الجريمة داخل إسرائيل.. هل انتهى الحلم الصهيوني؟

profile
رامي أبو زبيدة كاتب وباحث بالشأن العسكري والامني
  • clock 16 مارس 2021, 4:32:59 م
  • eye 1170
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

العقلية العنصرية الراسخة داخل المجتمع الإسرائيلي لم تنشأ من فراغ، بل من طبيعة المؤسسة الحاكمة ساهمت إسهاماً كبيراً في توسيع دائرة العداء للإنسان العربي من خلال انتهاج نهج تحريضي سافر ضد المواطنين العرب في الداخل ومن خلال إتباع خطاب إعلامي عنصري تحريضي وزرع ثقافة العداء تجاه الإنسان العربي وإبرازه على أنه "قذر ومصاص دماء" ولا يمكن التعايش معه والوثوق به.

لقد عانى الشعب الفلسطيني من هذه السياسة على مدار عقود من الزمن ومن خلال تصريحات قادة الدولة العنصرية والتي شكلت أرضية خصبة لتنامي العنصرية والعداء للمواطن العربي...

النظام السياسي الإسرائيلي بتعقيداته وأزماته الحالية، يتحول الان إلى أحد التهديدات والمخاطر التي قد تمسّ بالأمن القومي بمعناه الواسع وتقوّض "المناعة القومية وأمن الدولة الإسرائيلية" بعد خطر اندلاع حرب مع حزب الله أو إيران، وإمكانية حصول إيران على قنبلة نووية (المرتبة الأولى والثانية)، وإن كان بدرجة أقل، كما جاء في "التقرير الاستراتيجي السنوي" الصادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" في جامعة تل أبيب، والذي يُلخّص أهم المخاطر والتهديدات، إلى جانب الفرص، للفترة المُمتدة ما بين 2020-2021.

الكاتب إسرائيلي يوئيل زيلبرمان، رئيس منظمة "الحارس الجديد"، ذكر في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن "إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948 وحتى الآن، استثمرت جهودها في تأمين الحدود الخارجية ضد الدول المعادية، وبذلت جهودا لا حصر لها لتطوير التقنيات والقدرات التي حافظت في جميع الأوقات على التفوق العسكري والدفاعي في مواجهة التهديدات التي تظهر عليها صباحًا ومساءً".

وأضاف أن "الدولة فشلت فشلا ذريعا في توفير أمن الإسرائيليين الداخلي، حتى أصبحت حالة العنف في جميع أماكن معيشتهم تقريبًا مصدر إزعاج وجودي".

وأوضح أن "روتين الحياة الإسرائيلية اليوم هو آلاف من الجرائم التي يرتكبها المجرمون؛ وحوادث القتل اليومية، التي تشمل قتل النساء؛ والبناء غير القانوني الذي يصل إلى مئات الآلاف من المباني؛ وكميات لا يمكن تصورها من الأسلحة غير المشروعة؛ استيلاء القراصنة على مئات الآلاف من الأفدنة؛ والسرقات الزراعية بكميات ضخمة، يحصل كل ذلك في العديد من المناطق التي لا يوجد فيها وجود للشرطة الإسرائيلية".

وأكد أن "السخافة الأمنية تتمثل في أنه بينما يقود الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية معقدة في مكان ما، فإنه في الوقت ذاته يفقد السيطرة على عدة مئات من الدونمات في مناطق نيرانه، وتتم سرقة الأسلحة والذخيرة منه، التي يمكن أن تزود كتائب كاملة، وهذا الوضع لا يمكن تصوره، ويؤدي بإسرائيل إلى حدوث كارثة، ولذلك يجب أن يكون مفهوماً أن التحديات الأمنية المحلية تمثل أولوية للدولة لعشر سنوات قادمة".

لا وجود للمصلحة الوطنية المشتركة


كاتب إسرائيلي اخر قال إن فكرة المصلحة الوطنية المشتركة ليست موجودة في إسرائيل اليوم، وفكرة "الشعب الإسرائيلي" لا تعكس الواقع القائم حاليا، في ظل الفجوات السائدة بين الإسرائيليين على مختلف الأصعدة: اللغوية والثقافية والثغرات الاقتصادية، التي لا يمكن ردمها".

وأضاف ران أدليست في مقاله بصحيفة معاريف، أن "المزاعم الإسرائيلية بأنها دولة ديمقراطية، بسبب مظاهر الانتخابات وحرية التعبير والبرلمان وحرية الحركة والحرية الأكاديمية، هي في حقيقتها مظاهر جوفاء في جوهرها، لأن ما تشهده إسرائيل في الحقيقة هو فقاعات من الحرية، في حين أن البحر الكبير الذي تهتز فيه هذه الفقاعات هو دولة تفرقة عنصرية مظلمة".

وأشار إلى أن "العنف الناتج عن هذا الوضع جزء لا يتجزأ من تشكيل الواقع في الفترة التي تسبق الانتخابات الإسرائيلية، وهو يرتبط بحرمان الفلسطينيين من الحقوق الأساسية، لأن إسرائيل محكومة بالتفسير الراديكالي "للقبائل اليهودية" التي تبنت مواقع رئيسية فيها، وأنشأت تسلسلا هرميا للحقوق والواجبات فيها، فتأخذ هذه القبائل من اللوحة العامة بقدر ما يفرقها، على حساب قبائل المعارضة غير القريبة من المشهد السياسي".


لن تبقى للجيل القادم


في مقالة نشرتها صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، قال يوفال ديسكين، الرئيس السابق لجهاز "الأمن الإسرائيلي العام الشاباك": إن "إسرائيل لن تبقى للجيل القادم لأسباب ومؤثرات داخلية".

وأضاف "معظم العبء الاقتصادي والعسكري في إسرائيل سيتحمله قريبا 30% فقط من الإسرائيليين، وبهذه الطريقة لن ينجو الجمهور الإسرائيلي مما ينتظره من مشاكل".

وأكد ديسكين، أن هناك "سؤالا وجوديا استراتيجيا أوضحت أزمة كورونا مدى خطورته، هل تتمتع إسرائيل بالتماسك الاجتماعي والمرونة الاقتصادية والقوة العسكرية والأمنية التي تضمن وجودها الجيل القادم؟".

وتابع ديسكين: "أتحدث عن الاتجاهات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي تغير بالفعل جوهر إسرائيل، وتستطيع أن تعرض وجودها للخطر خلال جيل واحد، حيث يزداد الانقسام بين الإسرائيليين عمقا، وأصبح الانقسام بين اليمين واليسار مهيمنا أكثر بكثير من الخلاف بين اليهود والعرب، كما أن انعدام الثقة في أنظمة الحكم آخذ في الازدياد، والفساد ينتشر في الحكومة، والتضامن الاجتماعي ضعيف".

وأشار إلى أن "القوة الإقليمية المسماة إسرائيل غير قادرة على السيطرة على العديد من المسائل".


دعارة وتبييض أموال بالإمارات


بعد أقل من 3 أشهر على توقيع اتفاقية التطبيع بين البلدين، وتحديدا في مطلع ديسمبر/كانون الأول 2020، أفادت تقارير إسرائيلية بأن رؤساء عصابات الجريمة الكبيرة في إسرائيل، شرعت بالنشاط في الإمارات ونقل أعمالها إلى دبي على وجه الخصوص، وذلك من خلال تبييض الأموال وسمسرة العقارات وإبرام صفقات مخدرات مع عصابات دولية.

ووفقا للقناة 12 الإسرائيلية، التي استعرضت كواليس أنشطة عصابات الجريمة المنظمة الإسرائيلية في الإمارات، فإن الحديث يدور عن نشطاء عرب ويهود من حملة الجنسية الإسرائيلية، استغلوا فتح الرحلات السياحية بين البلدين وطاروا إلى الإمارات ونشطوا في دبي بإبرام صفقات مخدرات دولية، إلى جانب شراء عقارات.

وكشف ضابط كبير في الشرطة الإسرائيلية النقاب عن آليات وأساليب نشاط عصابات الجريمة المنظمة، قائلا إنهم "ينشطون ويعملون من خلال وكلاء ومندوبين لهم يرسلونهم إلى الإمارات، وبعضهم من رؤساء منظمات الجريمة، يتنكرون كرجال أعمال إسرائيليين، ويخفون حقيقة أنهم مجرمون خطيرون، ويقومون بإبرام صفقات مخدرات تقدر بعشرات ملايين الدولارات".

ووفقا لتقرير صحيفة "يديعوت أحرونوت" الذي اعتمد على رصد ميداني في الإمارات للاتجار بالنساء وسياحة البغاء وبيع خدمات الدعارة حتى في أرقى الفنادق بدبي، فإن العديد من الإسرائيليين الناشطين في منظمات الإجرام ودخلوا الإمارات قبل التوقيع على اتفاقية التطبيع، كانوا شركاء في نوادٍ للبغاء والدعارة مع إماراتيين، تعمل فيها فتيات من آسيا وروسيا وأوكرانيا ودول بأوروبا الشرقية.

وما إن أعلن عن إطلاق الرحلات السياحية إلى الإمارات، حتى شرع أولئك المجرمون عبر شركات سياحية وهمية، بتنظيم رحلات تشمل زيارة نوادي بغاء بمبلغ 1200 دولار. وشملت الرزم السياحية الطيران من مطار بن غوريون والإقامة أربع ليالي في دبي مع تأشيرة الدخول، وفقا للتحقيق الذي أجرته "يديعوت أحرونوت".


إن إسرائيل كيان غريب الثقافات والأعراق عن المنطقة، ولا يشكل مجموعها نسيجاً متجانساً ينطبق عليه وصف الشعوب، إنها عينات صغيرة من مجتمعات وشعوب متعددة في الأرض تجمعت على فكرة الاغتصاب والتعصب، وتاريخ قديم محدود الزمان في مواجهة التاريخ الواسع المتجدد، ومسيرة عاصفة تحيط بها الدماء من كل مكان، وأفكار رجعية متخلفة تجاوزها الزمان والمكان، وأداء متمرد على كل ما هو إنساني، وعلى النظام الدولي والقانون والقرارات الدولية، إن مثل هذه الوضعية لا تعطي فرصة كبيرة لنجاح النظام السياسي في احتواء الخلافات الداخلية فترة طويلة من الزمن.

التعليقات (0)