- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
الأغنية المصرية بين المداحين والثوار
الأغنية المصرية بين المداحين والثوار
- 4 مارس 2021, 3:23:58 ص
- 1085
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شعب سجل تاريخه بنقوش على جدران.. عبر عن رأيه برسومات أو كتابات وأغاني مدح فيها حكامه أو انتفض ضد الظلم.. قالها صريحة مدحا وتهليلا لأجل نيل الرضا أو خوفا أو ربما حبا وصدقا ليدعم بها موقفا أو حربا. شعب عاطفي بطبعه لكن سرعان ما يغير موقفه لكونه مزاجي الطبع، فهكذا كانت مواقفه بين المداحين والثوار.
أحداث شهدتها وتشهدها مصر كان للأغنية دور البطولة في تحريك مشاعر المصريين لتعبر عن مواقفهم (أفراحا وأوجاعا.. نصر وهزيمة.. حماس لجمع الحشود ولوأد الخطر).فكان أول نشيد وطني في مصر نشيد العروبة الذي عزفه موسيقى الحرس الملكي.وعبر العصور سمعنا مطربين سجلوا لنا التاريخ بأصواتهم فاستجاب لهم البعض ونفر الآخر.
منها ما منعته السلطات فلجأ للتورية مثل سيد درويش الذي منعته قوات الاحتلال الإنجليزي من الغناء وقت ثورة 19 ونفي سعد زغلول ليغني "يا بلح زغلول" من أجل حث الشعب على الاستمرار في النضال.
صورة سعد باشا زغلول
صورة الفنان سيد درويش
ومن المطربين من غنى للملك والرئيس، فكانت أم كلثوم "مطربة القصر" فغنت له حتى ثورة 52 لتمجدها.. ليأتي عبدالناصر ويعتلي منصب الرئاسة ليغني له عبدالحليم حافظ "احنا الشعب" ليدعم الرئيس والضباط الأحرار.
بدأت ظاهرة الغناء للملك في عهد فاروق الأول حيث غنى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب "أنت اللي أكرمت الفنان"، وأهداه يوم ميلاده أغنية "الشباب"، في الوقت الذي غنت فيه أم كلثوم 8 أغنيات لتحصل على "نيشان الكمال ولقب صاحب العصمة" لتصبح أميرة في عصر الملكية.
لتأتي ثورة 52، وتمر بمصر أكثر الحقب الزمنية تبجيلا وتفخيما في الرئيس، فتزعم تلك الفترة الراحل عبدالحليم حافظ فبدأها بأغنية العهد الجديد عقب الثورة ليقدم عشرات الأغنيات في مدح جمال عبدالناصر.
صورة الرئيس جمال عبد الناصر
صورة الرئيس محمد نجيب
ولكن بدأها محمد عبدالوهاب بأوبريت "ناصر كلنا بنحبك" لتهنئته بمنصبه الجديد، خلفا لمحمد نجيب أول رئيس بعد 52.
صورة تجمع بين عبد الحليم وام كلثوم والموسيقار عبد الوهاب
فغنى حليم من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل "يا جمال ياحبيب الملايين" بعد الوحدة بين مصر وسوريا، و"إحنا الشعب"، ومجّد مشروع بناء السد العالي بأغنية (حكاية شعب) من كلمات أحمد شفيق كامل الذي كتب (مطالب شعب) ليغنيها حليم لناصر.وقبل النكسة بعام غنى عبدالحليم أشهر أغانيه للزعيم وهي أغنية (صورة) من كلمات صلاح جاهين ولحن كمال الطويل.
ورغم غناء أم كلثوم للملك إلا أنها غنت أيضا في عصر الجمهورية مع الراحل جمال عبدالناصر فأنشدت "والله زمان يا سلاحي" عام 56 وقت العدوان الثلاثي ليتحول بعد ذلك بأمر من الزعيم إلى النشيد الوطني لمصر.
الفنان فريد الأطرش
كما غنى فريدالأطرش "حبيب حياتنا كلنا" و"كفاح يا مرحبا يا جمال"، وغنت شادية "إحنا وياك يا ريس" وكذلك صباح "أنا شفت جمال".
وجاءت النكسة ليغني الثلاثي الكبير بعد تنحي ناصر، فحاول عبدالوهاب دعمه بأغنية أكبر حب، وأم كلثوم بأغنية حبيب الشعب وعبدالحليم بأغنية ناصر يا حرية، ليتحول بعدها فيض الغناء لعبدالناصر إلى الوطن من أجل مساندته في محنته والشد من أزر الشعب، ليتحول الثناء لدعم حرب الاستنزاف، حتى وفاة ناصر.
الشاعر صلاح شاهين
الفنانة شادية
بعد ناصر، لم يكن عصر محمد أنور السادات كسابقه، فأهداه سيد مكاوي أغنية "تعيش يا سادات" وأهدته فايدة كامل "حبيبنا يا سادات"، و“مصر تخاطب فتاها”، وتركز الاهتمام حتى حرب التحرير، ليُغني حليم للمرة الأولى في عصر السادات بعد نصر 73 بأغنية "عاش اللى قال” من كلمات “محمد حمزة” وألحان “بليغ حمدى”
وعقب معاهدة السلام "كامب ديفيد" غنت ياسمين الخيام للسادات “بالسلام والسلامة”، و”السلام قال كلمته”.
الرئيس السادات
الفنان سيد مكاوي
الفنانة ياسمين الخيام
وفي عام 1979 كلف السادات الموسيقار عبدالوهاب بإعادة توزيع نشيد بلادي بلادي لسيد درويش الذي ألفه محمد يونس القاضي ليبقى حتى يومنا هذا سلاما وطنيا للبلاد.
وأتى عصر مبارك فكان للموسيقار عمار الشريعي النصيب الأكبر في تلحين أغاني الرئيس، والمطربة الجزائرية الراحلة التي لم تستطع دخول مصر إلا في عصر مبارك فغنت له "بحب مبارك"، و"يا مبارك يا حبيب الشعب"، و"البطل ده من بلادي".
وفي عام 1995 كانت محاولة اغتيال مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والذي نجا منها، ليغني له عقب عودته لأول مرة عمرو دياب أغنية " 60 مليون فدائى".
كما اشترك عدد كبير من المغنيين في أوبريت "اخترناه" الأكثر شهرة في عصر مبارك.
الفنان محمد ثروت
الرئيس مبارك
وكان المطرب محمد ثورت أقرب الفنانيين للرئيس المخلوع وقتها بأغنياته التي قربته من الرئاسة ولكن لم تحقق نجاحا مثل حليم مع عبدالناصر.
وعلى عكس الأغنيات المقدمة للرؤساء على مدار التاريخ، دخل نوع جديد من الغناء للرؤساء وهو الشعبي عن طريق "شعبان عبدالرحيم" فغنى "طوّر الاعلام... وبقينا في الريادة" في إحدى مؤتمرات الحزب الوطني الحاكم وقتها، ثم تلاها بأغنية أخرى "عيد سعيد يا ريس" في عيد ميلاد مبارك، ثم ختمها في عام 2010 عمرو دياب بأغنية "اللي ضحى لأجل وطنه"، والتي استخدمت عقب ثورة 25 يناير رثاءً لضحاياها.
الفنان محمد منير
لتشرق يوم 25 يناير، منذرًا بثورة أطاحت بمبارك من الحكم، بعد احتشاد مئات الآلاف من المتظاهرين في ميدان التحرير، رددوا أغنيات "إزاي ترضيلي حبيبتي" لمحمد منير، حتى رحيله يوم 11 فبراير لتبدأ ظهور أغنيات أخرى لحمادة هلال "شهداء 25 يناير"، وأغنية أولتراس أهلاوي لمطرب الثورة "رامي عصام" ومجموعة من أولتراس أهلاوي التي دخلت عالم السياسة منذ انطلاق شرارة الثورة.
كما غنى رامي عصام "قلة مندسة"، وعمرو دياب "مصر قالت"، والأغنية الأكثر شهرة في الثورة "يا بلادي" لعزيز الشافعي ورامي جمال والتي قامت برثاء شهداء الثورة.
الفنان رامي عصام
الفنان عمرو دياب
الفنان حمادة هلال
الفنان عزيز الشافعي
وفي فبراير 2012 كانت الحادثة الأسوأ في تاريخ الرياضة المصرية بمقتل 74 من مشجعي النادي الأهلي، ليطلق بعدها "أولتراس أهلاوي" المساهم بشكل كبير في الثورة أغنية "آه يا مجلس يا بن الحرام"، للتعبير عن غضبهم من المجلس العسكري، لتشعل بعد ذلك تلك الأغنية جميع المسيرات المنددة بالمجلس حتى نهاية الفترة الانتقالية وتسليم السلطة.
الرئيس محمد مرسي
وتأتي انتخابات الرئاسة ويتولى محمد مرسي رئاسة البلاد كأول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، ولم يغن له أحدًا باستثناء بعض المنشدين مثل أحمد صلاح الذي أنشد (مرسي رئيسنا)، في الوقت الذي هاجمته فيه الراقصة سما المصري بأغنية ساخرة بعنوان "عيب يا ريس".
وتبدأ حركة تمرد في جمع التوقيعات لسحب الثقة من الرئيس المنتخب، ويحتشد الآلاف بميدان التحرير، في مقابل آخرين بميدان رابعة العدوية، حتى يوم 3 يوليو، وإعلان وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، عزل مرسي من منصبه، وإلغاء الخطوات الديموقراطية التي تلت ثورة يناير وجاء إعلان ذلك البيان مع أغنية "تسلم إديك" لحسين الجسمي"، ليتبعه المطرب مصطفى كامل بأوبريت "تسلم الأيادي" بالاشتراك مع خالد عجاج وسومة وغادة رجب، وإيهاب توفيق، وحكيم.
في الوقت الذي أطلق فيه بعض الشباب المناصرين لجماعة الإخوان ولمرسي أغنية "مصر إسلامية" دفاعا عن هوية البلاد والرئيس المنتخب.
الراقصة سما المصري
شعبان عبد الرحيم
وعاد شعبان عبدالرحيم بأغانيه الشعبية مرة أخرى لدعم السيسي فغنى "ربنا يحميك يا سيسي"، وغنت آمال ماهر "طوبة في طوبة"، لتظل دائما الأغنيات شاهدة على التاريخ، ويبقى لكل حقبة زمنية ولكل نظام فنانيه ومطربيه.