- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
مجدي الحداد يكتب: بين المكارثية ومعاداة السامية
مجدي الحداد يكتب: بين المكارثية ومعاداة السامية
- 26 أبريل 2024, 4:33:36 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ما بين الماكارثية في خمسينات القرن الماضي ، ومعاداة السامية في القرن الحالي لم يختلف مضمون ــ وإن اختلف الشكل ــ من تريد أن تشيطنهم ، الولايات المتحدة ، ممثلة في الإدارت الأمريكية المختلفة ، ولكل من يعارض ، أو يعترض على سياسات تلك الإدارت الأمريكة العدوانية ، سواء من داخل أمريكا أو خارجها ، وسواء كانوا مواطنون أمريكيون ، أو غير أمريكيون .
ولكن في عهد مكارثي تم شيطنة كبار الكتاب والقواد والفنانون الأمريكيون فقط ، وحتى تم اعتقال بعضهم بالفعل ، وتهميش البعض الأخر ، وحرمانهم من كل حقوق يمكن أن يحصلوا عليها حتى باعتيبارهم مواطنون أمريكيون ، وذلك بتهمة انتمائهم الفكري والوجداني للشيوعية . وقت أن كانت الحرب الباردة على اشدها بين الاتحاد السوفيتي السابق ، والولايات المتحدة الأمريكية ، وحتى ان كادت أن تتحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة في مرحلة من مراحلها.
أما في عهد بايدن فقد تم شيطنة شباب الجامعات اليافع الناضج ، والذي يريد أن يبحث عن الحقيقة ويقف عليها ، ومن دون تحيز إلى أي طرف من الأطراف ، وحيث يتهمهم هذه المرة بمعاداة السامية ، وكذا خضوعهم أو حتى انحيازهم لحماس ــ والتي تبعد عنهم ألاف الكيلومترات ، ويفصل بينها وبيهنم المحيط الأطلسي ذاته .
الغريب انه من المرات النادرة التي يتفق فيها الحزب الجمهوري ــ المعارض الآن ، وباعتباره خارج السلطة ــ مع الحزب الديموقراطي ، ممثلا في الرئيس بايدن ، وكما في حالتنا تلك . وحيث اتهم رئيس مجلس النواب الجمهوري ؛ مايك جونسون ، الطلاب المعتصمون بالجامعات الأمريكية احتجاجا على المذابح ال$يوينة ، والتطهير العرقي ، في غزة ، والذي يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي ، بمعاداة السامية .
وأكثر من ذلك فقد دعا جونسون رئيسة جامعة كولومبيا ، نعمت شفيق ــ والمصرية الأصل ــ بالاستقالة من منصبها إذا لم تستطع السيطرة على الموقف ، ووقف موجات العداء للسامية .
وهنا يجب أن نقف قليلا على مزيد من التحليل حول عبارة رئيس مجلس النواب تلك فهو يبدو وكأنه معارض ، او منتقض لموقف رئيسة الجامعة في الظاهر ، من خلال خطابه هذا ، ولكنه مؤيد وداعم لها في الباطن ، ومما يفهم من نفس هذا الخطاب . وحيث انها هي من استدعت قوات الأمن بالدخول للحرم الجامعي ، وأكثر من ذلك فقد دعت الحرس الوطني الأمريكي كذلك للتدخل ، وفض اعتصام الطلاب داخل الحرم الجامعي بالقوة ، وبعد أن أمهلتهم 48 ساعة . واحتج العديد من اللأساتذة والطلاب بكون أن الحرس الوطني لا يتدخل إلا في وجود حالات إرهابية حقيقية تشكل خطرا ماثلا على الأمن القومي الأمريكي ، وكل هذا يعني إذن ، و ضمنا ، اتفاق وتوافق جونسون مع كل تلك الإجراءات التي اتخذتها رئيسة الجالعة ، ولا اعتراض له يذكر عليها ــ وإلا كان قد نطق بها صراحة مثلا ! ــ وخاصة إذا تم السيطرة على الموقف من خلالها .
ـ
ـ المدهش في هذا الموضوع ــ وهو ما يكشف كذب بايدن وجونسون معا ــ هو خروج عدد من أعضاء هيئة التدريس اليهود من جامعة كولومبيا ليشاركوا الطلاب وبعض أساتذة الجامعة موافقهم ، وحتى اعتصاماتهم في الجامعة احتجاجا على المذابح الجماعية ، والتطهير العرقي للمدنيين من أهالي غزة المسالمين ، والذي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدار الساعة في غزة ــ وكما أسلفنا ــ ثم تأتي من هؤلاء الأساتذة شهادة أخرى قاسمة ، وحيث يقرون بانهم أنفسهم لم يجدوا أي معاداة للسامية في تلك المظاهرات والاحتجاجات بالجامعة ، وإلا ما كانوا شاركوا فيها ، وهم من اليهود .
وتلك الشهادة الصادقة في حقيقة الأمر تغير كثيرا ، وجذريا ، الصورة الذهنية المنطبعة عن اليهود لدى شعوب منطقتنا هنا ، وربما في باقي مناطق العالم .
ــ إذن ، فامريكا خمسينات القرن الماضي هي نفسها أمريكا العقد الثالث من القرن الحالي ، ولو من زاوية شيطنة معارضيها ، وكما بينا ؛ فإذا مضى زمن المكارثية ، فزمن المعادة للسامية حاضراً ، وإذا لم يكن الأخير كافيا ، فربما كان الانضمام إلى حماس ، أو أخذ تعليمات منها ــ ومن قبل طلاب أمريكيون ، قد لا يعرف أحد منهم عن العربية شيئا ! ــ كافيا لشيطنة كل من لا يريد أن يمتثل لتوجهات وسياسات البيت الأبيض من الطلاب الأمريكيون ، أو على الأقل يعترضون على تلك السياسات ، وخاصة فيما يتعلق بالانحياز التام والأعمى من قبل كل الإدارات الأمريكية تقريبا لإسرائيل .