سميح خلف يكتب: فتح خارج المعادلة.

profile
سميح خلف كاتب ومحلل سياسي
  • clock 14 يونيو 2023, 5:07:20 ص
  • eye 5987
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لكي تكون حركة فتح خارج المعادلة، كان لابد ان تستضعف وان لا تشكل خطرا او رعبا للمسارات السياسية والامنية التي اعدت للقضاء عليها وبالتالي القضاء على حركة التحرر الوطني وانهاء برنامجها ومن ثم تفجيرها بما يساوي قنبلة صوتية تزعج ولاتقلق ولاتضر، ومن ثم  لملمة شظاياها المتناثرة بما يقارب عملية التصنيع القصرية ولاطار محدد الابعاد مهلهل الروابط.

ولاهمية اطروحات فتح الثورية والاخلاقية كان الاستهداف لها اشمل واكبرمما تعرضت له أي حركة تحرر.

كان من الصعب ان تتقدم حركة فتح الى الامام في تحقيق اهدافها في ظل اجواء ملغومة وفي ظل صناعة المطبات والانهيارات في الجسم العربي.

فلم تفرح كثيرا حركة فتح بوجود زعيم قومي في مصر وما يمثله ناصر من قيم اخلاقية وثورية وقومية، ورحل ناصر ورحلت معه القيادة الثورية الفلسطينية وبدون مجالات وسيطة وفي غضون سنوات تحولت عواصم عربية من دول مواجهة ودعم الى دول اعتراف وتطبيع مع اسرائيل، بما يشابه الثورة المضادة او الانقلاب عن القيم والاخلاق حيث اصبح الفلسطيني محاصر والثورة محاصرة والشعب الفلسطيني محاصر ببرامج ومبادرات دولية وعربية تاخذ البعد السياسي الامني لانظمتها في تناغم قريب من اقرار الوجود الصهيوني على ارض فلسطين ويمثل 82% من الارض التاريخية. واكتمال المشروع الصهيوني على تهويد الضفة

ما كان لتلك البرمجيات ان تنجح بدون الاستناد الى عجز القيادة الفلسطينية في تحديد معسكر الاصدقاء ومعسكر الاعداء وعدم الذكاء في استغلال الظرف والمكان والزمان والمرحلة وتحقيق انجاز لا تعوضه اي فرصه من جديد ومن ثم الحفاظ على الوجود وتامين خطوط المواجهة مع العدو.

ومن المهم ان نذكر الهجمة الشرسة للانظمة العربية على اطر الثورة ومحاولة استغلال نقاط الضعف من حيث الاقامة والوجود، حيث استطاعت تلك الانظمة من تجنيد عدد لابأس به من الفلسطينيين لخدمة مصالحاها وسياساتها في داخل الاطر والقيادة الفلسطينية

عوامل ذاتية وموضوعية اخرجت حركة فتح من المعادلة السياسية للمنطقة بل اخرجتها من معادلة الصراع.

وامام قلق غالبية القيادة الفتحاوية التي اتت بتوصيات الانظمة ومقدار تحقيق أي انجاز وهمي من تلك الدول كان التقييم ومن ثم كانت مظاهر الاستزلام والفساد الخلقي والمالي والوطني، وازدادت تلك الظواهر بعد ان خسرت حركة فتح قاده لها تجاوزوا المؤثر العربي والاسرائيلي بل كانت لهم حصانة ذاتية اقوى من كل المفاهيم المادية والسيكولوجية ، ورحل الشهيد ابواياد وابوجهاد والنجار وعدوان وابو علي اياد وناصر وعلى خلفية هذا ذهب معهم مئات الكوادر العسكرية والتنظيمية وفي مخطط شامل لاخراج فتح من المعادلة وتفريغها من جوهر اطروحاتها التي انطلقت من اجلها.

شكلت حركة فتح بتركيبتها الأوسلوية جمهورا بل جمهرة فوضوية أخذت بيدها سلطات تنفيذية منحتها لها سلطات العدو الصهيوني ، كانت تلك الظواهر هي بمثابة خروج حركة فتح خروجا رسميا ومهينا من كونها حركة تحرر وطني وكان الإستفتاء الذي أقرته أميركا وإسرائيل أولا ثم عباس ثانيا هو الخروج الرسمي لأي مناضل مازال موجودا في حركة فتح،حيث هزمت فتح أوسلو كضربة نهائية وقاضية بفوز حركة حماس في الانتخابات، وأخرجت رسميا بخروجها من غزة من خلال سيناريو دولي إقليمي كان المطلوب فيه أساسا انهاء حركة فتح وما تسببه من بقايا رعب لبعض الأنظمة وإسرائيل والقوى الأمنية الدولية، لم تكن مظاهر الإنفلاش والفلتان الأمني إلا بوابة تم الإبداع فيها من قبل المخرج ليتنفصل الضفة الغربية عن غزة ومن ثم ظهور الصورة الحقيقية للترتيبات المستقبلية في المنطقة وهي ظهور  عدة شخصيات اخرهم وليس باخر حسين الشيخ والهباش  وشتيه وأطروحاتهم في الأمن الإقتصادي والإستقرار الأمني في الضفة الغربية،هذا السيناريو المفضوح الذي استخدم آخر كمية من التراب لردم قبر فتح، ففي مقابلة لمعاريف مع الزبيدي وهو أحد قادة كتائب شهداء الأقصى الذين طالهم العفو من سلطات الإحتلال الإسرائيلي في جنين المناضلة،قد أفصح عن الدور الحقيقي الذي تمارسه حكومة السلطة والعروض المقدمة لعرين الاسود في نابلس في سبيل تطبيق وتجسيد الصورة الحقيقية لقدوم ما هو اسوء للساحة الفلسطينية، ومن ثم فرض الشيخ كملك لا يمكن كسره في لعبة الشطرنج ومن المهين أن تتحدث بعض القوى الفلسطينية ليصفوا حكومة شتية وما قبلها بأنها حكومة فتح في حين أن فتح خارج الملعب، بل ما تبقى من فتحاويي أوسلو تم دمجهم في الأجهزة الأمنية لحكومة فياض وتجمع دايتون،لا يحالفنا الصواب إذا قلنا أن حركة فتح في الضفة الغربية بتركيبتها الحالية قادرة على تغيير الأوضاع أو كسر حكومة فياض، في اجتماعات المجلس الثوري الأخيرة وكحلم ابليس في الجنة طالب نواب فتح بالإستيلاء على حكومة فياض، فكان رد عباس بأن الحكومة حكومته، والمقصود هنا هي الحكومة التي تعينها أميركا وإسرائيل، قائلا إن حكومته ولفتح حرية النقد، فتح لها أن تنقد ولكن ليس لها أن تشارك في الحكم والسلطة بما يهدد مشروع سلطة الحكم الذاتي المحدود جدا بل مشروع أميركا وأوروبا.

خرجت فتح نهائيا من المعادلة في الضفة الغربية كمؤثر سياسي وأمني،وبقي مربع ثالث تستغل فيه فتح وهو التصفيق والجمهرة لحكومة فياض ومستقبل حكومة فياض، ففتح غير قادرة على إنهاء مشروع السلطة والمتبقي من عناصرها في الأجهزة الأمنية والمؤسسات،كل هؤلاء وضعوا في سلم الراتب  والقروض والنثريات والثوري والاستشاري والاقاليم والاجهزة وفئة الدم الازرق وفئة الدم الاحمر  

إذا أين فتح في الضفة الغربية؟؟؟،أما حماس، لقد هللت حماس وهتفت وكبرت بمجرد أنها استقبلت في دول عالمية ووصفت دوائر حماس هذا اللقاءات بأنه إعتراف دولي بها، نفس المطب ونفس الثغرات التي قاتلت عليها قيادة منظمة التحرير لكي يعترف العالم بها وليس بالحقوق الفلسطينية والدولة الفلسطينية على كل الأرض الفلسطينية، ستسير حماس مجبرة وكارهة أو بخيارها في الطريق الذي سلكته منظمة التحرير وما يستوجب من تنازلات منها عن نظامها الداخلي وعن أهدافها ومبادئها واستراتيجيتها، لقد تحولت الإستراتيجية لدى حماس إلى العنصر التكتيكي والمرحلي فخضعت حماس لمفهوم التهدئة الأمنية التي سارت فيها فتح أوسلو ومنظمة التحرير وبالمنطق إننا لا نريد أن نسير في معادلة غير محسوبة في مواجهات مع العدو الصهيوني، ألم ترو أن هذا المبرر مبررا عربيا للأنظمة استخدمته للتخلص من استحقاقات مرحلة أو مراحل؟

إننا نرى أن فتح خرجت من المعادلة، وستدخل حماس المعادلة الدولية على قاعدة تحقيق هدف استراتيجي لها وهو الحكم، وإقامة الدولة في غزة والضفة، لاحقا بعد أن تجبر حماس للتكيف مع واقع الضفة والوصول إلى قواسم مشتركة لإنضمام غزة لهذه الكيانية المهلهلة في الضفة أو الإعلان عن غزة كإقليم متمرد يستحق بحث قضيته بناء على البند السابع في مجلس الأمن فيما بعد او بقاؤها محاصرة تحت وطأة التهدئة
 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)