- ℃ 11 تركيا
- 15 نوفمبر 2024
إندبندنت: في عام 2022 ستكشف فرنسا عن فظائعها في الجزائر فهل المحاكم جاهزة؟
إندبندنت: في عام 2022 ستكشف فرنسا عن فظائعها في الجزائر فهل المحاكم جاهزة؟
- 2 يناير 2022, 5:24:05 م
- 901
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا أعده بيتر ألن بعنوان: “يجب أن تذهب إلى المحاكم: فرنسا تواجه ماضيها المروع في الحرب الجزائرية”، وقدم فيه تحليلا لإعلان الحكومة الفرنسية عن إلغاء العرف الذي يمنع فيه الكشف عن ملفات الأرشيف الوطني للحرب الجزائرية (1954-1962) وتحديده بـ15 عاما بدلا من 75 عاما.
وقال ألن إنه “الآن، بعد مرور أكثر من ستة عقود، قد يتمكن الناجون أخيرا من الاطلاع على وثائق بالغة السرية حول الفظائع”.
ونقل الكاتب شهادة محمد إنداريك، أحد الناجين الجزائريين الذي شهد في مراهقته سلسلة من الهجمات الإجرامية التي نفذها أفراد من شرطة باريس ورأى كيف ضربوا بأعقاب البنادق قبل إلقائهم في نهر السين.
وفي ليلة واحدة قتل ما يقرب من 300 شخص عام 1962 في تظاهرة دعوا فيها فرنسا للتخلي عن الحرب الجزائرية – التي يمكن القول إنها الصراع الأكثر وحشية في تاريخ مرحلة مقاومة الاستعمار. وأصبح من الممكن الآن لأنداريك البالغ من العمر 79 عاما الاطلاع على الوثائق السرية عن تلك المذبحة، وجاء هذا بعد السماح بالاطلاع على ملفات الحرب الفرنسية ما بين 1954- 1962، وبعد قرار تقليص المدة من 15 عاما بدلا من 75 عاما.
وقال إنداريك: “لم يتم تقديم أي شخص مطلقا إلى العدالة بسبب المذبحة في باريس، على الرغم من تصوير مئات من رجال الشرطة لدى مقتل من كان حولهم”. وأضاف “حدث الأمر نفسه طوال الحرب (التحرير)، فقد نفذت قوات الجيش والشرطة الفرنسية عمليات قتل وتعذيب وسجن دون رادع، ولم يكلف أحد نفسه عناء الكشف عن سجلات ما كان يحدث، علاوة عن التحقيق في الجرائم”.
وقال “نريد جميعا قراءة هذه الأسماء ومعرفة ما يجب أن يقولوه لأنفسهم ولم يكن العديد من القتلة أكبر مني بكثير”. وبحسب التقرير، وجد إنداريك نفسه في وسط مواجهات على جسر سان ميشيل، المعلم السياحي الشهير مقابل كاتدرائية نوتردام، في 17 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1961، عندما كان عمره 19 عاما. ووصف المشهد حينذاك قائلا: “كان هناك رجال شرطة مسلحون في كل مكان، وكانوا يبحثون بشكل خاص عن أي شخص ذي بشرة داكنة. لقد خاطر الجميع تقريبا بتعرضهم للضرب، لكنني تمكنت من الفرار. وقد سحق الكثيرون منهم مع أنهم كانوا عزلا بدون سلاح وفي تظاهرة سلمية”.
وقال أرزقي أمازوز، الذي يطالب بمزيد من الشفافية منذ عقود: “لدينا فكرة جيدة عن عدد القتلى والجرحى. ولكن لا يزال هناك الكثير لنكتشفه”.
وأضاف “لهذا السبب قمنا بتنظيم العرائض التي تدعو إلى فتح ملفات الأرشيف التي تم التحفظ عليها لفترة طويلة جدا”. وقال “هناك حاجة لمزيد من التحقيق، لو كان هذا ممكنا، ويحب تقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى المحكمة، وهناك أدلة كثيرة تدينهم”.
واليوم باتت الجزائر أكبر دولة في أفريقيا مساحة واعتبرتها فرنسا على مدى 132 عاما جزءا منها ولكن على الجانب الآخر من المتوسط. وهزم المستعمر الفرنسي في عام 1962 بعد شن حركة التحرير الوطني الجزائرية “حرب التحرير“، ولكن المستعمر الفرنسي تمكن ومنذ ذلك الوقت من التعتيم على المرحلة المظلمة من تاريخه في الجزائر.
وشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بمناسبة وإن على مستوى متدن لتذكر ضحايا مجزرة عام 1961 وبدون أن يقدم أي اعتذار رسمي عنها.
وقال أحمد طويل الذي كان عمره 13 عاما في أثناء المجزرة ووجد نفسه وسط التظاهرات المضادة للحرب “يجب أن يتغير كل هذا وقريبا”.
وظهرت صورة اعتبرت بمثابة الأيقونة في مجلة “فرانس سوار” في تشرين الأول/ أكتوبر 1961 وظهر فيها الشاب أحمد كواحد من مئات الأطفال الذين فصلوا عن آبائهم وروعتهم الشرطة الفرنسية.
ومثل الكثيرين يشبه الطويل فتح ملفات الأرشيف الفرنسية عن حرب الجزائر باعتراف فرنسا بالتعاون في الهولوكوست، ففي 1995 وبعد نصف عقد على الهولوكوست ونقل 75.000 يهودي إلى معسكرات النازية، اعترف الرئيس جاك شيراك بالدور الفرنسي. وقال شيراك إن “حماقة الدولة الفرنسية” جاءت بسبب “حنث الوعد وتسليم من كانوا تحت حمايتها للجلادين”.
وكان رئيس شرطة باريس أثناء المذبحة وهو موريس بابون متعاونا سيئ السمعة مع النازيين. واتهم وأدين أخيرا عام 1998 بارتكاب جرائم تتعلق بالهولوكوست ولكن ليس ضد الجزائريين.
ويشير نشطاء إلى مقتل ما يصل إلى 1.5 مليون مدني جزائري في حرب 1954-1962 وحدها، مع إصابة عدد أكبر. وكما هو الحال طيلة المغامرة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، تم استهداف قرى وبلدات بأكملها، واستخدمت أحدث التقنيات العسكرية حينها للقضاء على المجتمعات.
وقال ألن إنه تم إقامة غرف الغاز واستخدام النابالم ومورست عمليات الإعدام خارج القانون من قبل الجيش الفرنسي لدعم حلفائه من المستوطنين الأوروبيين، الذين عرفوا باسم الأقدام السوداء أو منظمة الجيش السري التي ارتكبت عدة مجازر بما فيها محاولة اغتيال الرئيس تشارلس ديغول.
وفي 18 حزيران/ يونيو 1961 قتل 28 مدنيا وجرح 100 آخرون عندما انفجرت قنبلة أخرجت قطارا من ستراسبورغ إلى باريس عن مساره، وهي جريمة لم يتم التحقيق بها أبدا. ونقل التقرير عن متحدث باسم الحكومة الفرنسية قوله إن الإفراج عن الملفات فرصة للبلاد “للنظر في الحقائق التاريخية دون مواربة”.
ومثلما فعل أحفاد المتعاونين مع النازية وقاموا بكل ما بوسعهم للتعمية على تعاملهم مع النازيين، فإن العائلات الفرنسية المرتبطة بالجزائر فعلت نفس الشيء.
ولا تزال الجزائر ذات الغالبية العربية المسلمة على علاقة متوترة مع حكامها السابقين على الجانب الآخر من المتوسط. ورغم ترحيبه بقرار باريس إلا أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لا يزال غير مرتاح. فمثل إنداريك، فالمؤسسة الجزائرية تخشى من أن يؤدي الكشف عن الملفات لمزيد من تدهور العلاقات بين البلدين.
ويقول إنداريك: “عندما تكشف الحقيقة عن الشر المتطرف، فإن المسؤولين عنها يحاولون التعتيم عليها”، ولهذا فـ”الكشف عنها مهم”.
“القدس العربي”