- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
«المونيتور»: روسيا تفقد الطراد «موسكفا».. هل يُضعف ذلك وجودها العسكري في سوريا؟
«المونيتور»: روسيا تفقد الطراد «موسكفا».. هل يُضعف ذلك وجودها العسكري في سوريا؟
- 24 أبريل 2022, 12:24:48 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نشر موقع «المونيتور» تحليلًا لكيريل سيمينوف، محلل مستقل في الشؤون السياسية والعسكرية الشرق أوسطية وخبير غير مقيم بالمجلس الروسي للشؤون الدولية، حول غرق الطراد الروسي «موسكفا» وكيف يمكن أن يكون لذلك تأثيره على العمليات الروسية في سوريا.
ويستهل الكاتب تحليله بالقول: غرقت سفينة قيادة أسطول البحر الأسود الروسي، طراد الصواريخ «موسكفا»، في 15 أبريل (نيسان) بعد أن حاولت القوات الروسية جرها إلى مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم. وبحسب ما أفاد به ممثلو وزارة الدفاع الروسية أصيب الطراد بأضرار بالغة جراء حريق في السفينة وانفجار الذخيرة.
بيد أنه من غير المعروف العدد الدقيق للبحارة الذين ماتوا على متن السفينة، وتصر أوكرانيا بدورها على أن الطراد قد أُغرِق بصاروخين مضادين للسفن من طراز نبتون أُطلِقا من الساحل الأوكراني. وقال المتحدث باسم البنتاجون جون كيربي لشبكة «سي إن إن»: «هذه ضربة كبيرة لأسطول البحر الأسود، هذا… جزء رئيس من جهودهم لتنفيذ نوع من الهيمنة البحرية في البحر الأسود. وسيكون لما حدث تأثير في قدراتهم».
هل أصيب الطراد بصاروخ أوكراني فعلًا؟
وأشار كيربي إلى أن الولايات المتحدة لا يمكنها تأكيد السبب الدقيق لغرق السفينة، موضحًا: «نحن أيضًا لسنا في وضع يسمح لنا بدحض الجانب الأوكراني من الحادث». وأضاف «من المعقول والمحتمل بالتأكيد أنهم ضربوا هذه السفينة بصاروخ نبتون أو ربما أكثر من صاروخ واحد».
ومن المهم أن نلاحظ أن «موسكفا» – قبل إصلاحه في عام 2016 – قاد مرارًا وتكرارًا الأسراب العسكرية الروسية في البحر الأبيض المتوسط، والتي كانت مجهزة بالأساس بسفن من أسطول البحر الأسود. ومع ذلك فإن الأمر متروك للنقاش حول مدى إمكانية أن يؤدي زوال الطراد إلى ضعف المجموعة الروسية في البحر الأبيض المتوسط وقدرة روسيا على نشر القوات في سوريا.
ودخلت السفينة الخدمة في عام 1982 ويمكن اعتبارها الآن قديمة، كما أن تسليحها يعكس أيضًا التسليح الموجود في القرن الماضي، لكن أثناء مشاركته في الحملة الروسية في سوريا، لعب طراد «موسكفا» دورًا مهمًا في توفير الدفاع الجوي للقواعد الروسية في حميميم وطرطوس في سوريا. ولأنه مسلح بنظام صاروخي طويل المدى مضاد للطائرات، عزز طراد «موسكفا» الدفاع الجوي للمجموعة الروسية تعزيزًا كبيرًا في سوريا على خلفية أزمة العلاقات مع تركيا في عام 2015، بعد أن أسقطت طائرة مقاتلة تركية قاذفة روسية من قاذفات الخط الأمامي.
أنظمة الدفاع الجوي الموجودة على الطراد قديمة
ويوضح الكاتب أن أنظمة الدفاع الجوي للسفينة، والتي تُعد مناظِرِة لأنظمة الدفاع الجوي الأرضية إس-300، لم تعد تلبي المتطلبات الحديثة على الرغم من طول مداها، ويلزم استبدالها.
يقول إيليا كرامنيك، الباحث في «معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية (RAS)»، لموقع «المونيتور»: «في السنوات الأخيرة، تحملت الفرقاطات الجديدة العبء الرئيس للوجود الروسي في البحر الأبيض المتوسط (الفرقاطة كريفاك من الفئة الرابعة، التسمية الروسية مشروع 11356R / M) وغواصات أسطول البحر الأسود. وخضع موسكفا للإصلاح في عام 2016، وبعد ذلك لم يذهب إلى أي مكان خارج البحر الأسود».
ويشير الكاتب الى أن الفرقاطات الروسية من النوع 11356 مسلحة بصواريخ كاليبر كروز ويمكنها مهاجمة أهداف في عمق أراضي العدو، في حين أن نظام الصواريخ الضاربة لطراد «موسكفا» لا يتضمن سوى صواريخ تنطلق من سفينة إلى سفينة ولا يمكنه إصابة أهداف برية. لذلك فمن وجهة نظر القدرات الهجومية إن فقدان الطراد لا يقلل من القدرة القتالية للكتائب الروسية في الشرق الأوسط.
إذا كان «موسكفا» قد أغرق بالفعل بضربة من صاروخ «نبتون إٍس سي آر سي»، فقد يفتح ذلك صفحة جديدة حول استخدام أنظمة الصواريخ القادرة على إغراق سفن من فئة الطراد في قاع البحر. وروسيا لديها أنظمة مماثلة على سبيل المثال «باستيون إس سي آر سي» ومداه أطول من نبتون. وإذا وصلت هذه الأنواع من الأسلحة إلى إيران أو الحوثيين، يمكن استخدامها لإغلاق مضيق هرمز أو مضيق باب المندب. وكما تظهر حالة الطراد «موسكفا» قد يكون من الصعب تحديد مواقع هذه الصواريخ على الساحل قبل استخدامها.
وشكَّل إغلاق تركيا لمضيق البحر الأسود أمام جميع السفن الحربية تحديات لقدرة موسكو على ضمان أنشطتها في سوريا، وذلك على الرغم من أن المجال الجوي التركي لم يزل متاحًا للطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا.
الخطوط السورية السريعة
جرى تنفيذ عمليات الإمداد وتجديد المخزون المبكرة للقوات الروسية في سوريا من خلال ما يسمى بـ«الخطوط السورية السريعة» – وهو مصطلح يستخدم في وسائل الإعلام الروسية لوصف الرحلات المنتظمة لسفن الإنزال الروسية إلى سوريا. والآن أصبحت معظم سفن إنزال الدبابات الروسية، بما في ذلك سفن أسطول البلطيق والشمال، عالقة في البحر الأسود خلال الحرب الروسية في أوكرانيا، بعد إغلاق المضائق. علاوةً على ذلك كان إمداد المجموعة الروسية في سوريا يجرى عبر ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود.
وبالإضافة إلى ذلك ورد أن سفينة هجومية برمائية روسية واحدة على الأقل (أورسك أو ساراتوف) قد غرقت وتضررت عدة سفن أخرى في ميناء بيرديانسك الأوكراني على بحر آزوف، حيث كانت تنقل تعزيزات وتعرضت لهجوم صاروخي أوكراني. لذلك فبعد فتح مضايق البحر الأسود ستكون روسيا قادرة على البدء في تجربة تخفيض سفن الإنزال لإمداد مجموعتها السورية.
يمكن استخدام السفن المدنيَّة في تزويد المجموعات الروسية في سوريا
ومع ذلك، يرى كمران حسنوف، الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي والمحاضر البارز في الجامعة الروسية لصداقة الشعوب، أن إغلاق المضايق لا يمثل مشكلة كبيرة لروسيا بشأن إمداد مجموعتها في سوريا. وقال حسنوف لـ«المونيتور» إنه بينما تعد المضائق مغلقة أمام السفن الحربية يمكن إيصال كل ما هو مطلوب إلى سوريا على متن سفن مدنيَّة من البحر الأسود، ومن بحر البلطيق، وموانئ روسية أخرى. بالإضافة إلى ذلك هناك جسر جوي قيد التشغيل، وهو قادر على توصيل جميع الحمولات الضرورية بسرعة.
يجب أيضًا أن يؤخذ في الاعتبار أنه في حالة حدوث تصعيد حاد للوضع في سوريا، ستكون روسيا قادرة ليس على زيادة عدد قواتها الجوية في سوريا بسرعة فحسب، بل أيضًا على إرسال قواتها المحمولة جوًّا إلى هناك. ولم تغلق إيران والعراق مجالهما الجوي في وجه روسيا، بما في ذلك لغرض الاستخدام لدعم العمليات في سوريا. وفي الواقع، تتخذ هاتان الدولتان نفسهما موقفًا مواليًا لروسيا في الصراع الحالي. وامتنعت بغداد وطهران عن التصويت على قرار يدين تصرفات روسيا في أوكرانيا بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويمضي سيمينوف إلى أنه خلال أعمال الشغب والاضطرابات الجماعية في يناير (كانون الثاني) بكازاخستان، تمكَّنت روسيا من إثبات قدرتها على إيصال عدد كبير من القوات والمعدات العسكرية بسرعة باستخدام طائرات النقل العسكرية وحدها. وعندئذ وبناءً على طلب من حكومة كازاخستان جرى نشر القوات المتنقلة التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي بسرعة في الجمهورية، والتي كان جوهرها مظليين روس من لواء الحراس المنفصل الخامس والأربعين لأغراض خاصة، وفرقة الحرس 98 المحمولة جوًّا، ولواء الحرس الهجومي 31 المحمول جوًّا. وجرى نقلهم وتوفير الإمدادات لهم من خلال الاستعانة بأكثر من 70 طائرة نقل عسكرية من طراز أليوشن-76، وخمس طائرات أنتونوف 124.
وفي هذا السياق يذكرنا الكاتب أنه خلال هذه الفترة كانت الاستعدادات جارية بالفعل لعملية عسكرية ضد أوكرانيا مع تمركز القوات الروسية على الحدود الغربية. ومع ذلك تمكنت موسكو من إجراء عملية ناجحة في كازاخستان بالتوازي مع نشرها لقوات بالقرب من الحدود مع أوكرانيا. ولا يمكن استبعاد أنه في هذه الحالة نُفِّذت عمدًا عدة حملات عسكرية في وقت واحد بمناطق مختلفة، والنقل السريع للقوات المتنقلة إلى المناطق المهددة. ويمكن لموسكو أن تستغل هذه التجربة أيضًا في حال وجود تهديد لمواقعها بسوريا أو تهديد لنظام الأسد، بحسب ما يختم الكاتب.