاء لا يعرفون الإسلام إلا في إطار طاعة السلطان، حتى لو كان ظالمًا جائرًا يحارب الدين ويقمع أهله. فهم ليسوا دعاة توحيد، ولا أنصار سنة، بل هم أبواق للباطل، وأدوات لتبرير الظلم والاستبداد بل أصح واصدق ما يقال عنهم أن منهجهم قرأن وسنة بفهم الطغاة والمخابرات وأمن الدولة.

كيف يرضى مسلم أن يكون أداةً في يد الطغاة؟ كيف يرضى أن يسوّق للظلم، ويبرر للجور، ويحارب كل داعية صدق، وكل مصلح يسعى لإقامة دين الله في الأرض؟ أين هم من قول الله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} (هود: 113)؟ أين هم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" (رواه الحاكم)؟

أما أتباع رسلان، ومن سار على نهجه، فهم نسخة أخرى من المداخلة، لا يختلفون عنهم إلا في بعض التفاصيل، لكنهم يتفقون جميعًا في كونهم أدوات للطواغيت. يسبحون بحمدهم، وينافقون لهم، ويحاربون كل داعية صدق، وكل مصلح يسعى لإقامة دين الله في الأرض. هؤلاء لا يعرفون إلا لغة التزلف والتملق، ولا يرفعون صوتًا إلا لنصرة الظالمين.

المداخلة الجامية... شرذمة منبوذة وفتنة مستمرة

إذا نظرنا إلى المداخلة الجامية، وجدناهم شرذمة شاذة، أقلية منبوذة، لا يعرفون إلا الكذب والتدليس والتلبيس. منهجهم ليس مستقيمًا، وتدينهم ليس صادقًا، ومعتقدهم ليس متسقًا. تراهم يجمعون بين الإرجاء والخروج، فيبدّع بعضهم بعضًا، ويكفّر بعضهم بعضًا، ويرمون أنفسهم بالإرجاء والاعتزال، حتى لم يبقَ لهم من السلفية إلا الاسم، ولا من الاستقامة إلا الادعاء.

هؤلاء أقرب إلى التلف منهم إلى الحق، فلا يرون الحلال والحرام إلا وفق هوى السلطان. ما رضي به ولي الأمر فهو عندهم الدين، وما كرهه فهو الممنوع والمحرم. يسبحون بحمد الطغاة، ويرفعون رايات الظلم والاستبداد، فلا يقبلون إلا من كان على غرار طواغيتهم. أما إن قام عالم رباني، موحد تقي، نقي اليد واللسان، لا يخشى في الله لومة لائم، تراهم أول المتصدين له، حربًا عليه، وطعنًا فيه، ورميًا له بكل نقيصة.

إن هؤلاء لا يعرفون من الدين إلا اسمه، ولا من الإيمان إلا شكله. هم صناعة مشبوهة، وأداة خارجية، لا تختلف في منهجها عن الروافض في ولائهم الأعمى، وتقديسهم لمن لا يستحق التقديس. لكن بضاعتهم الفاسدة قد ردّت إليهم، وانكشف زيفهم، وخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين!

خيانة المداخلة في قضية فلسطين

مع تصاعد العدوان الإجرامي على قطاع غزة، وتضامن رجال دين وإعلاميين عرب ومسلمين وعالميين مع الشعب الفلسطيني، ظهرت أصوات نشاز من بعض رجال الدين والإعلاميين الذين يسخرون من حركات المقاومة في غزة، وعلى رأسها حماس. وهنا نلاحظ عدة أمور:

1. التشفي بمقتل المسلمين: لا يوجد مسلم صادق الإيمان يتشفى ويفرح بمقتل مسلم على يد كافر. وهذا يدل على خلل في عقيدة المتشفي، ويجعلنا نتساءل: إلى أي مستنقع وصل هؤلاء؟ إنهم بذلك يصبحون مخذلين ومعوقين، ومشاعرهم مشاعر صهيونية.

2. صمتهم عن جرائم الاحتلال: لم نسمع عن هؤلاء المدخليين الذين يدعون السلفية أنهم يستنكرون الإبادة والتجويع والتدمير الذي تقوم به إسرائيل بدعم أمريكي وغربي. همهم الوحيد هو تسليط ألسنتهم وسيوفهم على الضحية في غزة ولبنان، وعلى قادتها، بينما يسكتون عن المجرم القاتل والمغتصب.

3. ارتباطهم بالمخابرات: هؤلاء الاشخاص مرتبطون بالمخابرات العربية المربوطة بالمخابرات الأمريكية والصهيونية. فهم لا يهاجمون الصهاينة المحتلين لأراضي عربية وإسلامية، ولا يهاجمون أمريكا، ولا العلمانيين، ولا المطبعين. بل إنهم يتجاهلون حتى الحفلات الماجنة المختلطة التي تحدث في بلاد الحرمين، ولا ينتقدون طريق الإمداد البري الذي يربط الإمارات بالسعودية والأردن بدولة الاحتلال، والذي يعتبر شريانًا لمد الصهاينة بالمواد الغذائية والأسلحة.

4. تشويه المقاومة: بينما كان الفلسطينيون يبادون في غزة، ويقتلون بالمئات يوميًا، وتسوى بيوتهم بالأرض، لم يجرؤ حزب النور أو حاضنته الدعوية على إقامة مؤتمر واحد غضبًا لهم. بل إنهم أقاموا احتفالية تزلفًا للطغاة تحت ستار رفض تهجير الفلسطينيين. إنه تلاعب بالدين، وجعله أداةً للرقص الإيقاعي على أنغام الطغاة.

حزب النور... الوجه الآخر للخيانة

أما "حزب النور"، فقد رفع شعار "السلفية" كغطاء سياسي، لكنه في الحقيقة لم يكن إلا أداة في يد الطغاة. خدع البسطاء من المسلمين، وباع قضيتهم، وصالح الظالمين، وتحالف مع أعداء الشريعة، حتى صار ذنبًا من أذناب الطغاة، لا يملك قرارًا، ولا يتجرأ على قول الحق. بل رأيناه يشارك في المؤامرات ضد الدعوة الإسلامية، ويمهد السبيل لكل طاغية يريد إذلال الأمة وإخضاعها.

خيانة حزب النور في قضية فلسطين

بينما كان الفلسطينيون يبادون في غزة، ويقتلون بالمئات يوميًا، وتسوى بيوتهم بالأرض، لم يجرؤ حزب النور ـ أو حاضنته الدعوية ـ على إقامة مؤتمر واحد غضبًا لهم. فلما ذهب الخوف، أقاموا احتفالية تزلفًا للجنرال تحت ستار رفض تهجيرهم. إنه تلاعب بالدين، وجعله رقصًا إيقاعيًا، أو منصة دعاية تحت الطلب، ومقاولات أنفار حسب الاستدعاء من الأمن.

خاتمة: الخيانة لا مستقبل لها

مهما حاول هؤلاء أن يلبسوا الحق بالباطل، ومهما نافقوا الطغاة وساروا في ركابهم، فإن الأيام ستفضحهم، وستكشف الأمة حقيقتهم. لن يبقى إلا الحق وأهله، ولن تستمر راية إلا راية التوحيد والجهاد. وأما الخونة والعملاء، فإلى مزبلة التاريخ، حيث لا ذكر ولا أثر.

إن الدعوة الإسلامية قوية بفضل الله، ولا يمكن أن تقوضها خيانة بعض المنتسبين إليها. فالأمة الإسلامية أمة عزيزة، قادرة على تمييز الحق من الباطل، والخائن من المخلص. ولن ينتصر الباطل أبدًا، مهما طال الزمن، لأن الله تعالى قد وعد بنصرة دينه، وإعلاء كلمته. {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} (إبراهيم: 42).

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيدنا إلى الحق، واجعلنا من أنصار دينك، وحماة شريعتك. اللهم آمين.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)