- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
"التنجيد".. موروث لا غنى عنه للبيت الفلسطيني (تقرير)
"التنجيد".. موروث لا غنى عنه للبيت الفلسطيني (تقرير)
- 12 مارس 2023, 10:15:30 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
غزة/ نور أبو عيشة/ الأناضول
- يعمل الفلسطيني سليم العكلوك في مهنة "تنجيد" المفروشات التي ورثها عن أجداده القدامى.
- عائلة العكلوك عملت بهذه المهنة منذ ما يقرب من 100 عام.
- تعد من المهن التراثية في فلسطين، وتشكل جزءا من هويتها وتاريخها.
داخل ورشة صغيرة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة، يضع سليم العكلوك (55 عاما) كومة من القطن الأبيض النباتي (الطبيعي) الذي يعد أساسا في مهنة "تنجيد" المفروشات المتوارَثة في عائلته من الأجداد القُدامى.
هذا القطن الأبيض، استخرجه العكلوك من مفروشات قديمة كالوسائد والفرشات والأغطية القديمة التي اشتراها من أصحابها، ويعيد تدويرها واستخدامها في حشو وسائد ومفروشات منزلية جديدة.
ويضع العكلوك داخل آلة قديمة محلية الصنع يزيد عمرها عن 30 عاما، هذا القطن المتشابك والمتحجر، ليخرج مفككا عن بعضه البعض ونقيا من الغبار والأتربة، وبيديه المرتعشتين، واللتين بدت عليهما آثار الغبار وتعب هذه المهنة، يبدأ بأعمال خياطة الوسائد تجهيزا لحشوها بالقطن.
وفور الانتهاء من حشوها، يشرع بواسطة عصا خشبية طويلة بالطرق على الوسائد كي تأخذ شكلا متناسقا يجذب المشترين.
يتمسك العكلوك بهذه المهنة التي بدأ العمل بها منذ أن كان بعمر 12 عاما، ويحافظ عليها من الاندثار في ظل انتشار المفروشات المنزلية العصرية والوسائد والفرشات الإسفنجية المضغوطة.
ورغم المخاطر الصحية التي تشكلها هذه المهنة جراء الغبار المتطاير من القطن الأبيض والأجزاء المتناثرة منه في الهواء، إلا أنها تعد مصدر رزق وأمل وحيد لعائلة العكلوك، المكونة من 18 فردا.
وفي حديث للأناضول، اعتبر العكلوك التنجيد من "المهن التراثية إذ يصل عمرها لـ100عام وعرفت في فلسطين، وتشكل جزءا من هويتها وتاريخها".
ووسط حالة التطور الصناعي وانتشار الآلات الحديثة إلا أن العكلوك وهو أحد المنجدين القلائل بغزة، يرفض التخلي عن هذه المهنة، ويسعى لتوريثها لأحفاده.
** مهنة متوارثة
يقول العكلوك، إنه ورث هذه الحرفة عن آبائه وأجداده القدامى، الذي عملوا فيها منذ أكثر من 100 عام.
وأضاف للأناضول، وهو يشير إلى آلة نسل القطن اليدوية المصنوعة من الخشب وفي أحد أطرافها قطعة حديدية، يطلق عليها اسم "قوس"، إنه ورثها عن أجداده، حيث يزيد عمر الآلة عن مائة عام.
واعتبر أن هذه المهنة من الحرف التراثية التي يجب أن يتم تناقلها عبر الأجيال كونها تشكل جزءا من الهوية الفلسطينية التي تؤكد وجودهم على هذه الأرض.
وأرجع العزوف عن العمل في هذه المهنة لارتفاع ثمن المفروشات التي يتم إنتاجها يدويا فضلا عن التكلفة العالية للقطن الطبيعي، وذلك بخلاف المفروشات التجارية التي لها انتشار ملحوظ عالميا.
وأفاد بأنه رغم ذلك إلا أن مواطنين في غزة، خاصة الكبار في السن، ما زالوا يعتمدون على هذا النوع من المفروشات فيبتاعونه جديدا أو يفضلون تجديده عبر عملية التنجيد واستبدال الأغطية الخارجية بأُخرى حديثة.
واستكمل قائلا: "كل فترة وأخرى تلجأ بعض العائلات لتنجيد فرشاتها ووسائدها المحشوة بالقطن الطبيعي، ولا تستبدلها بالإسفنجي، وذلك لفوائده الكثيرة".
وأردف أن هؤلاء خاصة المرضى الذين يعانون من أوجاع في الرقبة والظهر، يجدون في القطن الطبيعي سبيلا للراحة الجسدية والنفسية.
وأشار إلى "النوم على الوسائد المحشوة بالقطن الطبيعي يمد صاحبها براحة نفسية كبيرة بخلاف الوسائد المحشوة بالقطن الصناعي أو الاسفنج المضغوط الذي يكون متحجرا".
** الأوضاع الاقتصادية في غزة
وأفاد العكلوك، بأن الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة وانعدام السيولة النقدية لدى فئة واسعة من السكان أثرت على عمله وباتت تكبده خسائرا ملحوظة.
وأردف: "على سبيل المثال قررت خفض سعر الوسادة الواحدة لأكثر من النصف خلال السنوات الماضية من 25 شيكلا إلى 6-10 شواكل (الدولار يعادل 3.60 شيكلا)، كي يناسب سعرها أوضاع السكان الاقتصادية".
وأوضح أن الوسائد والفرشات المصنوعة من القطن الطبيعي المعاد تدويره، يكون سعرها بالعادة أقل من شبيهتها المحشوة بالقطن الجديد.
وأشار إلى أن السكان يقبلون على شراء ما هو محشو بالقطن المستخدم بحيث يتناسب سعرها مع أوضاعهم الاقتصادية.
ويعتمد العكلوك وعائلته على هذه المهنة، كمصدر رزق وحيد وعلى الرغم من العائد المالي القليل، إلا أنه يعبّر عن رضاه بهذا الرزق ويقول إنه بالكاد يلبي احتياجات أسرته الأساسية.
ويرفض العلكوك أن يتخلى عن هذه المهنة وأو استبدالها بحرفة جديدة، في ظل تعدد الخيارات والبدائل العصرية في الأسواق التي تجذب المستهلكين لشرائها.
ويعتمد العكلوك في هذه المهنة على مساندة أبنائه، لافتا إلى أن الوضع الاقتصادي يحول دون توظيف العمال في الورشة.
ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن نحو مليون ونصف مليون فرد من سكان غزة، البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة، يعيشون حالة الفقر بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع لأكثر من 16 عاما.