- ℃ 11 تركيا
- 15 نوفمبر 2024
تقديرات إسرائيلية بتعزيز "حماس" لـ"حرب الاستنزاف" واستمرار قوتها بغزة
تقديرات إسرائيلية بتعزيز "حماس" لـ"حرب الاستنزاف" واستمرار قوتها بغزة
- 19 يونيو 2024, 10:30:46 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
إن المنطق الطاغي في "إسرائيل" قبل السابع من أكتوبر، الاستهانة بقوة حركة حماس لكن كل ذلك تغيّر عشية الحرب، والتي ما زالت موجودة وتتعزز عبر حرب الاستنزاف، بعد ثمانية أشهر من انطلاق عملية "طوفان الأقصى".
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقريرا تحدثت فيه عن الوضع في رفح وكيفية صمود حماس في هذه الحرب حتى بعد أن تضررت أنظمتها العسكرية بشدة.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير ، إن مقاتلي حماس يعزّزون حرب الاستنزاف في غزة ليظهروا للجميع من هو صاحب القرار هناك.
وقبل الحرب، كانت الفكرة الإسرائيلية السائدة تعتمد على ثلاث فرضيات أساسية: أولها أن حماس تتحوّل إلى حزب حاكم وتفقد الاهتمام بـ "المغامرات الأيديولوجية"، وأنها تركز حاليا على تطوير المجال المدني، وأنها قابلة للردع.
وعلى هذا الأساس، ظنّ الكثيرون في "إسرائيل" أن الاقتصاد يمكنه تجاوز الأيديولوجيا، وتم إعداد خطط لتغيير الواقع في غزة بروح "سنغافورة الشرق الأوسط".
وأشارت الصحيفة إلى أن "ندبة 7 أكتوبر لم تَمحُ هذه المفاهيم الخاطئة جزئيا حول حماس، ولا يزال صانعو السياسات يتبنون نفس المفاهيم حتى اليوم. وحتى أثناء الحرب لا تزال إسرائيل تعتمد في كثير من الأحيان على الرغبات العاطفية بدلا من التقديرات الواقعية، وخير دليل على ذلك إعلان إسرائيل مثلا أن حماس قريبة من الانكسار بعد تفكيك ألويّاتها أو فقدانها قدرتها على السيطرة على المجال العام".
وهذا النهج شائع بين صناع القرار الذين يتقاتلون فيما بينهم على السلطة التي ستحكم غزة "ما بعد الحرب". وبينما لا تزال حماس تهيمن إلى الآن على غزة، يقول المعلّقون إنها بدأت تفقد مكانتها وإن الجمهور ينتظر للانتقام منها.
وحتى عشية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لم تكن "إسرائيل" تدرك مدى هيمنة الاعتبار الأيديولوجي على تحركات حماس ومدى استعدادها للتضحية بالحكم وسلامة الشعب من أجل ذلك.
واليوم، من الواضح أنه من الصعب فهم مدى مرونة وقدرة حماس على التكيّف، هذا إلى جانب الإعجاب الذي تحظى به من قبل الكثيرين من سكان غزة.
ومنذ تأسيسها، كانت حماس في تطوّر دائم رغم القيود، وقد حدث نفس الشيء بعد أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
ولا تزال حماس تحافظ على الروابط الوثيقة مع سكان قطاع غزة من خلال شبكة دينية واجتماعية تجنّد السكان لدعم صفوف المجموعة، إلى جانب أجهزة الاستخبارات الداخلية التي تحدد التحديات الداخلية وتقضي عليها، بحسب ما ذكرت الصحيفة.
وبالنسبة للجناح العسكري، فإن حماس تتبنى أنماط "حرب العصابات وتقوم دائما بإعادة تنظيم صفوفها وتعيين قادة جدد وتجنيد مقاتلين جدد بدلا من أولئك الذين قُتِلوا، وآخر خسارة حدثت في رفح بسقوط ثمانية جنود من الجيش الإسرائيلي تؤكد نجاح حماس في الصمود ومواصلة نشاطها حتى بعد أن تضررت بشدة".
ومن خلال خلايا أو مقاتلين فرديين، يتم تعزيز حرب الاستنزاف التي تمنع الاستقرار في المجال العام وتوضّح من هو صاحب القرار في غزة. في المقابل، فإن تصوّر "إسرائيل" عن الواقع في غزة قائم على نظرة متشككة نحو استراتيجية "المرحلة الثالثة"، التي تفترض أن العمليات المستهدفة دون إقامة دائمة للقوات في المناطق المحتلة ستسمح بتفكيك تدريجي لحكم حماس وإقامة نظام بديل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوضع على أرض الواقع مختلف عن هذه التصوّرات ذلك أن حماس لا تزال القوة الرئيسية في القطاع، ولا تسمح بتطوير بدائل (وحتى تحبطها، مثل المحاولة الإسرائيلية لتطوير اتصالات مع العائلات الكبيرة أو جلب عناصر الأمن التابعة للسلطة إلى القطاع).
ونتيجة لذلك، فإنه يضطر الجيش الإسرائيلي إلى العودة مرارا وتكرارا إلى المناطق التي احتلها بالفعل، خاصة في شمال القطاع.
ومن غير المفاجئ أن تحظى حماس بتأييد شعبي، كما هو واضح في الاستطلاع الذي نشره مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله مؤخرًا. وبحسب هذا الاستطلاع الثالث منذ بداية الحرب، فإن هناك عدة اتجاهات أساسية: دعم واسع لهجوم 7 أكتوبر، واستمرار سلطة حماس في قطاع غزة، إلى جانب إنكار شامل لجرائم الحرب التي ارتُكبت يوم الهجوم.
وكلّ هذه الأمور يجب أن تُثير تساؤلات حول رهان آخر يطرحه كبار المسؤولين في إسرائيل بشأن "الحد من تطرف الفلسطينيين" - وهو هدف مهم يتطلب مراجعة داخلية ورغبة في التغيير لا وجود لها حتى الآن.
وتواصل السياسة الاستراتيجية والعسكرية الاعتماد على شعارات عامة أبرزها النصر الكامل والاقتراب من الحسم، إلى جانب نظريّات ونماذج تبدو واعدة نظريًا لكنها تتعثّر على أرض الواقع وذلك بسبب، من بين أمور أخرى، غياب فهم عميق لثقافة الجانب الآخر وهو خلل سبق أن تسبب في إخفاق مرير للأمريكيين في حرب فيتنام والعراق وأفغانستان.
ويعكس هذا التفكير الإحباط ويفسّر السبب وراء صعوبة تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحرب وعدم القدرة على استغلال التفوّق العسكري الواضح لتحقيق "نتائج حاسمة" ضد كيان هجين مثل حركة حماس.