تكبير الخط تصغير الخط

في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية حول تعزيز القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء، وهو ما اعتبره البعض خرقًا لاتفاق السلام بين القاهرة وتل أبيب، بل وذهب البعض إلى التحذير من احتمال نشوب حرب بين الطرفين. وقد انتشرت عبر الشبكات الاجتماعية مقاطع مصورة توثق دخول دبابات ومركبات مدرعة وجنود مصريين إلى المنطقة، مما زاد المخاوف الإسرائيلية.

المخاوف الإسرائيلية من التوسع العسكري المصري

ووفقًا لمقال منشور في صحيفة "إسرائيل اليوم"، فإن الجيش المصري قام منذ عام 2004 بإنشاء 60 معبرًا (جسور وأنفاق) في قناة السويس، كما أنشأ عشرات مخازن الذخيرة ومواقع التخزين تحت الأرض في سيناء، بالإضافة إلى مراكز لوجستية ومستودعات للوقود، وهو ما يراه بعض المراقبين في إسرائيل بمثابة تحضيرات عسكرية مقلقة.

يشير الكاتب، الدكتور يهودا بلنجا، المتخصص في دراسات الشرق الأوسط والمحاضر في جامعة بار إيلان، إلى أن الجيش المصري شهد تطورًا ملحوظًا في العقود الأخيرة، لا سيما منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة. فقد شهدت القوات المسلحة المصرية عمليات تحديث وتسليح متسارعة بدعوى مكافحة الإرهاب في الداخل، والتصدي لتهديدات خارجية مثل ملف سد النهضة الإثيوبي والاضطرابات في ليبيا.

حقيقة التهديد المصري لإسرائيل

ويرى بلنجا أن هذه الذرائع قد تخفي خلفها نوايا أخرى، حيث يؤكد أن مصر لا تزال تنظر إلى إسرائيل كعدو تقليدي رغم اتفاقية السلام بين البلدين. ويستشهد بوجود خطاب معادٍ لإسرائيل في الإعلام المصري والمناهج الدراسية، بالإضافة إلى مواقف الشارع المصري التي ترفض التطبيع.

وعلى الرغم من امتلاك الجيش المصري ترسانة عسكرية ضخمة، بما في ذلك نحو 600 طائرة حربية وأكثر من 5300 دبابة، إلا أن المقال يشير إلى أن جزءًا كبيرًا من العتاد العسكري المصري قديم نسبيًا، مما يقلل من فعاليته في مواجهة جيش متطور مثل الجيش الإسرائيلي.

التوازن الاستراتيجي والحفاظ على السلام

يؤكد المقال أن اندلاع حرب مصرية-إسرائيلية سيكون بمثابة "خط أحمر" بالنسبة للولايات المتحدة، التي قد تلجأ إلى فرض عقوبات ووقف إمدادات الأسلحة لمصر في حال نشوب صراع. وبالتالي، فإن الأنظمة المصرية المتعاقبة، سواء في عهد حسني مبارك أو محمد مرسي أو السيسي، فضلت الحفاظ على اتفاقية السلام كوسيلة لضمان الاستقرار الداخلي والحصول على دعم اقتصادي من الغرب.

ويرى الكاتب أن على إسرائيل التعامل مع هذه التطورات عبر القنوات الدبلوماسية المباشرة مع القاهرة، بدلاً من تأجيج المخاوف أو خلق حالة من الذعر غير المبرر. ففي النهاية، السلام بين مصر وإسرائيل يمثل مصلحة مشتركة للجانبين، رغم التحديات والشكوك المستمرة.

ويخلص المقال إلى أن تعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء، رغم كونه محل قلق لدى بعض الأوساط الإسرائيلية، لا ينبغي أن يؤدي إلى تصعيد غير ضروري. فالعلاقات المصرية-الإسرائيلية، رغم حساسيتها، لا تزال قائمة على التوازن الاستراتيجي والمصالح المتبادلة، مما يجعل من الضروري معالجة الخلافات عبر الحوار بدلاً من المواجهة.